تلوح في الأفق بوادر استراتيجية جديدة يسعى الرئيس الأميركي دونالد ترمب لتنفيذها، وذلك سعياً لمواجهة السياسات الإيرانية في المنطقة مضافاً لها البرنامج النووي الذي لا يعدو في منظور ترمب سوى أنه أفشل اتفاق مر على أميركا على الإطلاق.
نسير مع القارئ الكريم في هذا المقال لاستعراض ملامح تلك الاستراتيجية.
حسب ما تم تداوله إلى الآن حول هذه الاستراتيجية، فإنه يتضح مدى أهميتها وأفق تطبيقها؛ فقد شارك في إعدادها كل من وزير الدفاع الأميركي ووزير الخارجية الأميركي ومستشار الأمن القومي، ومسؤولون كبار آخرون.
إذن تأتي الوزارات السابقة لتعطي ملامح على أن ما سيأتي في هذه الاستراتيجية قد تم إدراجه في هذه الاستراتيجية وفق تاريخ طويل من التعامل مع النظام الإيراني.
القارئ يتساءل، هل يعني ذلك أن الطريق ممهدة لتطبيق هذه الاستراتيجية بعد أن يصادق عليها الرئيس الأميركي؟
نسير معه بداية لنرى أهداف هذه الاستراتيجية والمتمثلة في:
- مواجهة الأنشطة الإيرانية المختلفة، بما فيها «السياسة المالية، ودعم الإرهاب، وزعزعة الاستقرار في المنطقة، لا سيما في سوريا والعراق واليمن».
- تعزيز عمليات الاعتراض الأميركية لشحنات الأسلحة الإيرانية، كتلك المتجهة إلى ميليشيات الحوثي في اليمن، والجماعات الفلسطينية في غزة، وإلى شبه جزيرة سيناء في مصر.
- تحجيم النفوذ الإيراني في البحرين.
- الرد بقوة أشد على استفزازات الزوارق الإيرانية ضد السفن الأميركية في الخليج.
- فرض عقوبات اقتصادية جديدة إذا انتهكت إيران شروط الاتفاق النووي 2015م.
- زيادة الضغط على طهران من أجل إضعاف برنامجها الصاروخي.
نلاحظ اتساق ملامح الاستراتيجية الجديدة مع توجهات ترمب وإدارته تجاه النظام الإيراني والذي بدا واضحاً خلال فترة الدعاية الانتخابية ثم لاحقاً عن طريق فرض عقوبات جديدة على النظام الإيراني، هذا ما دفع بتقرير وزارة الخارجية الأميركية الذي يصدر كل ثلاثة أشهر لتقييم مدى التزام إيران بالاتفاق النووي بأنه لا يتسق مع موقف ترمب، وهو ما دفعه إلى تحويل هذا الملف إلى لجنة خاصة لتقييم هذا الاتفاق ومدى التزام النظام الإيراني به، وقد لمحت مندوبة أميركا لدى الأمم المتحدة إلى أن النظام الإيراني يخترق روح الاتفاق.
على الرغم من تقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية بالتزام إيران بالاتفاق النووي، فإن هناك عدداً من الأدلة التي تشير إلى استمرار النظام الإيراني في محاولته تهريب معدات ذات استخدام مزدوج يمكن استخدامها في البرنامج الصاروخي وأخرى في البرنامج النووي. هذا ما أشار إليه تقرير الاستخبارات الألماني وكذلك الكشف عن عدد من الشركات والأشخاص.
مما تقدم يرى القارئ أن الإجابة عن تساؤله ستأتي بالإيجاب.
ربما، ولكن لنتذكر أنه وعلى الرغم من تهديدات ترمب فإن بحرية الحرس الثوري لا تزال تمارس عمليات استفزازية ضد السفن الحربية الأميركية منها تحليق طائرة إيرانية دون طيران فوق سفن حربية أميركية في الخليج دون أن تكون هناك ردة فعل وفق ما صرح به ترمب سابقاً.
في مقابل ذلك، تواجه تصريحات ترمب حيال إيران وبرنامجها النووي مواقف مغايرة لها، وذلك من خلال بقية دول الـ«5+1»، التي تؤكد ضرورة الالتزام بالاتفاق النووي، وهو ما أكدته منسقة الاتحاد الأوروبي للشؤون السياسية فيديريكا موغيريني بأن هناك فرقاً بين كوريا الشمالية وإيران وضرورة الالتزام بالاتفاق مع إيران.
النظام الإيراني سيسعى إلى مزيد من تعزيز كروته في المنطقة، مضافاً لذلك تعزيز موقف المجموعة الأوروبية وروسيا والصين من خلال ربطها بكثير من المشاريع الاقتصادية، وهو ما حدث بالفعل.
ويبقى السؤال المطروح ما هو موقف العالم ككل من منطقة الشرق الأوسط؟ ألا تسعى الدول الكبرى إلى ضمان مصالحها واستثماراتها في هذه المنطقة؟ أليس الاقتصاد والاستثمار مرهونين بهامش الأمن والاستقرار؟ إذا كان الأمر كذلك فكيف يتوجب التعامل مع النظام الإيراني الذي يقول عنه المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية التالي: «نعتقد أن إيران لا تمتثل لروح الاتفاق، لأنها خطة تدعو للسلام والأمن الإقليميين والدوليين، ولا نعتقد أن إيران تمتثل لذلك».
TT
ترمب واستراتيجيته تجاه إيران
المزيد من مقالات الرأي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة