أظهرت دراسة أميركية أن التعرض لمستويات أعلى من الضوء الصناعي ليلاً يرتبط بثلاثة تأثيرات سلبية رئيسية على صحة الإنسان، تشمل زيادة النشاط العصبي المرتبط بالإجهاد، والتهابات الشرايين، وارتفاع خطر الإصابة بأمراض القلب.
وأوضح الباحثون بكلية الطب في جامعة هارفارد أن الدراسة ترصد مساراً بيولوجياً محتملاً يربط بين الضوء الليلي وخطر أمراض القلب والدماغ، وستُعرض نتائج الدراسة أمام جلسات الاجتماع السنوي للجمعية الأميركية لأمراض القلب، المقرر عقده في الفترة من 7 إلى 10 نوفمبر (تشرين الثاني) 2025 في نيو أورلينز.
ويُعد التعرض للضوء الصناعي أثناء الليل جزءاً شائعاً من حياة المدن الحديثة. وتشير الأبحاث الحديثة إلى أن هذا التعرض لا يقتصر على كونه مجرد إزعاج بصري، بل له تأثيرات بيولوجية واضحة على الجسم. وتشمل مصادر هذا الضوء الشوارع المضيئة، ولافتات المحال التجارية، والشاشات الإلكترونية المستخدمة قبل النوم، ما يجعل الحد من هذا التعرض أمراً ضرورياً للحفاظ على صحة القلب والدماغ.
ووفق الباحثين، تعد هذه الدراسة الأولى من نوعها التي تربط بين التعرض للضوء الليلي الصناعي وصحة القلب عبر مسار بيولوجي محدد، إذ استخدم الباحثون مزيجاً من صور الدماغ بالأشعة المقطعية والنووية مع بيانات الأقمار الاصطناعية لقياس مستويات ضوء الليل في مناطق إقامة المشاركين.
وشملت الدراسة 450 شخصاً من دون أمراض قلبية أو سرطان نشط، أُجريت لهم فحوص لقياس النشاط العصبي المرتبط بالإجهاد ومستويات التهاب الشرايين.
وكشفت النتائج أن كل زيادة في التعرض للضوء الصناعي الليلي ارتبطت بارتفاع خطر الإصابة بأمراض القلب بنسبة نحو 35 في المائة خلال 5 سنوات، و22 في المائة خلال 10 سنوات، حتى بعد أخذ عوامل الخطر التقليدية وبيانات التلوث والظروف الاجتماعية في الاعتبار. كما زاد الخطر لدى المشاركين الذين يعيشون في مناطق تعاني من ضوضاء مرورية عالية أو انخفاض في الدخل.
وخلال متابعة استمرت 10 سنوات، أصيب 17 في المائة من المشاركين بمشكلات قلبية رئيسية. وأشار الباحثون إلى أن العلاقة بين التعرض للضوء الليلي وأمراض القلب كانت شبه خطية، إذ إن حتى الزيادات البسيطة في ضوء الليل ارتبطت بزيادة الإجهاد العصبي والتهابات الشرايين.
وأضافوا أن تعرض الدماغ للإجهاد يؤدي إلى إرسال إشارات تُحفّز استجابة مناعية تسبب التهابات في الأوعية الدموية، ما يرفع خطر الإصابة بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية على المدى الطويل.
كما أن الضوء الليلي المفرط يؤثر على الساعة البيولوجية للجسم، ويقلل إنتاج هرمون الميلاتونين، ويؤخر النوم، ما يرتبط أيضاً بزيادة خطر أمراض القلب.
وللتقليل من المخاطر، نصح الفريق البحثي على المستوى المجتمعي بتقليل الإضاءة الخارجية غير الضرورية، واستخدام مصابيح ذات حساسات حركة أو تغطية الشوارع بالمظلات لتقليل انتشار الضوء. أما على المستوى الشخصي، فيُنصح بالحفاظ على غرف نوم مظلمة وتجنب استخدام الشاشات الإلكترونية قبل النوم.



