المخاطر الخفية لـ«ما قبل السكري»

تفاقم خطر إصابتك بمشكلات صحية أخرى

جهاز قياس مستوى السكر بالقرب من أنواع الغذاء الصحي (غيتي)
جهاز قياس مستوى السكر بالقرب من أنواع الغذاء الصحي (غيتي)
TT

المخاطر الخفية لـ«ما قبل السكري»

جهاز قياس مستوى السكر بالقرب من أنواع الغذاء الصحي (غيتي)
جهاز قياس مستوى السكر بالقرب من أنواع الغذاء الصحي (غيتي)

يعاني نحو 98 مليون أميركي -أكثر من واحد من كل ثلاثة- من حالة «ما قبل السكري» (مقدمات السكري - prediabetes)، التي تعني أن متوسط كمية السكر (الغلوكوز) في دمهم مرتفعة، لكنها ليست مرتفعة بما يكفي لتشخيصهم بوصفهم مصابين بمرض السكري.

مقاومة الأنسولين

يحدث مرض السكري عندما يواجه الجسم صعوبة في استخدام توظيف الغلوكوز للحصول على الطاقة، وذلك بسبب تراجع مستوى استجابة الخلايا للأنسولين الذي ينتجه البنكرياس، وهي حالة تعرف باسم «مقاومة الأنسولين» (insulin resistance). وتجدر الإشارة إلى أن الأنسولين يُسهّل نقل الغلوكوز من الدم إلى الخلايا؛ ولذا يتراكم الغلوكوز غير المستخدم في مجرى الدم.

ويكمن الفرق بين مرض السكري ومقدمات السكري في مدى ارتفاع مستويات السكر بالدم. وفي هذا السياق، شرح د. هوارد لوين، الأستاذ المساعد بكلية الطب في جامعة «هارفارد»، ورئيس تحرير «هارفارد مينز هيلث ووتش»، أنه: «إذا كنت تعاني (ما قبل السكري)، فمن المؤكد أنك ترغب في منع تحوله إلى تشخيص لمرض السكري. إلا أنه إذا تركت حالة (ما قبل السكري) دون تدخل، فإنها تحمل قدراً كافياً من الخطورة في حد ذاتها، خصوصاً أنها تفاقم خطر إصابتك بمشكلات خطيرة أخرى، مثل أمراض القلب والأوعية الدموية، وأمراض الكلى المزمنة، ومرض الكبد الدهني، حتى لو لم تصب بمرض السكري الكامل مطلقاً».

الكبائر الثلاث

فيما يلي نظرة على كل من هذه الحالات الثلاث، وكيف تؤثر على الأشخاص المصابين بمقدمات السكري:

• أمراض القلب والأوعية الدموية: خلصت أبحاث إلى أن الأشخاص المصابين بحالة «ما قبل السكري» معرضون لخطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية (Cardiovascular disease) بنسبة 15 في المائة أكثر، مقارنة بالأشخاص الذين لا يعانون منها؛ ولذلك، فإنه من المهم للغاية الانتباه إلى عوامل الخطر القلبية الوعائية الأخرى، مثل التدخين وضغط الدم ومستوى الكوليسترول الدهني منخفض الكثافة (LDL)، المعروف باسم الكوليسترول «الضار».

وهنا، شرح د. لوين: «يجب على الأشخاص المصابين بـ(ما قبل السكري) الإقلاع عن التدخين، والسعي إلى تحقيق مستويات أقل من ضغط الدم والكوليسترول (الضار)، مقارنة بأولئك الذين ينعمون بمعدلات طبيعية من سكر الدم».

من جهتها، توصي الجمعية الأميركية للسكري، المصابين بمقدمات السكري بالسعي لتحقيق مستوى ضغط دم أقل من 140/90 ملليمتراً زئبقياً. ومع ذلك، ينصح د. لوين، الأشخاص مرضى مقدمات السكري بالسعي نحو تحقيق أرقام أقل، أقرب إلى 120/80 ملليمتراً زئبقياً. واستطرد موضحاً أنه: «يمكنك أنت وطبيبك تحديد أفضل هدف لك».

من جهتها، توصي الإرشادات المعلنة بهذا الصدد المصابين بـ«ما قبل السكري» بإبقاء مستويات الكوليسترول «الضار» أقل عن 100 ملليغرام لكل ديسيلتر. وأكد د. لوين أنه كلما انخفض مستوى الكوليسترول «الضار» كان ذلك أفضل. أما مرضى السكري فيوصيهم بالسعي لتحقيق مستوى 70 ملليغراماً لكل ديسيلتر أو أقل.

وشرح د. لوين: «من خلال خفض ضغط الدم والكوليسترول، تتراجع احتمالية تراكم اللويحات الدهنية في الشرايين، ما يعمل بمثابة ثقل مقابل في مواجهة خطر الإصابة بأمراض القلب والسكتة الدماغية، المرتبطة بمقدمات السكري».

وينصح د. لوين بتغيير نمط الحياة بوصفه نهجاً أساسياً لإدارة كل من ضغط الدم والكوليسترول، وإضافة الأدوية إذا لزم الأمر.

• أمراض الكلى والكبد

- مرض الكلى المزمن: تخلق الإصابة بحالة «ما قبل السكري» عبئاً إضافياً على الكلى، في أثناء عملها على تصفية السكر والنفايات الأخرى من الدم. وبمرور الوقت، يمكن أن يؤدي هذا إلى إتلافها.

وفي الواقع، خلصت دراسات إلى أن الأشخاص المصابين بـ«ما قبل السكري» أكثر عرضة للإصابة بأمراض الكلى المزمنة (Chronic kidney disease)، بمقدار الضعف، مقارنة بالأشخاص الذين لديهم مستويات طبيعية من السكر في الدم. ويتفاقم الخطر كلما طالت فترة إصابة الشخص بـ«ما قبل السكري».

- مرض الكبد الدهني: تزيد حالة «ما قبل السكري» من خطر الإصابة بمرض الكبد الدهني (fatty liver disease)، عبر عدة سبل، فمثلاً، يمكن أن تتسبب مستويات الغلوكوز المرتفعة، في تحويل الجسم للغلوكوز الزائد إلى دهون، التي يجري تخزينها في الكبد. ويمكن أن تؤدي مقاومة الأنسولين إلى إضعاف قدرة الكبد على معالجة الدهون وتفتيتها، ما يتسبب بدوره في تراكمها.

اختبارات «ما قبل السكري»

عادةً لا تظهر أعراض لحالة «ما قبل السكري»؛ ولذلك، فإن ما يقدر بنحو 80 في المائة من المصابين بهذه الحالة لا يدركون إصابتهم بها؛ لذلك يُنصح الأشخاص الذين يعانون من زيادة الوزن، بإجراء فحص لـ«ما قبل السكري» حتى ولو كانوا يتمتعون بصحة جيدة بشكل عام. وإلى جانب ذلك، عادة ما يطلب معظم الأطباء إجراء اختبار دم للهيموغلوبين الغليكوزيلاتي (اختبار خضاب الدم السكري - hemoglobin A1c)، الذي يوضح متوسط مستويات السكر في الدم عبر الشهور الثلاثة السابقة. وحسب الجمعية الأميركية للسكري، يجري تشخيص مقدمات السكري إذا كانت مستويات الهيموغلوبين الغليكوزيلاتي تقع بين 5.7 و6.4 في المائة.

تغييرات نمط الحياة

تُعدّ مسألة إدخال تغييرات على نمط الحياة، مثل فقدان الوزن، وممارسة الرياضة، وتعديل النظام الغذائي، أفضل الطرق لإدارة مستويات السكر في الدم، ومنع تطور «ما قبل السكري» إلى مرض السكري الكامل. (وقد يساعد في هذا المجال الحصول على قدر كافٍ من «فيتامين دي»).

تُهدد بحدوث أمراض القلب والكلى المزمنة والكبد الدهني

وشرح د. لوين، أن: «اتخاذ خيارات نمط حياة صحي لا يساعد فقط على خفض مستويات السكر في الدم، بل يسهم كذلك في تقليل خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، وتلف الكلى، والكبد الدهني. وحتى إذا كنت بحاجة إلى دواء للوصول إلى الأهداف المتعلقة بضغط الدم وكوليسترول البروتين الدهني منخفض الكثافة، فمن المحتمل أن تحتاج إلى جرعات أقل إذا ركزت على المجالات الثلاثة الآتية».

- إنقاص الوزن. إذا كنت تعاني من زيادة الوزن، فإن فقدان 5 إلى 10 في المائة من وزن جسمك الحالي، يمكن أن يُحسن مستويات ضغط الدم والكوليسترول. وحسب د. لوين، فإن فقدان الوزن، إذا لزم الأمر، يعد استراتيجية رئيسية للوقاية من مرض الكبد الدهني وعلاجه.

- ممارسة الرياضة. تنص الإرشادات الفيدرالية إلى ضرورة أن يمارس الجميع التمارين الهوائية متوسطة الشدة، لمدة 150 دقيقة على الأقل، أسبوعياً. وهنا، قال د. لوين: «أضف كذلك ساعتين أو ثلاث ساعات من تمارين المقاومة أسبوعياً، باستخدام الأوزان الحرة أو الآلات أو وزن الجسم».

بوجه عام، يرتبط الجمع بين التمارين الهوائية وتمارين المقاومة بتحسين التحكم في نسبة السكر في الدم، وتقليل خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، وتحسين صحة الكبد.

- النظام الغذائي. قلل من تناول الأطعمة الغنية بالكربوهيدرات البسيطة، مثل الخبز والمعكرونة والأرز والبطاطا والأطعمة المصنعة والمشروبات الغنية بالسكر، مثل عصير الفاكهة والمشروبات السكرية. ذلك لأن الجسم يهضم هذه الكربوهيدرات سريعاً، ويمكن أن تتسبب في ارتفاع وانخفاض مستويات السكر في الدم بسرعة. وينصح بالاستغناء عنها لصالح الكربوهيدرات المعقدة، مثل تلك الموجودة في الحبوب الكاملة والفاصوليا والبازلاء الخضراء والعدس، وكذلك ينبغي زيادة معدلات تناول الأطعمة الغنية بالألياف.

جدير بالذكر أن الألياف تساعد في إنقاص الوزن، عن طريق إبطاء عملية الهضم، ما يساعدك على الشعور بالشبع وتقليل الجوع بين الوجبات، حسبما أوضح د. لوين. ومن خلال إبطاء امتصاص الجسم للغلوكوز تهدأ وتيرة ارتفاع نسبة السكر في الدم.

• رسالة هارفارد «مراقبة صحة الرجل»، خدمات «تريبيون ميديا»


مقالات ذات صلة

نصائح للتحكم في النفس بنجاح

يوميات الشرق الثقة هي الأساس لأي علاقة ذات مغزى وتعمل كأساس حيوي يعزز الألفة والارتباط العاطفي (رويترز)

نصائح للتحكم في النفس بنجاح

قدَّم موقع «سيكولوجي توداي» نصائح للتحكُّم في النفس؛ حيث قال إن التحكم في النفس يشير إلى مقاومة الرغبات

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك سيدات يلتقطن الصور وسط الأضواء الموسمية المعروضة للاحتفال بعيد الميلاد ورأس السنة في أسواق بيروت (إ.ب.أ)

هل ترغب في تقوية جهازك المناعي خلال العطلات؟ كل ما عليك معرفته

يسلِّط كل هذا النشاط الضوء على أهمية الحفاظ على صحة أنظمتنا المناعية. فما بعض العادات التي يجب على الجميع تبنيها؟

يوميات الشرق المقر الرئيسي لإدارة الغذاء والدواء الأميركية (إف دي ايه) في ميريلاند (رويترز)

إدارة الغذاء والدواء الأميركية تحدث تعريف الأطعمة «الصحية»

اعتمدت إدارة الغذاء والدواء الأميركية (إف دي ايه) يوم الخميس تغييرات جديدة والتي بموجبها سيتعين على الأطعمة المعلبة في الولايات المتحدة اتباع قواعد جديدة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك 6 مأكولات بحرية... قيمتها الغذائية وفوائدها الصحية

6 مأكولات بحرية... قيمتها الغذائية وفوائدها الصحية

دون الحديث عن الأسماك، فإن عالم مأكولات الحيوانات البحرية متنوع بشكل كبير، ويكاد أن يكون واسعاً مثل سعة المحيطات نفسها.

د. حسن محمد صندقجي (الرياض)
صحتك استئصال اللوزتين ربما يرتبط بالإصابة بالقلق لاحقاً

استئصال اللوزتين ربما يرتبط بالإصابة بالقلق لاحقاً

كشفت دراسة لعلماء من السويد عن احتمالية وجود ارتباط بين استئصال اللوزتين، وكذلك إزالة اللحمية وخطر الإصابة باضطرابات نفسية مرتبطة بالقلق في وقت لاحق من الحياة

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)

«وكالة الأدوية الأميركية» تجيز دواء للسمنة لعلاج انقطاع التنفس أثناء النوم

حقنة لعقار «زيب باوند» Zepbound المعالج للسمنة من مختبر «إيلاي ليلي» (رويترز)
حقنة لعقار «زيب باوند» Zepbound المعالج للسمنة من مختبر «إيلاي ليلي» (رويترز)
TT

«وكالة الأدوية الأميركية» تجيز دواء للسمنة لعلاج انقطاع التنفس أثناء النوم

حقنة لعقار «زيب باوند» Zepbound المعالج للسمنة من مختبر «إيلاي ليلي» (رويترز)
حقنة لعقار «زيب باوند» Zepbound المعالج للسمنة من مختبر «إيلاي ليلي» (رويترز)

أعلنت السلطات الصحية الأميركية أنها أجازت علاجا مضادا للسمنة من مختبر «إيلاي ليلي» لعلاج انقطاع التنفس أثناء النوم بمستوياته المتوسطة إلى الشديدة لدى الأشخاص الذين يعانون من البدانة، ما قد يشكّل ثورة بالنسبة لأميركيين كثيرين.

وقالت المسؤولة في «وكالة الأدوية الأميركية» (إف دي إيه) سالي سيمور في بيان أمس (الجمعة) إنّ هذا الترخيص «يُعدّ إنجازا كبيرا للمرضى الذين يعانون من انقطاع التنفس الانسدادي أثناء النوم».

والعلاج، الذي يتم تسويقه تحت اسم «زيب باوند» Zepbound، مصرح به بالفعل للمرضى الذين يعانون من السمنة أو الوزن الزائد ولديهم في الوقت نفسه مشكلة صحية ذات صلة (كمرض السكري من النوع الثاني أو ارتفاع الكولسترول في الدم أو ارتفاع ضغط الدم).

وتابعت سيمور: «هذا هو العلاج الدوائي الأول الذي يُقدَّم للمرضى الذين يعانون من انقطاع التنفس أثناء النوم».

وتؤثر متلازمة انقطاع النفس الانسدادي أثناء النوم على حوالى 30 مليون بالغ في الولايات المتحدة، وفقا للأكاديمية الأميركية لطب النوم.

وتتّسم هذه المتلازمة بحدوث نوبات متكررة بشكل غير طبيعي من انقطاع التنفس أو انخفاضه أثناء النوم.

وبحسب دراسات عدة، فإن هذا الوضع يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية وارتفاع ضغط الدم وحتى الاكتئاب. وحتى الآن، اقتصرت العلاجات المتوافرة على أقنعة أو أجهزة محدّدة أو عمليات جراحية للمرضى.

وقالت «إدارة الغذاء والدواء الأميركية» إنه في تجربتين سريريتين، تبيّن أن علاج Zepbound يقلّل من تكرار نوبات انقطاع التنفس أثناء النوم. ومن المحتمل أن يكون هذا التحسّن مرتبطا بفقدان الوزن الذي سجّله المرضى، بحسب «إف دي إيه»، ووفق ما أفادت «وكالة الصحافة الفرنسية».

وقال مدير مختبرات «إيلاي ليلي» باتريك جونسون في بيان إن هذا «يُعدّ إنجازا كبيرا في تخفيف عبء هذا المرض والمشاكل الصحية الناجمة عنه».

وقد جرى توسيع ترخيص Zepbound ليشمل الأشخاص الذين يعانون من السمنة المفرطة المترافقة مع انقطاع التنفس أثناء النوم بشكله المعتدل إلى الشديد.

وتقول «إدارة الغذاء والدواء الأميركية» إن العلاج الذي يتم تناوله عن طريق الحقن مرة واحدة في الأسبوع يجب أن يقترن بالتمارين الرياضية واتّباع نظام غذائي منخفض السعرات الحرارية.

وينتمي هذا الدواء إلى جيل جديد من العلاجات التي أحدثت في السنوات الأخيرة ثورة في إدارة البدانة، وهي آفة صحية عامة.

تعتمد هذه العلاجات على محاكاة هرمون الجهاز الهضمي (GLP-1) الذي ينشّط المستقبِلات في الدماغ التي تؤدي دورا في تنظيم الشهية.

ويتم أيضا تسويق جزيء «تيرزيباتايد» tirzepatide من مختبرات «إيلاي ليلي» تحت اسم «مونجارو» للأشخاص الذين يعانون من مرض السكري من النوع الثاني، منذ ترخيص «إدارة الغذاء والدواء الأميركية» في عام 2022.

ويطلق على نظيره اسم «أوزمبيك» Ozempic، وهو علاج لاقى رواجا كبيرا في السنوات الأخيرة على شبكات التواصل الاجتماعي بسبب خصائصه في إنقاص الوزن.