التعرف على التوتر وإدارته: العلامات الرئيسية التي تشير إلى أن جسمك يحتاج إلى الراحة

متعامل في سوق العملات في بورصة شيكاغو التجارية في عام 2010 (رويترز)
متعامل في سوق العملات في بورصة شيكاغو التجارية في عام 2010 (رويترز)
TT

التعرف على التوتر وإدارته: العلامات الرئيسية التي تشير إلى أن جسمك يحتاج إلى الراحة

متعامل في سوق العملات في بورصة شيكاغو التجارية في عام 2010 (رويترز)
متعامل في سوق العملات في بورصة شيكاغو التجارية في عام 2010 (رويترز)

يعد التوتر مشكلة شائعة في الحياة الحديثة، حيث تعد الأمور المالية والأحداث الجارية والصحة والعلاقات، من أهم مسببات التوتر. عندما يشعر الجسم بتهديد، فإنه يفرز الكورتيزول والأدرينالين، استعداداً لاستجابة المواجهة أو الهروب. يمكن التحكم في هذا التوتر بالمدة القصيرة، لكن التوتر المطول يبقي الجسم في حالة متوترة، مما يؤدي إلى عواقب صحية وخيمة مثل ارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب ومرض السكري من النوع 2 والتهاب المفاصل وزيادة الوزن، حسب تقرير، (الثلاثاء)، لصحيفة «نيويورك بوست» الأميركية.

تؤكد جينيفر كينغ، من مركز الصدمات في جامعة «كايس ويسترن ريزورف»، أن تجاهل التوتر يمكن أن يؤدي إلى تآكل جسدي كبير. يتسبب التوتر المستمر في سلسلة من التغييرات، مما يجعل من الضروري التعرف على العلامات التي تشير إلى أن جسمنا يحتاج إلى استراحة. تشمل هذه العلامات التغيرات العاطفية وتوترات العلاقات والمرض ومشاكل الجهاز الهضمي.

التغيرات العاطفية

يمكن أن يؤثر التوتر والقلق بشكل كبير على الحالة المزاجية والوظائف الإدراكية. تشير الدكتورة غيردا مايسل إلى أن الإجهاد المزمن يمكن أن يسبب «دائرة مقفلة من الأفكار»، والتي تتداخل مع الذاكرة واتخاذ القرار. كما يمكن للإجهاد أن يردع الناس عن الانخراط في الأنشطة التي كانوا يستمتعون بها سابقاً ويؤدي إلى إهمال روتين العناية الذاتية مثل ممارسة الرياضة والأكل الصحي. ويمكن أن يؤدي الإجهاد الشديد إلى نوبات عاطفية وعدم القدرة على اتخاذ قرارات بسيطة.

التوتر في العلاقات

غالباً ما يؤثر الإجهاد على العلاقات، حيث يمكن لأقرب الناس إلينا اكتشاف التغيرات في المزاج والسلوك. تشمل الأعراض الانفعال والغضب والعزلة الذاتية. من المهم أن تكون منفتحاً وليس دفاعياً عندما يتعامل أحباؤك مع هذه التغييرات.

المرض

يضعف الإجهاد المزمن جهاز المناعة، مما يؤدي إلى زيادة تكرار الأمراض. وفقاً للجمعية الأميركية لعلم النفس، يقلل الإجهاد من عدد الخلايا القاتلة الطبيعية التي تحارب الفيروسات ويعيق استجابة الجسم المضادة للالتهابات، مما يجعله أكثر عرضة للإصابة بالعدوى.

مشاكل في الجلد والمعدة والنوم

يمكن أن يسبب الإجهاد مشاكل هضمية مختلفة، من عسر الهضم إلى متلازمة القولون العصبي، كما يؤثر على الشهية، مما قد يؤدي إلى تقلبات الوزن. يمكن أن تتفاقم حالات الجلد مثل حب الشباب والصدفية والأكزيما. بالإضافة إلى ذلك، يعطل الإجهاد أنماط النوم، مما يجعل من الصعب النوم أو البقاء نائماً ويؤدي إلى التعب خلال فترة الاستيقاظ.

معالجة الإجهاد

توصي آشلي فيلدز، المعالجة، بإجراء فحص يومي لتقييم الحالة العقلية وتحديد الاحتياجات. يمكن أن يخفف التوقف المتعمد، حتى بضع دقائق فقط في اليوم، من التوتر. تشمل الاستراتيجيات الفعّالة قضاء الوقت في الطبيعة، مما يعزز الدوبامين والإندورفين، والمشاركة في أنشطة مثل البكاء والتنهد والنظر إلى صور الأحباء وممارسة الرياضة واللمس الجسدي. بالنسبة للبعض، يُعد الجنس مسكناً فعالاً للتوتر.

في الختام، يُعد التعرف على علامات التوتر واتخاذ خطوات استباقية لإدارته، أمراً بالغ الأهمية للحفاظ على الصحة العامة والرفاهية. ويمكن أن يؤدي دمج فترات راحة صغيرة ومتعمدة في الروتين اليومي إلى تقليل التأثيرات السلبية للتوتر بشكل كبير.


مقالات ذات صلة

تعريض جسمك للبرودة الشديدة قد يساعدك على النوم بشكل أفضل

صحتك تعريض الجسم للبرودة الشديدة قد يساعد الشخص على النوم بشكل أفضل (رويترز)

تعريض جسمك للبرودة الشديدة قد يساعدك على النوم بشكل أفضل

كشفت دراسة جديدة عن أن تعريض الجسم للبرودة الشديدة قد يساعد الشخص على النوم بشكل أفضل.

«الشرق الأوسط» (أوتاوا)
صحتك اكتساب الوزن سريعاً بعد خسارته من المشكلات التي تؤرّق الكثير من الأشخاص (د.ب.أ)

لماذا يكتسب الكثيرون الوزن سريعاً بعد فقدانه؟

بحثت دراسة جديدة في السبب المحتمل وراء اكتساب الوزن سريعاً بعد خسارته، ووجدت أنه قد يرجع إلى ما أطلقوا عليه «ذاكرة الخلايا الدهنية».

«الشرق الأوسط» (برن)
صحتك تؤدي الكثير من عوامل الخطر إلى الإصابة بسكتة دماغية (رويترز)

للوقاية من السكتة الدماغية الشديدة... عالج هذه المخاطر

يمكن أن تؤدي الكثير من عوامل الخطر إلى الإصابة بسكتة دماغية، لكن بعض هذه العوامل والسلوكيات تكون مخاطرها شديدة للغاية لتتسبب في سكتات دماغية حادة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك نظام «تقييد السعرات الحرارية المتقطع» قد يؤدي إلى تغييرات ديناميكية كبيرة في الدماغ (رويترز)

اتباع هذا النظام الغذائي قد يتسبّب في تغييرات كبيرة بالدماغ

توصلت دراسة جديدة إلى أن اتباع النظام الغذائي الذي يُعرف باسم «تقييد السعرات الحرارية المتقطع» قد يؤدي إلى تغييرات ديناميكية كبيرة في الدماغ.

«الشرق الأوسط» (بكين)
صحتك فطر "الزر الأبيض" قد يبطئ تطور سرطان البروستاتا (رويترز)

نوع من الفطر يبطئ نمو سرطان البروستاتا... تعرف عليه

أكدت دراسة جديدة أنَّ فطر «الزر الأبيض» قد يبطئ تطور سرطان البروستاتا عن طريق إعاقة نمو الورم، ودعم الخلايا المناعية المقاومة للسرطان.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

الحياة الخاملة ترفع ضغط الدم لدى الأطفال

الحياة الخاملة ترفع ضغط الدم لدى الأطفال
TT

الحياة الخاملة ترفع ضغط الدم لدى الأطفال

الحياة الخاملة ترفع ضغط الدم لدى الأطفال

كشفت أحدث دراسة تناولت العوامل المؤثرة على ضغط الدم، عن الخطورة الكبيرة للحياة الخاملة الخالية من النشاط على الصحة بشكل عام، وعلى الضغط بشكل خاص. وأوضحت أن قضاء وقت من دون حركة كافية لفترة أكثر من 6 ساعات يومياً، يمكن أن يسبب زيادة في ضغط الدم الانقباضي (الخارج من البطين الأيسر- systolic blood pressure) بمقدار 4 ملِّيمترات زئبقية، وذلك في الفترة العمرية من الطفولة، وحتى بداية مرحلة البلوغ.

الخمول ومؤشرات الأمراض

أجريت الدراسة بالتعاون بين جامعتي «بريستول» و«إكستر» في المملكة المتحدة، وجامعة «شرق فنلندا»، ونُشرت في مطلع شهر نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الحالي، في مجلة «الهزال وضمور العضلات» (Journal of Cachexia, Sarcopenia and Muscle). وأكدت أن النشاط والخمول يلعبان دوراً رئيسياً في تنظيم الضغط؛ حيث يساهم الخمول وعدم الحركة في رفع ضغط الدم، بينما يساهم النشاط البدني الخفيف بشكل يومي في خفض الضغط. وفي الماضي وقبل التقدم التكنولوجي المعاصر، ولأن الأطفال كانوا في نشاط مستمر، كان ارتفاع ضغط الدم من الأمور شديدة الندرة في الأطفال.

قام الباحثون بمتابعة 2513 طفلاً من دراسة خاصة بجامعة «بريستول» على أطفال التسعينات من القرن الماضي، وتمت المتابعة من سن 11 إلى 24 عاماً. وركَّز الباحثون على الأطفال الذين قضوا تقريباً 6 ساعات يومياً من دون أي نشاط يذكر، ثم 6 ساعات يومياً في ممارسة تمارين خفيفة (LPA)، وأخيراً نحو 55 دقيقة يومياً في نشاط بدني يتدرج من متوسط إلى قوي (MVPA)، وبعد ذلك في بداية مرحلة المراهقة والشباب قضوا 9 ساعات يومياً في حالة خمول، ثم 3 ساعات يومياً في التمارين الخفيفة، ونحو 50 دقيقة يومياً في تمارين متوسطة إلى قوية.

تم أخذ عينات دم بعد فترة صيام لعدة ساعات للأطفال بشكل متكرر، لتثبيت العوامل التي يمكن أن تلعب دوراً مهماً في ارتفاع ضغط الدم، مثل قياس مستويات الكوليسترول منخفض الكثافة (LDL)، والكوليسترول عالي الكثافة (HDL)، والدهون الثلاثية (TG)، وأيضاً تم قياس منحنى الغلوكوز لكل 3 شهور (hba1c) في الدم، وكذلك هرمون الإنسولين، ودلالات الالتهاب مثل البروتين التفاعلي سي (C-reactive protein)، وقاموا بقياس معدل ضربات القلب.

بعيداً عن التحاليل الطبية، قام الباحثون برصد بقية العوامل المؤثرة في ارتفاع ضغط الدم، وتم سؤال الأطفال عن التاريخ العائلي للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، بجانب الحالة الاقتصادية والاجتماعية للعائلة، وحالة الطفل النفسية، وتعامل العائلة معه، وأيضاً نوعية الغذاء، وهل تحتوي على دهون أم لا، واستخدام ملح الطعام باعتدال. وبالنسبة للمراهقين والبالغين تم سؤالهم عن حالة التدخين، بالإضافة إلى قياس كتلة الدهون في الجسم، وكذلك الكتلة العضلية.

ضغط الدم في الأطفال

قال العلماء إن الدراسة الحالية تُعد أكبر وأطول دراسة متابعة في العالم، لرصد العلاقة بين حجم النشاط البدني ومستوى ضغط الدم في الأطفال والمراهقين، وصولاً لمرحلة البلوغ. وحتى تكون الدراسة معبرة عن التغيرات الطبيعية التي تحدث للضغط في المراحل العمرية المختلفة، قام الباحثون بقياس ضغط الدم بعد فترات الخمول والتمرينات الخفيفة ومتوسطة الشدة، في عمر الحادية عشرة (نهاية فترة الطفولة) وفي عمر الخامسة عشر (فترة المراهقة والتغيرات الهرمونية) وأخيراً في عمر الرابعة والعشرين (مرحلة البلوغ).

وجد الباحثون أن متوسط ضغط الدم في مرحلة الطفولة كان 106/ 56 ملِّيمتراً زئبقياً، وبعد ذلك ارتفع إلى 117/ 67 ملِّيمتراً زئبقياً في مرحلة الشباب. ويرجع ذلك جزئياً -في الأغلب- إلى النمو الفسيولوجي الطبيعي المرتبط بالسن، وأيضاً ارتبطت الزيادة المستمرة في وقت الخمول من سن 11 إلى 24 عاماً بزيادة ضغط الدم الانقباضي في المتوسط بمقدار 4 ملِّيمترات زئبقية.

لاحظ الباحثون أن المشاركة في التمرينات الخفيفة بانتظام من الطفولة وحتى البلوغ، ساهمت في خفض مستوى الضغط الانقباضي بمقدار 3 ملِّيمترات زئبقية تقريباً. وفي المقابل تبين أن ممارسة التمرينات الشاقة والقوية لم تساهم في خفض الضغط بعكس المتوقع، وذلك لأن زيادة حجم الكتلة العضلية ارتبط بزيادة الدم المتدفق إليها، مما سبب زيادة طفيفة في ضغط الدم، ما يوضح الأهمية الكبرى للنشاط البدني الخفيف بانتظام؛ لأنه يُعد بمثابة وقاية من خطر ارتفاع ضغط الدم.

النشاط البدني الخفيف المنتظم يقي من خطره

أكد الباحثون أن أي فترة صغيرة في ممارسة النشاط الحركي تنعكس بالإيجاب على الطفل. وعلى سبيل المثال عندما استُبدلت بعشر دقائق فقط من كل ساعة تم قضاؤها في حالة خمول، فترة من التمرينات الخفيفة (LPA) في جميع مراحل النمو من الطفولة إلى مرحلة الشباب، انخفض ضغط الدم الانقباضي بمقدار 3 ملِّيمترات زئبقية، وضغط الدم الانبساطي بمقدار ملِّيمترين زئبقيين، وهو الأمر الذي يُعد نوعاً من الحماية من خطر الإصابة بالنوبات القلبية والسكتة الدماغية؛ لأن خفض ضغط الدم الانقباضي بمقدار 5 ملِّيمترات زئبقية فقط يقلل بنسبة 10 في المائة من الذبحة الصدرية وجلطة المخ.

من المعروف أن منظمة الصحة العالمية (WHO) أصدرت تقارير تفيد باحتمالية حدوث 500 مليون حالة مرضية جديدة من الأمراض غير المعدية المرتبطة بالخمول البدني بحلول عام 2030، ونصف عدد هذه الحالات بسبب ارتفاع ضغط الدم. ونصحت المنظمة بضرورة ممارسة النشاط البدني الخفيف لمدة 3 ساعات على الأقل يومياً، للحماية من الإصابة بضغط الدم، وأيضاً لأن هذه التمرينات بمثابة علاج للضغط العالي للمرضى المصابين بالفعل. وأكدت أن النشاط البدني لا يشترط وقتاً أو مكاناً معيناً، مثل المشي لمسافات طويلة، وركوب الدراجات، وحتى القيام بالأعمال المنزلية البسيطة.

* استشاري طب الأطفال