تحذيرات صحية من الأطعمة المعالَجة صناعياً

الأنواع فائقة المعالجة لها صلة بخطر الإصابة بأمراض السكري والسمنة

 نصف السعرات الحرارية للفرد الأميركي العادي يأتي من الأنواع فائقة المعالجة
نصف السعرات الحرارية للفرد الأميركي العادي يأتي من الأنواع فائقة المعالجة
TT

تحذيرات صحية من الأطعمة المعالَجة صناعياً

 نصف السعرات الحرارية للفرد الأميركي العادي يأتي من الأنواع فائقة المعالجة
نصف السعرات الحرارية للفرد الأميركي العادي يأتي من الأنواع فائقة المعالجة

بادئ ذي بدء، دعونا نؤكد أن تناول كثير من الأطعمة الكاملة أو تلك التي نالت الحد الأدنى من المعالجة الصناعية، يعدّ الاستراتيجية المثلى للحفاظ على قلبك - وبقية جسمك - في حالة جيدة. ونحن نتحدث هنا عن الخضراوات والفواكه والحبوب الكاملة والبقوليات والمكسرات. ومع ذلك، فإن قائمة طعامك تتضمن بالتأكيد عدداً من الأطعمة المعالجة كذلك.

درجات الأغذية المعالجة صناعياً

في الواقع؛ أي شيء يغير الطعام عن حالته الطبيعية يعدّ معالجة. وفي هذا السياق، أوضح الدكتور تشي صن، الأستاذ المساعد بقسم التغذية وعلم الأوبئة في «كلية تي إتش تشان للصحة العامة» التابعة لجامعة هارفارد: «فيما يتعلق ببعض الأطعمة، فإن المعالجة تجعلها أكثر أماناً، على سبيل المثال بسترة الحليب الخام».

الملاحظ أن هذا النوع من المعالجة البسيطة لا يحدث تغييراً كبيراً في المحتوى الغذائي للطعام. ومن بين الأمثلة الأخرى للحد الأدنى من المعالجة، تقطيع وتجميد الخضراوات والفواكه وَشَيّ الدجاج.

عند المستوى التالي نجد الأطعمة المعالجة التي تحوي قدراً ضئيلاً من المكونات المضافة. ومن أمثلة هذه الأطعمة: الخضراوات المعلبة المعبأة في الماء والملح، والخبز الطازج، وزبدة الفول السوداني.

أما الأطعمة التي تجري معالجتها بدرجة أكبر - لدرجة أنه غالباً لا يمكن التعرف على الطعام الأصلي بها - فهي أطعمة «فائقة المعالجة» (انظر الجدول). وتتضمن هذه الأطعمة مواد مضافة، مثل المواد الحافظة والزيت والسكر والملح والملونات والنكهات. وتتضمن الأمثلة: رقائق الجبن، والكعك، وحبوب الإفطار، واللبن الزبادي المجمد، والحلويات المعبأة، والنقانق، ووجبات العشاء القابلة للتسخين في الميكروويف.

سعرات حرارية وأمراض خطرة

تكمن المشكلة الرئيسية في الأطعمة فائقة المعالجة ببساطة في أن الناس يتناولون منها كميات كبيرة للغاية. وتكشف الأرقام عن أن أكثر من نصف السعرات الحرارية في النظام الغذائي للأميركي العادي يأتي من الأطعمة فائقة المعالجة. وربما يرجع ذلك إلى أن كثيراً منها عبارة عن كربوهيدرات حلوة أو مالحة، مثل البسكويت ورقائق البطاطا التي يسهل الإفراط في تناولها. وخلصت إحدى الدراسات الصغيرة، التي جرى التحكم فيها بعناية، إلى أن الأشخاص يميلون إلى تناول نحو 500 سعرة حرارية إضافية يومياً عندما يجري تقديم الأطعمة فائقة المعالجة بشكل أساسي لهم، مقابل الأطعمة غير المعالجة في الجزء الأكبر منها، حتى عندما تحتوي الوجبات كميات متساوية من العناصر الغذائية الرئيسية.

وطبقاً لنتائج مراجعة نشرتها دورية «التغذية المتقدمة (أدفانسيز إن نيوتريشن)» في يناير (كانون الثاني) 2024، فإن ثمة صلة بين الأطعمة فائقة المعالجة وخطر الإصابة بأمراض السكري، وارتفاع ضغط الدم، ونسبة الدهون الضارة في الدم، والسمنة.

ويشير بعض الأبحاث إلى أن بعض الإضافات المستخدمة في عملية المعالجة، مثل المستحلبات (التي تساعد على امتزاج الدهون والسوائل معاً)، يلعب دوراً في زيادة مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية. وتشير نظرية أخرى إلى أن الأطعمة فائقة المعالجة قد تلحق الضرر بالميكروبيوم، لكن الأدلة المرتبطة بذلك لا تزال في مرحلة التبلور، وفق ما شرح الدكتور صن.

هل معالجة الغذاء أصل المشكلة؟

بدلاً من التركيز على حجم المعالجة الذي تعرض له الطعام، فمن المنطقي الاهتمام بالمكونات الأساسية للطعام. عن ذلك قال الدكتور صن: «على سبيل المثال، بعض الأطعمة فائقة المعالجة المصنوعة من الحبوب الكاملة ومنتجات الألبان؛ بما في ذلك حبوب الإفطار والزبادي المحلى بنكهة الفاكهة، ليس بالضرورة غير صحي».

بطبيعة الحال، تعدّ البدائل الأقل معالجة - مثل الشوفان واللبن الزبادي العادي مع الفواكه الطازجة - أكثر صحية، لكن 3 دراسات رصدية كبيرة، أجريت في الولايات المتحدة، كشفت عن ارتباط خبز الحبوب الكاملة وحبوب الإفطار واللبن فائقة المعالجة بتراجع خطر الإصابة بالسكري من النوع الثاني وأمراض القلب والأوعية الدموية.

في المقابل، ارتبطت المشروبات المحلاة صناعياً والمحلاة بالسكر واللحوم المعالجة والأطباق الجاهزة للأكل، بتفاقم مخاطر الإصابة بهذه الأمراض، وفق ما ذكر الدكتور صن. وعندما يتعلق الأمر بتقليص كميات الأطعمة المعالجة من نظامك الغذائي، فإن تناول الماء محل المشروب الغازي، وتجنب النقانق والسلامي واللحوم الباردة، يعدّان خطوة أولى جيدة بهذا الاتجاه. ولا تنسوا أنه حتى بعض الأطعمة ذات الحد الأدنى من المعالجة، مثل اللحوم الحمراء والزبدة، ليست جيدة لصحة القلب والأوعية الدموية، وفق ما استطرد الدكتور صن.

بجانب ما سبق، تعدّ الأطباق الجاهزة للأكل أو الوجبات المجمدة القابلة للتسخين في الميكروويف مفيدة للأشخاص الذين لا يملكون الوقت أو الرغبة في الطهي من الصفر، وغالباً ما تشكل خياراً أفضل من تناول الهامبرغر والبطاطا المقلية. بوجه عام، عليك البحث عن الخيارات التي تتضمن الحبوب الكاملة والخضراوات ومصادر البروتين الصحية، مثل الفول ومنتجات الألبان قليلة الدسم والدجاج والسمك. تأكد من أن الوجبة لا تحتوي أكثر من 500 مليغرام من الصوديوم، وأن تكون نسبة الدهون المشبعة فيها ضئيلة (أقل من 10 في المائة من إجمالي السعرات الحرارية).

ليس هناك أي ضرر من تناول رقائق البطاطا أو الحلوى في نوع من تدليل الذات بعض الأحيان... فقط لا تدع هذه الأطعمة الفقيرة من المواد الغذائية تزاحم الأطعمة الصحية على مائدتك.

* «رسالة هارفارد للقلب» - خدمات «تريبيون ميديا»


مقالات ذات صلة

هل يمكن التخلص من السعال المستمر؟

صحتك هل يمكن التخلص من السعال المستمر؟

هل يمكن التخلص من السعال المستمر؟

يعدّ مزمناً إن استمر 8 أسابيع أو أكثر

مورين سالامون (كمبردج (ولاية ماساتشوستس الأميركية))
صحتك «كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

«كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

يؤثر على 6 : 11 % من المرضى

ماثيو سولان (كمبردج (ولاية ماساشوستس الأميركية))
صحتك خاتم «أورا» الذكي

خواتم ذكية تكشف الرجفان الأذيني

الخواتم الذكية - أحدث فئة من الأجهزة القابلة للارتداء - يمكنها القيام بعدد من الأشياء التي يمكن أن تقوم بها الساعة الذكية، بما في ذلك مراقبة معدل ضربات القلب،…

جولي كورليس (كمبردج (ولاية ماساشوستس الأميركية))
صحتك هل يمكننا قياس مدى سرعة شيخوخة أجسادنا؟

هل يمكننا قياس مدى سرعة شيخوخة أجسادنا؟

لتطوير علاجات مضادة للهرم

د. أنتوني كوماروف (كمبردج (ولاية ماساشوستس الأميركية))
صحتك دليلك إلى التنفس الأفضل... بعد نزلة برد أو التهاب رئوي

دليلك إلى التنفس الأفضل... بعد نزلة برد أو التهاب رئوي

مع اقتراب الشتاء خطوات صحية لتنظيف الشُعب الهوائية


العيش في الأحياء الفقيرة يؤثر على القدرات العقلية

العيش في أحياء محرومة يرتبط بارتفاع ضغط الدم وتدني القدرات العقلية (رويترز)
العيش في أحياء محرومة يرتبط بارتفاع ضغط الدم وتدني القدرات العقلية (رويترز)
TT

العيش في الأحياء الفقيرة يؤثر على القدرات العقلية

العيش في أحياء محرومة يرتبط بارتفاع ضغط الدم وتدني القدرات العقلية (رويترز)
العيش في أحياء محرومة يرتبط بارتفاع ضغط الدم وتدني القدرات العقلية (رويترز)

توصلت دراسة أميركية إلى أن العيش في أحياء محرومة يرتبط بارتفاع ضغط الدم وتدني القدرات العقلية، حتى بين الأفراد الذين لا يعانون ضعفاً إدراكياً خفيفاً.

وأوضح الباحثون، من كلية الطب بجامعة ويك فوريست، أن هذه الدراسة تُسلط الضوء على تأثير البيئة السكنية على صحة الأفراد. ونُشرت النتائج، الجمعة، في دورية «Alzheimer’s & Dementia».

وتُعرَّف الأحياء المحرومة أو الفقيرة بأنها مناطق سكنية تفتقر إلى الموارد الاجتماعية والاقتصادية الأساسية مثل التعليم الجيد، والفرص الوظيفية، والإسكان الملائم، والخدمات الصحية، ما يخلق بيئة غير مواتية لتحسين الصحة وجودة الحياة. وغالباً ما تعاني هذه المناطق مستويات عالية من الفقر والبطالة وقلة الخدمات العامة، مما يزيد من تعرض سكانها لمخاطر صحية.

ووفق الباحثين، هدفت الدراسة إلى تحليل العلاقة بين الفقر في الأحياء المختلفة، ومقاييس الصحة القلبية والتمثيل الغذائي والقدرة العقلية لدى الأفراد الذين يعانون ضعفاً إدراكياً خفيفاً، وآخرين لا يعانون هذا الضعف.

وتشير القدرات العقلية إلى العمليات الذهنية التي تشمل التفكير والتعلم والذاكرة والانتباه واتخاذ القرارات. ويُعدّ ضعف الإدراك الخفيف تراجعاً في مهارات الذاكرة والتفكير، ويكون أكثر من المتوقع مع التقدم الطبيعي في العمر، ويشكل عامل خطر للإصابة بالخرف.

وحلَّل الفريق بيانات 537 بالغاً تجاوزوا سن الـ55 عاماً بين عامي 2016 و2021، وخضعوا لفحوصات سريرية، واختبارات الإدراك العصبي، والتصوير العصبي، بالإضافة إلى اختبارات لفحص مستويات السكر والكوليسترول في الدم، وضغط الدم المرتفع. ووجد الباحثون أن الأشخاص الذين يعيشون في أحياء محرومة يُظهرون مستويات أعلى من ضغط الدم، مقارنة بالأشخاص الذين يعيشون في أحياء أكثر رفاهية.

كما أظهرت النتائج أن العيش في أحياء محرومة يرتبط بتدني درجات القدرات العقلية، مثل الذاكرة والانتباه والتركيز، حتى لدى الأشخاص الذين لا يعانون ضعفاً إدراكياً معتدلاً.

كما ارتبطت الأحياء المحرومة أيضاً بزيادة المخاطر الصحية المرتبطة بأمراض القلب والتمثيل الغذائي، مثل ارتفاع مستويات السكر في الدم لدى الأشخاص الذين يعانون ضعفاً إدراكياً خفيفاً.

ويشير فريق البحث إلى أن عدداً من أمراض القلب والتمثيل الغذائي قد تسهن في زيادة خطر ضعف الإدراك والخرف. وتشمل أمراضَ القلب التي تؤثر على صحة الأوعية الدموية، بالإضافة إلى اضطرابات التمثيل الغذائي التي تتعلق بعمليات الأيض. كما تبرز عوامل الخطر المرتبطة بهذه الحالات مثل ارتفاع السكر بالدم، وضغط الدم المرتفع، وارتفاع مستويات الكوليسترول، والسمنة، والتي تتداخل بشكل كبير مع تطور التدهور العقلي.

وبناء على نتائج الدراسة، شدد الفريق على ضرورة تنفيذ تغييرات هيكلية لتحسين البيئة السكنية في الأحياء المحرومة، مثل تعزيز الوصول إلى التعليم، والفرص الوظيفية، والإسكان المناسب، والخدمات الصحية؛ بهدف تقليل المخاطر القلبية والعقلية.