شرائح إلكترونية وجينات معدّلة تعيد السمع والحركة للبشر

الطفل عصام الذي تمكن من السمع للمرة الأولى في حياته بعد خضوعه للعلاج الجيني (أ.ب)
الطفل عصام الذي تمكن من السمع للمرة الأولى في حياته بعد خضوعه للعلاج الجيني (أ.ب)
TT

شرائح إلكترونية وجينات معدّلة تعيد السمع والحركة للبشر

الطفل عصام الذي تمكن من السمع للمرة الأولى في حياته بعد خضوعه للعلاج الجيني (أ.ب)
الطفل عصام الذي تمكن من السمع للمرة الأولى في حياته بعد خضوعه للعلاج الجيني (أ.ب)

بعد أيام من إعلان باحثين صينيين وآخرين أميركيين، عن تطوير علاج جيني يمكنه إعادة السمع إلى أطفال يعانون صمماً خلقياً، كشف الملياردير الأميركي إيلون ماسك، عن أن شركته «نيورالينك» أجرت أول عملية لزراعة شريحة دماغية على إنسان، في خطوة تهدف إلى مساعدة الأشخاص المصابين بالشلل، ثم أولئك الذين يعانون فقدان السمع والبصر.

وتكشف هذه الخطوات عن الدور الذي يلعبه العلم الحديث في علاج إعاقات البشر بشكل فعال. فقبل أيام، قال تقرير نشر في مجلة «ذا لانسيت» الطبية: إن خمسة من بين ستة أطفال صغار يعانون الصمم الحاد شهدوا تحسناً في حاسة السمع، فضلاً عن تحسن في التعرف على الكلام بعد ستة أشهر من الخضوع للعلاج الذي تطوره شركة «ريفريشجين ثيرابيوتكس» الصينية.

وبحسب وكالة «رويترز» للأنباء، فقد كان جميع الأطفال يعانون صمماً حاداً ناجماً عن طفرات في جين «أو تي أو إف» (أوتوفيرلين). ويعدّ بروتين «الأوتوفيرلين» أساسياً لنقل الإشارات الصوتية من الأذن إلى الدماغ.

وتشير أبحاث سابقة إلى أن طفرات هذ الجين مسؤولة عن اثنين إلى ثلاثة في المائة من حالات الصمم الخلقي. واستخدم الباحثون في تدخلات جراحية أجريت في مستشفى العيون والأنف والأذن والحنجرة بجامعة فودان الصينية، فيروساً غير ضار لحمل نسخة من الجين البشري إلى الأذن الداخلية للمرضى.

الطفرات في جين «أوتوفيرلين» مسؤولة عن 2 إلى 3 في المائة من حالات الصمم الخلقي (رويترز)

وأعلن الباحثون بعد 26 أسبوعاً، أن خمسة من الأطفال الستة بدت عليهم مؤشرات على تحسن السمع، فضلاً عن تحسن كبير في إدراك الكلام والقدرة على إجراء محادثات. وأضاف الباحثون، أن الأعراض الجانبية جاءت في معظمها طفيفة ولم يكن لأي منها تأثير طويل المدى. والباحثون غير متأكدين من سبب عدم استجابة الطفل السادس للعلاج. وأحد التفسيرات المحتملة هو أن بعض محلول العلاج الجيني تسرب من الأذن الداخلية أثناء الجراحة أو بعدها.

وفي سياق متصل، تمكّن صبيّ في الحادية عشرة بعد خضوعه لعلاج جيني جديد من أن يسمع «للمرة الأولى في حياته»، على ما أعلن مستشفى في مدينة فيلادلفيا الأميركية الأسبوع الماضي. ووفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية، فقد تمكن الطفل عصام، الذي نشأ في المغرب، من التعرّف مثلاً على هدير السيارات، وصوت والده، وذلك الصادر عن مقص الشعر.

وأوضح مستشفى فيلادلفيا للأطفال (CHOP) الذي أجرى العلاج في بيان، أن هذا الإنجاز، وهو الأول من نوعه في الولايات المتحدة، ويوفّر أملاً للمرضى الذين يعانون فقدان السمع الناجم عن تحوّرات جينية في كل أنحاء العالم. ومثله مثل أطفال مستشفى العيون والأنف والأذن والحنجرة بجامعة فودان الصينية، كان عصام أيضاً يعاني الصمم الحاد الناجم عن خلل في جين «أوتوفيرلين».

وقال مدير الأبحاث السريرية في قسم طب الأنف والأذن والحنجرة في المستشفى، الجرّاح جون جيرميلر: إن «العلاج الجيني لفقدان السمع هو هدف يسعى إليه الأطباء والعلماء المتخصصون في فقدان السمع منذ أكثر من 20 عاماً». وأضاف: «لقد وصلنا إليه أخيراً».

وأوضح في البيان، أن العلاج الجيني الذي طُبِّقَ على المريض «يهدف إلى تصحيح خلل جين نادر جداً، لكنّ هذه الدراسات يمكن أن تمهد الطريق للاستهداف المستقبلي لأكثر من 150 جيناً آخر تسبب فقدان السمع لدى الأطفال». يأتي ذلك وسط إعلان إيلون ماسك، أن شركة «نيورالينك» التابعة له أجرت أول عملية لزراعة شريحة دماغية على إنسان، وهي خطوة كبيرة نحو هدف الملياردير المتمثل في مساعدة الأشخاص المصابين بالشلل، ثم أولئك الذين يعانون فقدان السمع والبصر من التحكم في الهواتف وأجهزة الكومبيوتر بعقولهم.

إيلون ماسك يمسك بالشريحة الدماغية المبتكرة (أ.ف.ب)

وترسل الشريحة إشارات الدماغ لاسلكياً إلى تطبيق تابع لـ«نيورالينك»، فيقوم بتحويلها أفعالاً.

وتعتمد شركة «نيورالينك» على تكنولوجيا تم استخدامها لعقود طويلة، تهدف إلى زرع أقطاب كهربائية في أدمغة الإنسان لتفسير بعض الإشارات الدماغية وعلاج حالات، مثل الشلل والصرع ومرض «باركنسون».

وعلى الرغم من كل هذه التطورات العلمية، فإنها قد تواجه صعوبات في الحصول على تراخيص لاستخدامها، خاصة تلك التي تنطوي على استخدام تكنولوجيا جديدة على البشر، مثل تلك الخاصة بـ«شرائح إيلون ماسك».

ومنحت «هيئة الغذاء والدواء» الأميركية ترخيصاً لـ«نيورالينك» لبدء التجارب البشرية على الشريحة في مايو (أيار) من العام الماضي، وذلك بعد رفضها الأمر في البداية بسبب مخاوف تتعلق بسلامة الأشخاص.

جاء ذلك بعد أن أجرت الشركة سلسلة من تجارب الزرع على حيوانات مختلفة، تعرّضت لانتقادات شديدة بسببها. فقد أفادت تقارير إخبارية، بأن التجارب، التي أُجريت على الحيوانات، تسببت في معاناة لبعضها، حيث أظهرت السجلات البيطرية مشكلات في عمليات زرع الشريحة في أدمغة القرود منها الشلل وتورم الدماغ.

وقال موظفون سابقون بشركة «نيورالينك»، لوكالة «رويترز» للأنباء: إنه في إحدى الحالات، جرى زرع الجهاز في موضع خاطئ بالخنازير؛ ما أدى إلى نُفوقها.


مقالات ذات صلة

مليارديرات يطوِّرون حبوباً لـ«إطالة عمر الأثرياء»

صحتك الحبوب تستهدف الأغنياء فقط نظراً لتكلفتها المرتفعة (رويترز)

مليارديرات يطوِّرون حبوباً لـ«إطالة عمر الأثرياء»

يعمل عدد من المليارديرات على تطوير حبوب لإطالة العمر، يقول الخبراء إنها تستهدف الأغنياء فقط، نظراً لتكلفتها المرتفعة المتوقعة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك ممرضة تقيس ضغط دم أحد الأشخاص داخل «مركز شرق آركنساس الصحي العائلي» في ليبانتو (أرشيفية - رويترز)

6 خطوات للحفاظ على ضغط دم آمن خلال الطقس البارد

مع دخول فصل الشتاء، وزيادة برودة الأجواء، ما التأثير الذي قد يخلفه هذا الجو على صحتنا؟ وهل له تأثير على ضغط الدم؟

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك صناديق من عقاري «أوزمبيك» و«ويغوفي» من إنتاج شركة «نوفو نورديسك» في صيدلية بلندن (رويترز)

دراسة تكشف ميزة جديدة لأدوية إنقاص الوزن مثل «أوزمبيك»: تحمي الكلى

أفادت دراسة جديدة بأن أدوية السمنة الشائعة، مثل «أوزمبيك»، قد تساعد أيضاً في حماية الكلى.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك صورة توضيحية لتشريح العين وتقنيات الحقن المستخدمة (الشرق الأوسط)

تقنيات حديثة لحقن الأدوية في شبكية العين

أظهرت إرشادات نُشرت لأول مرة في دراسة حديثة، فوائد فريدة من نوعها توفرها حقن الحيز فوق المشيميّة للمرضى الذين يعانون من مشكلات في شبكية العين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
صحتك تقوم الكبد بالعديد من الوظائف الحيوية بالجسم (رويترز)

ما سبب زيادة انتشار مرض الكبد الدهني خلال السنوات الأخيرة؟

أكد طبيب أميركي أن الاستهلاك المتزايد للمشروبات الغازية ومشروبات الطاقة والأطعمة شديدة المعالجة ساهم في زيادة انتشار «مرض الكبد الدهني» خلال السنوات الأخيرة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

الشخير عند المراهقين ربما يرتبط بمشكلات سلوكية

الشخير عند المراهقين ربما يرتبط بمشكلات سلوكية
TT

الشخير عند المراهقين ربما يرتبط بمشكلات سلوكية

الشخير عند المراهقين ربما يرتبط بمشكلات سلوكية

أظهرت دراسة حديثة أجراها باحثون في كلية الطب بجامعة ماريلاند بالولايات المتحدة، ونُشرت في النصف الثاني من شهر نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الحالي في مجلة «الرابطة الطبية الأميركية» (JAMA Network Open) أن المراهقين الذين يعانون من أعراض الشخير (snoring) باستمرار، أكثر عرضة لمشاكل السلوك، مثل: عدم الانتباه، وخرق القواعد المتبعة، والعدوانية. وأكدت أن هذه السلوكيات ليست نتيجة لمرض عضوي عصبي في المخ، وبالتالي فإنهم لا يعانون من أي تراجع في قدراتهم المعرفية.

أسباب الشخير

يحدث الشخير بسبب صعوبة التنفس بشكل طبيعي من الأنف، لكثير من الأسباب، أشهرها تضخم اللوز واللحمية. ونتيجة لذلك يتنفس الطفل من الفم، وفي بعض الأحيان يحدث توقف مؤقت في التنفس أثناء النوم يجبر الطفل على الاستيقاظ. وعادة ما يكون ذلك بسبب ضيق مجرى الهواء أو انسداده. وفي الأغلب تؤدي مشاكل التنفس أثناء الليل إلى تقليل إمداد المخ بالأكسجين بشكل بسيط. وعلى المدى الطويل يؤدي ذلك إلى تغييرات طفيفة في المخ؛ خصوصاً أثناء التكوين في فترة الطفولة.

تتبع أثر الشخير لسنوات طويلة

تُعد هذه الدراسة هي الأكبر حتى الآن في تتبع عرض الشخير وأثره على الأطفال، بداية من مرحلة الدراسة الابتدائية وحتى منتصف مرحلة المراهقة؛ حيث قام الباحثون بتحليل البيانات الخاصة بنحو 12 ألف طالب مسجلين في دراسة خاصة بالتطور المعرفي للمخ في المراهقين (ABCD) في الولايات المتحدة.

وتم عمل مسح كامل للتاريخ المرضي لعرض الشخير عن طريق سؤال الآباء عن بداية ظهوره، ومعدل تكراره، سواء في مرحلة الطفولة أو المراهقة. وكانت سن الأطفال وقت بداية الدراسة يتراوح بين 9 و10 سنوات. وكانت هناك زيارات سنوية لهم حتى سن 15 سنة، لتقييم تطور عرض الشخير، وكذلك لمتابعة قدراتهم المعرفية ومعرفة مشاكلهم السلوكية.

عدوانية وفشل اجتماعي

وجد الباحثون أن المراهقين الذين يعانون من عرض الشخير 3 مرات أو أكثر في الأسبوع، كانوا أكثر عرضة لمشاكل سلوكية، مثل عدم الانتباه في الفصل، وافتعال المشكلات مع الآخرين، وفي المجمل اتسم سلوكهم بالعدوانية والعنف، ومعظمهم عانوا من الفشل الاجتماعي وعدم القدرة على تكوين أصدقاء، بالإضافة إلى عدم قدرتهم على التعبير عن عواطفهم أو أفكارهم بشكل كافٍ.

وجدت الدراسة أيضاً أن هذه المشاكل السلوكية لم ترتبط بمشاكل إدراكية، وهؤلاء الأطفال لم يظهروا أي اختلافات في قدرتهم على القراءة والكتابة أو التواصل اللغوي، وأيضاً لم يكن هناك أي اختلاف في اختبارات الذاكرة والمهارات المعرفية والقدرة على استدعاء المعلومات، مقارنة بأقرانهم الذين لا يعانون من الشخير. ووجد الباحثون أيضاً أن معدلات الشخير انخفضت مع تقدم الأطفال في السن، حتى من دون أي علاج.

علاج الشخير لتقويم السلوك

تُعد نتائج هذه الدراسة شديدة الأهمية؛ لأنها تربط بين الشخير ومشاكل السلوك، وبالتالي يمكن أن يؤدي علاج سبب اضطراب التنفس (الذي يؤدي إلى الشخير) إلى تقويم سلوك المراهق، وعلى وجه التقريب هناك نسبة من الأطفال الأميركيين تصل إلى 15 في المائة، تعاني من شكل من أشكال اضطراب التنفس أثناء النوم. وفي كثير من الأحيان يتم تشخيص نسبة كبيرة من هؤلاء الأطفال خطأ على أنهم مصابون باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، ويتم علاجهم بالأدوية المنشطة، رغم عدم احتياجهم لهذه الأدوية.

في النهاية، نصحت الدراسة الآباء بضرورة متابعة عرَض الشخير باهتمام. وفي حالة ارتباط العرض بمشاكل سلوكية يجب عرض الطفل على الطبيب لتحديد السبب، إذا كان نتيجة لمشاكل في التنفس أو مشكلة عصبية، ويتم العلاج تبعاً للحالة المرضية.