الحمية المتوسطية نعمةٌ لا يقدّر أهلها قيمتها الصحية

تحمي من أمراض القلب والجلطات والسرطان... وتطيل العمر

مجموعة من الأطباق المتوسطية (الشرق الأوسط)
مجموعة من الأطباق المتوسطية (الشرق الأوسط)
TT

الحمية المتوسطية نعمةٌ لا يقدّر أهلها قيمتها الصحية

مجموعة من الأطباق المتوسطية (الشرق الأوسط)
مجموعة من الأطباق المتوسطية (الشرق الأوسط)

الجميع حول العالم يسعى لاعتماد الحمية المتوسطية، بينما أهل حوض المتوسط غير مدركين على الأرجح أهمية النظام الغذائي الذي توفّره مواسم بلادهم وطبيعتها.

للسنة السادسة على التوالي، صُنّفت الحمية المتوسطية (Mediterranean Diet) كأولى الحميات وأفضلها على الإطلاق عالمياً، لِما تحتوي من عناصر تحمي الصحة بشكل عام والقلب بشكل خاص. وممّا يميّز تلك الحمية، أنها ليست حمية في المفهوم المتعارف عليه للحميات، فالنظام الغذائي المتوسطي ليس صارماً ولا متشدداً في المقادير وعدد السعرات الحرارية والأصناف المسموح بتناولها.

الحمية المتوسطية أسلوب حياة

منذ 70 عاماً تقريباً، برز مفهوم الحمية المتوسطية عندما أجرت مجموعة من الباحثين الأميركيين دراسات حول العلاقة بين أمراض القلب والأنظمة الغذائية المعتمدة في عدد من بلدان العالم. وقد تبيّن حينها من خلال تلك الأبحاث، أن أساليب الطعام في اليونان وإيطاليا على سبيل المثال، تَقي من أمراض القلب والشرايين. ففي تلك البلاد، كما في سواها من دول حوض البحر المتوسط، تنخفض نسبة الإصابة بمثل هكذا أمراض مقارنةً مع الولايات المتحدة وأوروبا الشمالية.

السلطة اليونانية على طريقة الشيف سارة عاصي (الشرق الأوسط)

خلال السنوات القليلة الماضية، تضاعف الاهتمام بالحمية المتوسطية التي تحوّلت إلى موضة رائجة حول العالم، وفي الولايات المتحدة بشكلٍ خاص. صارت أطباق مثل الحمّص بالطحينة ومسقعة الباذنجان وورق العريش والفتوش والفلافل والفول المدمّس مثلاً، أساسية على الموائد الأميركية.

تقول خبيرة التغذية والشيف سارة عاصي في حديث مع «الشرق الأوسط» إن أبرز ميزات الحمية المتوسطية هي أنها لا تقوم على مبدأ حرمان النفس ولا على المحظورات. كما أن المطبخ المتوسطي متنوّع وصحي، «لأنه يعتمد على الخضراوات والفاكهة بشكل أساسي، والأطباق والمكوّنات غير المصنّعة، إضافةً إلى الحبوب والألياف وزيت الزيتون الصافي والأسماك الغنية بالدهون الجيّدة».

وتركّز عاصي على أن «الحمية المتوسطية هي أسلوب حياة أكثر من كونها حمية بما للكلمة من معنى، فهي لا تمتد أسبوعاً أو شهراً أو سنة، بل ترتكز إلى المواسم والمونة فتصبح جزءاً من يوميات المرء لا دخيلةً عليها. وبدل أن تمنع تناول بعض الأطعمة، هي تدعو إلى التخفيف منها».

الأسماك أساسية في الحمية المتوسطية (الشرق الأوسط)

أبرز الأطعمة في هرم الحمية المتوسطية

تتصدّر الخضراوات والفاكهة هرم الحمية المتوسطية. يُنصح بتناول 3 أصناف من كلٍ منها كحدٍّ أدنى يومياً، وتُحسَب من بينها الخضراوات المسلوقة والمطبوخة، وليس تلك النيئة فحسب. ثم تأتي البقوليات من فاصولياء وعدس وحمّص وفول، إلى جانب الحبوب الكاملة كالأرز الأسمر والشوفان والقمح الكامل، إضافة إلى الخضراوات النشوية كالبطاطا والبازيلاء والذرة. وفي هذا السياق، تنصح عاصي باستبدال الخبز الأبيض، وتناول ذلك الخالي من السكّر والملح والمكوّن من طحين القمح الكامل. وينطبق الأمر ذاته على الباستا أو المعكرونة التي يُفضّل أن تكون سمراء.

في الطليعة كذلك، تأتي المكسّرات النيئة وغير المملحة من جوز، ولوز، وبندق، وغيرها. أما نجم المكوّنات في الحمية المتوسطية فهو زيت الزيتون البِكر (extra virgin oil). وهنا تدعو عاصي إلى التخفيف من الأحكام المسبَقة المرتبطة بزيت الزيتون، والتي تدّعي أن الطبخ والقلي به غير صحي. وتوضح خبيرة التغذية أن كل الدراسات أثبتت حتى الآن مدى أهمية هذا الزيت الغني بالدهون الصحية، وفوائده لجهة التخفيف من مخاطر الجلطة والذبحة القلبية، وتخفيض مستوى ضغط الدم.

في المرتبة الثانية تأتي الأسماك، وهي متوفرة بكثافة في المدن البَحرية على الحوض المتوسطي. يُنصح بتناولها ثلاث مرات أسبوعياً كحدّ أقصى، شرط أن يكون السمك من النوع الغني بالدهون والبروتينات الجيدة، كالسلمون والسردين والتونة والرنجة.

زيت الزيتون نجم المائدة المتوسطية (رويترز)

مقابل تلك المكوّنات الأساسية، ثمة ما هو غير محبّذ في الحمية المتوسطية، كالمعلّبات والوجبات السريعة والسمن والزبدة والسكّريّات والحلويات، خصوصاً تلك المصنّعة. ويفضَّل هنا تحضير الحلويات في المنزل واعتماد الطحين الكامل وبياض البيض في الوصفات. وكما الحلوى، فإن اللحوم الحمراء غير مرغوب في تناولها أكثر من مرة أسبوعياً شرط أن تكون خالية من الدهون. أما الدواجن والبيض ومشتقات الحليب من أجبان وألبان، فيجب تناولها باعتدال على قاعدة مرة يومياً ليس أكثر.

الفوائد الصحية للحمية المتوسطية

للانطلاق في حمية متوسطية، تنصح سارة عاصي بالاعتماد على مواسم الفاكهة والخضراوات والاستفادة منها قدر المستطاع من خلال صناعة مونة منها كعصير الطماطم، والملوخيّة والبازيلاء واللوبياء وسواها من الخضراوات المجلّدة. وتضيف: «إذا سمحت الظروف، من المحبّذ تناول السمك مرتين أسبوعياً والاعتماد على زيت الزيتون في كل الأطباق». كما تشدّد عاصي على ضرورة الابتعاد عن السكّر واللحوم الحمراء والحلويات.

سلطة التونة على طريقة الشيف سارة عاصي (الشرق الأوسط)

في وقتٍ ما زال عدد كبير من المتوسطيين لا يقدّرون نعمة النظام الغذائي الذي يميّز منطقتهم، ويستهلكون الكثير ممّا يناقضه، فقد اتّضح أن الحمية المتوسطية تقف سداً منيعاً في وجه عدد كبير من الأمراض وترفع مناعة الأفراد، خصوصاً إذا ترافقت مع الرياضة المنتظمة والامتناع عن التدخين.

أما فوائد الحمية المتوسطية فلا تُعَدّ، ومن المفترض أن تؤمّن لمَن يعتمدها كأسلوب حياة، صحةً ممتازة وعمراً مديداً، نظراً لما تحتويه من بروتينات، وألياف، وفيتامينات طبيعية، ومعادن، ودهون صحية.

* أبرز الفوائد الصحية للحمية المتوسطية:

- تخفيض مخاطر الإصابة بأمراض القلب والشرايين والجلطات.

- الوقاية من بعض أنواع السرطان، خصوصاً أورام البروستات.

- الحدّ من السمنة والمساعدة في الحفاظ على وزن صحي.

- إطالة العمر من خلال محاربتها الأمراض القاتلة.

- التخفيف من الالتهابات، وضغط الدم وأمراض السكّري والكوليسترول.

- الحدّ من مخاطر الإصابة بالخرَف والحفاظ على الدماغ والوظائف الذهنية.

- تعزيز الصحة النفسية.


مقالات ذات صلة

دراسة جديدة: «أوميغا 3» قد يكون مفتاح إبطاء سرطان البروستاتا

صحتك مكملات «أوميغا 3» قد تبطئ سرطان البروستاتا (جامعة أكسفورد)

دراسة جديدة: «أوميغا 3» قد يكون مفتاح إبطاء سرطان البروستاتا

توصلت دراسة أجرتها جامعة كاليفورنيا إلى أن اتباع نظام غذائي منخفض في أحماض أوميغا 6 وغني بأحماض أوميغا 3 الدهنية، يمكن أن يبطئ سرطان البروستاتا.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)

باحثون يابانيون يختبرون عقاراً رائداً يجعل الأسنان تنمو من جديد

قد يتمكن الأشخاص الذين فقدوا أسناناً من الحصول على أخرى بشكل طبيعي، بحسب أطباء أسنان يابانيين يختبرون عقاراً رائداً.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
صحتك مرض ألزهايمر يؤدي ببطء إلى تآكل الذاكرة والمهارات الإدراكية (رويترز)

بينها الاكتئاب... 4 علامات تحذيرية تنذر بألزهايمر

يؤثر مرض ألزهايمر في المقام الأول على الأشخاص الذين تزيد أعمارهم على 65 عاماً، ولكن ليس من المبكر أبداً أن تكون على دراية بالعلامات التحذيرية لهذا الاضطراب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك تناول وجبة إفطار متوازنة ودسمة يساعد على إدارة السعرات الحرارية اليومية (رويترز)

تخطي وجبة الإفطار في الخمسينات من العمر قد يسبب زيادة الوزن

أظهرت دراسة حديثة أن تخطي وجبة الإفطار في منتصف العمر قد يجعلك أكثر بدانةً، ويؤثر سلباً على صحتك، وفقاً لصحيفة «التليغراف».

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك 10 نقاط حول توقف «فياغرا» عن العمل

10 نقاط حول توقف «فياغرا» عن العمل

وصل إلى بريد «استشارات» استفسار من أحد المرضى هو: «عمري فوق الستين، ولدي مرض السكري وارتفاع ضغط الدم. وتناولت (فياغرا) للتغلب على مشكلة ضعف الانتصاب.

د. حسن محمد صندقجي (الرياض)

دراسة جديدة: «أوميغا 3» قد يكون مفتاح إبطاء سرطان البروستاتا

مكملات «أوميغا 3» قد تبطئ سرطان البروستاتا (جامعة أكسفورد)
مكملات «أوميغا 3» قد تبطئ سرطان البروستاتا (جامعة أكسفورد)
TT

دراسة جديدة: «أوميغا 3» قد يكون مفتاح إبطاء سرطان البروستاتا

مكملات «أوميغا 3» قد تبطئ سرطان البروستاتا (جامعة أكسفورد)
مكملات «أوميغا 3» قد تبطئ سرطان البروستاتا (جامعة أكسفورد)

توصلت دراسة أجرتها جامعة كاليفورنيا في لوس أنجليس إلى أن اتباع نظام غذائي منخفض في أحماض أوميغا 6 وغني بأحماض أوميغا 3 الدهنية، إلى جانب مكملات زيت السمك، يمكن أن يبطئ بشكل كبير نمو خلايا سرطان البروستاتا لدى الرجال الذين يختارون المراقبة النشطة، ما قد يقلل من الحاجة إلى علاجات عدوانية في المستقبل، وفق ما نشر موقع «سايتك دايلي».

وجد باحثون من مركز UCLA Health Jonsson Comprehensive Cancer Center أدلة جديدة على أن التغييرات الغذائية قد تبطئ نمو الخلايا السرطانية لدى الرجال المصابين بسرطان البروستاتا الذين يخضعون للمراقبة النشطة، وهو نهج علاجي يتضمن مراقبة السرطان من كثب دون تدخل طبي فوري.

سرطان البروستاتا والتدخل الغذائي

قال الدكتور ويليام أرونسون، أستاذ أمراض المسالك البولية في كلية ديفيد جيفن للطب بجامعة كاليفورنيا في لوس أنجليس والمؤلف الأول للدراسة: «هذه خطوة مهمة نحو فهم كيف يمكن للنظام الغذائي أن يؤثر على نتائج سرطان البروستاتا».

وأضاف: «يهتم العديد من الرجال بتغييرات نمط الحياة، بما في ذلك النظام الغذائي، للمساعدة في إدارة إصابتهم بالسرطان ومنع تطور مرضهم. تشير نتائجنا إلى أن شيئاً بسيطاً مثل تعديل نظامك الغذائي يمكن أن يبطئ نمو السرطان ويطيل الوقت قبل الحاجة إلى تدخلات أكثر عدوانية».

تحدي المراقبة النشطة

يختار العديد من الرجال المصابين بسرطان البروستاتا منخفض الخطورة المراقبة النشطة بدلاً من العلاج الفوري، ومع ذلك، في غضون خمس سنوات، يحتاج حوالي 50 في المائة من هؤلاء الرجال في النهاية إلى الخضوع للعلاج إما بالجراحة أو الإشعاع.

وبسبب ذلك، يتوق المرضى إلى إيجاد طرق لتأخير الحاجة إلى العلاج، بما في ذلك من خلال التغييرات الغذائية أو المكملات الغذائية. ومع ذلك، لم يتم وضع إرشادات غذائية محددة في هذا المجال بعد.

في حين نظرت التجارب السريرية الأخرى في زيادة تناول الخضراوات وأنماط النظام الغذائي الصحي، لم يجد أي منها تأثيراً كبيراً على إبطاء تقدم السرطان.

الاستشارة الغذائية

لتحديد ما إذا كان النظام الغذائي أو المكملات الغذائية يمكن أن تلعب دوراً في إدارة سرطان البروستاتا، أجرى الفريق بقيادة جامعة كاليفورنيا في لوس أنجليس تجربة سريرية مستقبلية، تسمى CAPFISH-3، والتي شملت 100 رجل مصاب بسرطان البروستاتا منخفض الخطورة أو متوسط ​​الخطورة والذين اختاروا المراقبة النشطة.

تم توزيع المشاركين بشكل عشوائي على الاستمرار في نظامهم الغذائي الطبيعي أو اتباع نظام غذائي منخفض أوميغا 6 وعالي أوميغا 3، مع إضافة زيت السمك، لمدة عام واحد.

ووفق الدراسة، تلقى المشاركون في ذراع التدخل استشارات غذائية شخصية من قبل اختصاصي تغذية مسجل. وتم توجيه المرضى إلى بدائل أكثر صحة وأقل دهوناً للأطعمة عالية الدهون وعالية السعرات الحرارية (مثل استخدام زيت الزيتون أو الليمون والخل لصلصة السلطة)، وتقليل استهلاك الأطعمة ذات المحتوى العالي من أوميغا 6 (مثل رقائق البطاطس والكعك والمايونيز والأطعمة المقلية أو المصنعة الأخرى).

كان الهدف هو خلق توازن إيجابي في تناولهم لدهون أوميغا 6 وأوميغا 3 وجعل المشاركين يشعرون بالقدرة على التحكم في كيفية تغيير سلوكهم. كما تم إعطاؤهم كبسولات زيت السمك للحصول على أوميغا 3 إضافية.

ولم تحصل مجموعة التحكم على أي استشارات غذائية أو تناول كبسولات زيت السمك.

نتائج التغييرات الغذائية

تتبع الباحثون التغييرات في مؤشر حيوي يسمى مؤشر Ki-67، والذي يشير إلى مدى سرعة تكاثر الخلايا السرطانية - وهو مؤشر رئيسي لتطور السرطان، والنقائل والبقاء على قيد الحياة.

تم الحصول على خزعات من نفس الموقع في بداية الدراسة ومرة ​​أخرى بعد مرور عام واحد، باستخدام جهاز دمج الصور الذي يساعد في تتبع وتحديد مواقع السرطان.

وأظهرت النتائج أن المجموعة التي اتبعت نظاماً غذائياً منخفضاً في أوميغا 6 وغنياً بأوميغا 3 وزيت السمك كان لديها انخفاض بنسبة 15 في المائة في مؤشر Ki-67، بينما شهدت المجموعة الضابطة زيادة بنسبة 24 في المائة.