الحمية المتوسطية نعمةٌ لا يقدّر أهلها قيمتها الصحية

تحمي من أمراض القلب والجلطات والسرطان... وتطيل العمر

مجموعة من الأطباق المتوسطية (الشرق الأوسط)
مجموعة من الأطباق المتوسطية (الشرق الأوسط)
TT
20

الحمية المتوسطية نعمةٌ لا يقدّر أهلها قيمتها الصحية

مجموعة من الأطباق المتوسطية (الشرق الأوسط)
مجموعة من الأطباق المتوسطية (الشرق الأوسط)

الجميع حول العالم يسعى لاعتماد الحمية المتوسطية، بينما أهل حوض المتوسط غير مدركين على الأرجح أهمية النظام الغذائي الذي توفّره مواسم بلادهم وطبيعتها.

للسنة السادسة على التوالي، صُنّفت الحمية المتوسطية (Mediterranean Diet) كأولى الحميات وأفضلها على الإطلاق عالمياً، لِما تحتوي من عناصر تحمي الصحة بشكل عام والقلب بشكل خاص. وممّا يميّز تلك الحمية، أنها ليست حمية في المفهوم المتعارف عليه للحميات، فالنظام الغذائي المتوسطي ليس صارماً ولا متشدداً في المقادير وعدد السعرات الحرارية والأصناف المسموح بتناولها.

الحمية المتوسطية أسلوب حياة

منذ 70 عاماً تقريباً، برز مفهوم الحمية المتوسطية عندما أجرت مجموعة من الباحثين الأميركيين دراسات حول العلاقة بين أمراض القلب والأنظمة الغذائية المعتمدة في عدد من بلدان العالم. وقد تبيّن حينها من خلال تلك الأبحاث، أن أساليب الطعام في اليونان وإيطاليا على سبيل المثال، تَقي من أمراض القلب والشرايين. ففي تلك البلاد، كما في سواها من دول حوض البحر المتوسط، تنخفض نسبة الإصابة بمثل هكذا أمراض مقارنةً مع الولايات المتحدة وأوروبا الشمالية.

السلطة اليونانية على طريقة الشيف سارة عاصي (الشرق الأوسط)
السلطة اليونانية على طريقة الشيف سارة عاصي (الشرق الأوسط)

خلال السنوات القليلة الماضية، تضاعف الاهتمام بالحمية المتوسطية التي تحوّلت إلى موضة رائجة حول العالم، وفي الولايات المتحدة بشكلٍ خاص. صارت أطباق مثل الحمّص بالطحينة ومسقعة الباذنجان وورق العريش والفتوش والفلافل والفول المدمّس مثلاً، أساسية على الموائد الأميركية.

تقول خبيرة التغذية والشيف سارة عاصي في حديث مع «الشرق الأوسط» إن أبرز ميزات الحمية المتوسطية هي أنها لا تقوم على مبدأ حرمان النفس ولا على المحظورات. كما أن المطبخ المتوسطي متنوّع وصحي، «لأنه يعتمد على الخضراوات والفاكهة بشكل أساسي، والأطباق والمكوّنات غير المصنّعة، إضافةً إلى الحبوب والألياف وزيت الزيتون الصافي والأسماك الغنية بالدهون الجيّدة».

وتركّز عاصي على أن «الحمية المتوسطية هي أسلوب حياة أكثر من كونها حمية بما للكلمة من معنى، فهي لا تمتد أسبوعاً أو شهراً أو سنة، بل ترتكز إلى المواسم والمونة فتصبح جزءاً من يوميات المرء لا دخيلةً عليها. وبدل أن تمنع تناول بعض الأطعمة، هي تدعو إلى التخفيف منها».

الأسماك أساسية في الحمية المتوسطية (الشرق الأوسط)
الأسماك أساسية في الحمية المتوسطية (الشرق الأوسط)

أبرز الأطعمة في هرم الحمية المتوسطية

تتصدّر الخضراوات والفاكهة هرم الحمية المتوسطية. يُنصح بتناول 3 أصناف من كلٍ منها كحدٍّ أدنى يومياً، وتُحسَب من بينها الخضراوات المسلوقة والمطبوخة، وليس تلك النيئة فحسب. ثم تأتي البقوليات من فاصولياء وعدس وحمّص وفول، إلى جانب الحبوب الكاملة كالأرز الأسمر والشوفان والقمح الكامل، إضافة إلى الخضراوات النشوية كالبطاطا والبازيلاء والذرة. وفي هذا السياق، تنصح عاصي باستبدال الخبز الأبيض، وتناول ذلك الخالي من السكّر والملح والمكوّن من طحين القمح الكامل. وينطبق الأمر ذاته على الباستا أو المعكرونة التي يُفضّل أن تكون سمراء.

في الطليعة كذلك، تأتي المكسّرات النيئة وغير المملحة من جوز، ولوز، وبندق، وغيرها. أما نجم المكوّنات في الحمية المتوسطية فهو زيت الزيتون البِكر (extra virgin oil). وهنا تدعو عاصي إلى التخفيف من الأحكام المسبَقة المرتبطة بزيت الزيتون، والتي تدّعي أن الطبخ والقلي به غير صحي. وتوضح خبيرة التغذية أن كل الدراسات أثبتت حتى الآن مدى أهمية هذا الزيت الغني بالدهون الصحية، وفوائده لجهة التخفيف من مخاطر الجلطة والذبحة القلبية، وتخفيض مستوى ضغط الدم.

في المرتبة الثانية تأتي الأسماك، وهي متوفرة بكثافة في المدن البَحرية على الحوض المتوسطي. يُنصح بتناولها ثلاث مرات أسبوعياً كحدّ أقصى، شرط أن يكون السمك من النوع الغني بالدهون والبروتينات الجيدة، كالسلمون والسردين والتونة والرنجة.

زيت الزيتون نجم المائدة المتوسطية (رويترز)
زيت الزيتون نجم المائدة المتوسطية (رويترز)

مقابل تلك المكوّنات الأساسية، ثمة ما هو غير محبّذ في الحمية المتوسطية، كالمعلّبات والوجبات السريعة والسمن والزبدة والسكّريّات والحلويات، خصوصاً تلك المصنّعة. ويفضَّل هنا تحضير الحلويات في المنزل واعتماد الطحين الكامل وبياض البيض في الوصفات. وكما الحلوى، فإن اللحوم الحمراء غير مرغوب في تناولها أكثر من مرة أسبوعياً شرط أن تكون خالية من الدهون. أما الدواجن والبيض ومشتقات الحليب من أجبان وألبان، فيجب تناولها باعتدال على قاعدة مرة يومياً ليس أكثر.

الفوائد الصحية للحمية المتوسطية

للانطلاق في حمية متوسطية، تنصح سارة عاصي بالاعتماد على مواسم الفاكهة والخضراوات والاستفادة منها قدر المستطاع من خلال صناعة مونة منها كعصير الطماطم، والملوخيّة والبازيلاء واللوبياء وسواها من الخضراوات المجلّدة. وتضيف: «إذا سمحت الظروف، من المحبّذ تناول السمك مرتين أسبوعياً والاعتماد على زيت الزيتون في كل الأطباق». كما تشدّد عاصي على ضرورة الابتعاد عن السكّر واللحوم الحمراء والحلويات.

سلطة التونة على طريقة الشيف سارة عاصي (الشرق الأوسط)
سلطة التونة على طريقة الشيف سارة عاصي (الشرق الأوسط)

في وقتٍ ما زال عدد كبير من المتوسطيين لا يقدّرون نعمة النظام الغذائي الذي يميّز منطقتهم، ويستهلكون الكثير ممّا يناقضه، فقد اتّضح أن الحمية المتوسطية تقف سداً منيعاً في وجه عدد كبير من الأمراض وترفع مناعة الأفراد، خصوصاً إذا ترافقت مع الرياضة المنتظمة والامتناع عن التدخين.

أما فوائد الحمية المتوسطية فلا تُعَدّ، ومن المفترض أن تؤمّن لمَن يعتمدها كأسلوب حياة، صحةً ممتازة وعمراً مديداً، نظراً لما تحتويه من بروتينات، وألياف، وفيتامينات طبيعية، ومعادن، ودهون صحية.

* أبرز الفوائد الصحية للحمية المتوسطية:

- تخفيض مخاطر الإصابة بأمراض القلب والشرايين والجلطات.

- الوقاية من بعض أنواع السرطان، خصوصاً أورام البروستات.

- الحدّ من السمنة والمساعدة في الحفاظ على وزن صحي.

- إطالة العمر من خلال محاربتها الأمراض القاتلة.

- التخفيف من الالتهابات، وضغط الدم وأمراض السكّري والكوليسترول.

- الحدّ من مخاطر الإصابة بالخرَف والحفاظ على الدماغ والوظائف الذهنية.

- تعزيز الصحة النفسية.


مقالات ذات صلة

ليس مجرد عادة... لـ«قضم الأظافر» عواقب جسدية ونفسية... كيف تحمي نفسك منها؟

صحتك قضم الأظافر يُعد من أكثر السلوكيات التكرارية المتمركزة على الجسم شيوعاً (رويترز)

ليس مجرد عادة... لـ«قضم الأظافر» عواقب جسدية ونفسية... كيف تحمي نفسك منها؟

عند مناقشة السلوكيات التكرارية المتمركزة على الجسم، قد تتبادر إلى الأذهان حالات مثل حك الشعر أو قضم الجلد أو مضغ اللسان أو عض الشفاه.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك الكافيين في القهوة والشاي يُحسّن صحة القلب (جمعية القلب الأميركية)

الشاي أم القهوة... أيهما المشروب الأفضل لتعزيز طاقتك الصباحية؟

ينقسم الكثيرون حول القهوة أم الشاي أي منهما الأفضل من حيث الطعم والقدرة على تعزيز التركيز.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك الخضراوات تقلل بشكل كبير من خطر الإصابة بسرطان الأمعاء (رويترز)

5 خضراوات مفيدة لصحة الأمعاء ينصح بتناولها يومياً

تعدّ الخضراوات من العناصر الغذائية المهمة للإنسان لما تحتويه من مواد مفيدة للصحة، وتعزيز المناعة والعلاج.

«الشرق الأوسط» (واشنطن )
صحتك يُصيب الخرف حالياً 57 مليون شخص عالمياً مع توقعات تضاعف الرقم 3 مرات خلال العقود المقبلة (أرشيفية - د.ب.أ)

3 مشاكل شائعة في العين قد تشير إلى الخرف قبل سنوات من التشخيص

قال باحثون من نيوزيلندا إن بعض مشاكل العين التي قد تُمثل علامات تحذير مبكرة للخرف، ربما حتى قبل ظهور الأعراض التقليدية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك حبات من الليمون الذي يُحفّز إنتاج هرمون «جي-إل-بي-1» (أرشيفية - أ.ف.ب)

5 طرق علمية للسيطرة على الرغبة الشديدة في تناول الطعام

ينصح أطباء بعدة خطوات من شأنها أن تساعدك على الشعور بالشبع التام بعد الوجبات، والحد من الرغبة الشديدة في تناول الطعام.

«الشرق الأوسط» (لندن)

ليس مجرد عادة... لـ«قضم الأظافر» عواقب جسدية ونفسية... كيف تحمي نفسك منها؟

قضم الأظافر يُعد من أكثر السلوكيات التكرارية المتمركزة على الجسم شيوعاً (رويترز)
قضم الأظافر يُعد من أكثر السلوكيات التكرارية المتمركزة على الجسم شيوعاً (رويترز)
TT
20

ليس مجرد عادة... لـ«قضم الأظافر» عواقب جسدية ونفسية... كيف تحمي نفسك منها؟

قضم الأظافر يُعد من أكثر السلوكيات التكرارية المتمركزة على الجسم شيوعاً (رويترز)
قضم الأظافر يُعد من أكثر السلوكيات التكرارية المتمركزة على الجسم شيوعاً (رويترز)

عند مناقشة السلوكيات التكرارية المتمركزة على الجسم، قد تتبادر إلى الأذهان حالات مثل حك الشعر أو قضم الجلد أو مضغ اللسان أو عض الشفاه. لكن قضم الأظافر يُعد أحد أكثر هذه السلوكيات شيوعاً، وغالباً ما يُهمل في العلاج. وعلى الرغم من تجاهله في كثير من الأحيان باعتباره عادة غير ضارة، فإن قضم الأظافر المزمن يمكن أن يؤثر بشكل كبير على الصحة البدنية والنفسية.

وفي حين أن العديد من الأفراد يمارسون قضم الأظافر من حين لآخر، وخاصة خلال فترات التوتر أو الملل، فإن قضم الأظافر المزمن قد يكون مُزعجاً. وبالنسبة للمصابين به، قد يكون السلوك تلقائياً أو يصعب التحكم فيه. ومع مرور الوقت، يمكن أن يؤدي إلى أضرار جسدية ظاهرة، بما في ذلك العدوى ومشاكل الأسنان وتغيرات في بنية الأظافر، بالإضافة إلى ضائقة نفسية تؤدي إلى الشعور بالخجل والقلق والانطواء الاجتماعي.

وعلى الرغم من شيوع قضم الأظافر، وأنه غالباً ما يُستهان به أو يُنظر إليه على أنه مجرد عادة عصبية، فإنه سلوك مدفوع بعوامل نفسية وعصبية معقدة، ويعد اضطراباً نفسياً يستحق الاعتراف به وفهمه وإيلائه الرعاية المناسبة، وفق ما ذكر موقع «سيكولوجي توداي» المَعنيّ بالصحة النفسية والعقلية.

ما الذي يُحفّز قضم الأظافر؟

مثل العديد من السلوكيات التكرارية المتمركزة على الجسم، يُعدّ قضم الأظافر سلوكاً غير متجانس، ويُعتقد أنه ينشأ عن مزيج من التأثيرات الجينية والعصبية والعاطفية والبيئية. وتشمل العوامل المساهمة الشائعة ما يلي:

التنظيم العاطفي: قد يكون قضم الأظافر وسيلةً لإدارة القلق أو التوتر أو التحفيز المفرط، كما يُمكن أن يُوفّر تحفيزاً خلال فترات الملل.

السعي للكمال وسلوكيات التزيين: قد يشعر الأفراد بالحاجة إلى تصحيح عيوب مُدركة، مثل الأظافر غير المُستوية، مما يُحفّز سلسلةً من حركات التزيين المُتكررة.

المكونات الحسية: قد يكون الإحساس اللمسي لقضم الأظافر مُهدئاً أو مُرضياً بطبيعته.

الروابط العصبية والوراثية: تُشير الأبحاث إلى أن السلوكيات التكرارية المتمركزة على الجسم قد تشترك في أوجه تشابه جينية وعصبية مع حالات مثل اضطراب الوسواس القهري، واضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط.

عواقب قضم الأظافر المزمن

في حين قد يُنظر إلى قضم الأظافر على أنه أمر مقبول اجتماعياً، فإن آثاره طويلة المدى قد تكون كبيرة، ومنها:

مضاعفات الأسنان: قد يُسهم قضم الأظافر المزمن في عدم محاذاة الأسنان، وتآكل مينا الأسنان، وحتى تكسرها.

الالتهابات: قد يُلحق القضم المتكرر الضرر بالجلد المحيط بالأظافر، مما يُتيح دخول البكتيريا ويؤدي إلى التهابات مؤلمة مثل التهاب الظفر.

مخاطر الجهاز الهضمي: قد يزيد دخول البكتيريا، من خلال ملامسة الأظافر عن طريق الفم، من احتمالية الإصابة بأمراض الجهاز الهضمي.

الآثار النفسية والاجتماعية: غالباً ما يشعر الأفراد بالحرج أو الخجل من مظهر أيديهم، مما قد يؤدي إلى تجنب التفاعلات الاجتماعية.

استراتيجيات العلاج

يتطلب التوقف عن قضم الأظافر أكثر من مجرد قوة الإرادة. هناك مجموعة متنوعة من الاستراتيجيات العلاجية الفعالة، منها:

التدريب على عكس العادات: يتضمن هذا النهج السلوكي زيادة الوعي بالمحفزات، وتعديل البيئة، واستبدالها باستجابة أقل ضرراً.

استخدام العوائق الجسدية: يمكن لأساليب مثل وضع طلاء أظافر ذي مذاق مر، أو قص الأظافر باستمرار، أو ارتداء القفازات أن تساعد في السيطرة على هذه العادة.

الاستبدال الحسي: يمكن للانخراط في أنشطة حسية بديلة (مثل مضغ علكة) أن يلبي الاحتياج دون التسبب في أي ضرر.

علاج الحالات المصاحبة: إذا كان قضم الأظافر مرتبطاً بحالات كامنة مثل القلق أو اضطراب نقص الانتباه مع فرط الحركة، فإن معالجة هذه الاضطرابات يمكن أن تقلل من تكرار السلوك.