طلال الحمود
إعلامي وكاتب سعودي، رئيس تحرير الأخبار الرياضية في قناة العربية.
TT

أخطاء وحكام

استمع إلى المقالة

طغت ركلة جزاء احتسبت لصالح النصر ضد الفيحاء على اهتمامات الشارع الرياضي في السعودية، بعدما استفاد النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو من قرار الحكم محمد الهويش وأحرز هدفاً قاد به الفريق العاصمي إلى تحقيق فوزه السابع على التوالي والابتعاد بصدارة الدوري المحلي.

وعلى الرغم من الجدل الدائر بشأن صحة ركلة الجزاء، وعدم اقتناع أنصار الأندية المنافسة بشرعية هدف رونالدو، فإن ما حدث قاد جمهور النصر إلى التفاؤل بقدرة فريقها على إحراز البطولة الغائبة عن خزينته منذ 2019، لاعتبار أن الحصول على لقب بطل الدوري يحتاج إلى مثل هذه اللقطات المثيرة للجدل وبعض الأخطاء الكارثية من طاقم التحكيم لصالح المتصدر، كما حدث في مواسم سابقة منحت أفضلية للهلال والاتحاد والأهلي والفتح والشباب وحتى النصر، وذاكرة عشاق كرة القدم السعودية مليئة بالقرارات التحكيمية التي دعمت مسيرة البطل أو عرقلت المنافس في المنعطف الأخير.

ومع انتهاء الجولة السابعة وما صاحبها من أحداث وجدل مستمر، تحولت منصات التواصل الاجتماعي إلى منبر من لا منبر له، وبات الحكم محمد الهويش وزميله سامي الجريس هدفاً لحملات التشكيك وسبباً في المطالبة بإبعاد طواقم التحكيم المحلية، علماً أنهما لم يرتكبا من الأخطاء ما يمكن اعتباره سابقة، قياساً على كوارث ارتكبها من سبقهم في إدارة المباريات المحلية، وربما كان من الأجدى أن يوجه أنصار الفرق المتضررة حملاتهم نحو مسؤولي أنديتهم الذين وافقوا على الاستعانة بصافرة سعودية على حساب استقدام طاقم أجنبي، خاصة أن بعض المباريات تشكل عبئاً ثقيلاً على الحكم المحلي وتحد من قدراته في اتخاذ القرار الأكثر صحة.

وفي المقابل لا يمكن أن تكون إدارات الأندية «ساذجة» بدرجة أنها لا تعرف الفرق بين قدرات الحكم الأجنبي ونظيره المحلي، غير أنها تخشى من استقدام حكام من جزر سولومون أو أرخبيل برمودا لا يملكون من القدرات ما يشفع لهم بقيادة مباراة في دوري الدرجة الثالثة، أو الاستعانة بحكم جيد يغادر صباحاً من غواتيمالا ثم يصل ليلاً إلى مدريد للانتظار في مطارها لمدة سبع ساعات، ثم يواصل السفر إلى دبي تمهيداً لبلوغ مطارها في الليلة الثانية، وعند الصباح يستقل الطائر الميمون إلى الرياض قبل أن يركب على متن طائرة أخرى إلى أبها أو تبوك، ليصل إلى الملعب الذي تقام فيه المباراة بحال إعياء لن تساعده على التمييز بين اللاعبين والمشجعين، ولن تمنحه القدرة على التركيز لاتخاذ قرارات صحيحة توازي خبرته وتحقق الغاية من استقدامه.

ومهما يكن يبقى الحكم السعودي من أفضل الحكام في بطولات القارة الآسيوية، غير أن كثرة الاستعانة بخدماته في المباريات المحلية يعني بالضرورة أن يصبح كبقية نظرائه العرب الذين نجحوا في قيادة أهم المنافسات الدولية وحققوا شهرة واسعة في العالم، لكنهم لم ينالوا ما يستحقونه من تقدير داخل بلدانهم بسبب أن قراراتهم الخاطئة خلال البطولات المحلية تستأثر بالأضواء أكثر من غيرها وتبقى في الذاكرة لسنوات طويلة، بعكس الحكم الأجنبي الذي يرتكب أحياناً أخطاءً لا علاقة لها بقوانين كرة القدم، ثم يرحل بهدوء دون أن تحتفظ ذاكرة المشجع المحتقن بصورته أو اسمه.



المزيد من مقالات الرأي