طلال الحمود
إعلامي وكاتب سعودي، رئيس تحرير الأخبار الرياضية في قناة العربية.
TT

الفرقة النائمة

استمع إلى المقالة

أثار البرتغالي كريستيانو رونالدو استياء بعض مشجعي نادي النصر السعودي خلال مباراة الفريق ضد منافسه الاتحاد في الدوري المحلي، حين ظهر اللاعب في لقطة تلفزيونية يضع يديه بجانب خده عقب إحراز الضيوف هدفاً في مرمى فريقه، في إشارة منه إلى أن لاعبي خط الدفاع يغطون في سبات عميق تاركين كريم بنزيما ورفاقه يصلون إلى المرمى بسهولة، وزاد من استياء الجماهير أن تصرف «صاروخ ماديرا» جاء ضمن سلسلة من اللقطات التي ظهر فيها غاضباً ومتذمراً من أخطاء زملائه في الفريق.

ولأن قدرات رونالدو ليست محلاً للشك، دافع بعض المشجعين عن تصرفاته لاعتبار أنه قائد الفريق ويجب عليه تنبيه المدافعين الذين أظهروا تهاوناً وعدم جدية أمام لاعبي الاتحاد بلغ مرحلة الكسل في أداء مهامهم للحد من خطورة الثلاثي «كانتي – ديابي – بنزيما»، خاصة أن رباعي خط الدفاع أصبح الخاصرة اللينة في النصر وأهم أسباب تعثر الفريق خلال المباريات الحاسمة، كما حدث أمام كاواساكي فرونتال الياباني في نصف نهائي دوري أبطال آسيا للنخبة.

وبين هذا الرأي وذاك يبقى النصر أحد أقوى أندية الدوري السعودي في مجهوده الهجومي بفضل القوة الضاربة للنجم البرتغالي، غير أن هذا التفوق لم يضمن تحقيق الفوز في المناسبات الكبرى بسبب ضعف المجهود الدفاعي ومستوى لاعبي خط الدفاع، ولعل تقدم النصر بهدفين ثم خسارته بثلاثة أكبر برهان على أنه لا يستطيع الحفاظ على مكتسباته خلال المباريات، وبالتالي لا فائدة ترجى من كثرة الأهداف طالما كانت الطريق سالكة نحو مرمى الفريق، ولا ملامة على رونالدو ورفاقه في خط الهجوم طالما يمطرون شباك الخصم بالأهداف بينما يسمح المدافعون للخصم بالرد بعدد أكبر، وهذه المعضلة لا تحتاج إلى خبير في لعبة كرة القدم حتى يبحث فيها ويشخّص أسبابها.

حصيلة النصر في المواسم الخمسة الأخيرة كانت كفيلة بأن تحبط مشجعي النادي العاصمي وتصيب أغلبهم بالملل، ما جعل كل شيء في هذا الكيان قابلاً للانتقاد أو التشكيك بحثاً عن سبب محتمل للعلة حتى لو تطلب الأمر إلقاء اللائمة على رونالدو هداف الدوري في الموسمين الحالي والسابق، أو ماجد الجمعان الذي وصل إلى منصبه حديثاً ولم يكن له دور في تكوين الفريق الحالي، أو المدرب ستيفانو بيولي الذي جاء لإدارة تركة لا يعلم عن أصلها شيئاً، وغيرها من الأفكار والتحليلات السلبية الناتجة عن حال عدم اليقين وفشل الفريق في الاستفادة من كوكبة النجوم في قائمته لتحقيق الإنجازات التي أصبحت حكراً على الهلال والاتحاد في المواسم الأخيرة.

ولا يختلف مشجعو النصر على أن استمرار هذا الوضع البائس من شأنه الإضرار بشعبية النادي العريق على المدى الطويل، ويكفي إساءة لتاريخ الفريق أنه لم يتمكن بوجود أعظم لاعب في العالم من تحقيق إنجاز يمكنه تخليد تجربة هذا النجم في الملاعب السعودية والآسيوية، لذلك تتعالى الأصوات دائماً بالتغيير داخل الكيان، ولكن ليس للإصلاح بل لتغيير الحال حتى لو كانت إلى الأسوأ، دون أن يكون لصوت العقل من يسمعه، أو للصبر من يعرف أهميته في العمل والبناء.