عرف الدوري السعودي على مدى تاريخه مئات الصفقات العالمية ونجاح الأندية في التعاقد مع مدربين ولاعبين وضعوا بصمة لا تُمحى في تاريخ البطولة، حتى بات وصول لاعب ذائع الصيت يعني بالضرورة تحقيق فائدة توازي سمعته وتكاليف تمويل الصفقة، غير أن هناك تعاقدات لم يحالفها التوفيق وما زالت تفاصيلها عالقة في أذهان أنصار الأندية السعودية كأسوأ التجارب منذ السماح بمشاركة المحترفين الأجانب في البطولات المحلية.
ويحمل التاريخ صفقة لاعب برازيلي جاء خلال التسعينات للعب في نادي الهلال، قبل أن يكتشف أحدهم بالصدفة أن هذا الشخص ليس المحترف نفسه الذي ينتظره الفريق وأن الإدارة تعرضت إلى عملية احتيال نفذها سماسرة وهميون للحصول على المال من النادي السعودي، قبل أن يتعاقد الأهلي في الفترة نفسها مع لاعب أفريقي أظهرت الفحوصات الطبية بعد وصوله إلى مدينة جدة أنه غير مؤهل للعب بسبب تأثير شلل الأطفال على قدرته البدنية!
ومع أن بعض مسؤولي الأندية دفعوا الثمن غالياً بسبب فشل تعاقداتهم «الغريبة»، فإن التاريخ يحمل مغامرة خرج منها رئيس نادي الاتحاد السابق لؤي ناظر منتصراً حين أبرم صفقة لجلب حارس مرمى يعاني من كسر في ذراعه ويحتاج إلى إجراء عملية جراحية وبرنامج تأهيلي يمتد لنحو 6 أشهر، ووصف أنصار الاتحاد الصفقة حينها بأنها فضيحة وخطأ لا يغتفر، ومع مرور الوقت استعاد الحارس البرازيلي عافيته وبدأ في الدفاع عن مرمى فريقه، قبل أن يحطم الأرقام القياسية ويقود الاتحاد إلى الواجهة مجدداً من خلال الفوز ببطولتي الدوري وكأس السوبر في السعودية.
وقبل نحو عام ونصف العام، أعلن نادي الهلال صاحب التاريخ الطويل بإبرام أفضل الصفقات وجلب أهم اللاعبين عن تعاقده مع النجم البرازيلي نيمار في صفقة كانت حديث العالم، وجاء التعاقد مع لاعب باريس سان جيرمان الفرنسي رداً على انهيار مفاوضات النادي السعودي مع الأرجنتيني ليونيل ميسي، وعلى الرغم من تحذيرات أصدقاء الهلال بعدم المضي في إتمام الصفقة، إلا أن نيمار كان اللاعب المتاح الذي يمكنه إنقاذ مسؤولي النادي من جحيم الانتقادات بسبب تعثر وصول ميسي إلى الرياض، خاصة أن معسكر الفريق المنافس يباهي باتساع شعبية النصر في العالم بفضل سمعة رونالدو وأهدافه في البطولات المحلية والقارية.
ولم يكن أكثر أنصار الهلال تشاؤماً ينتظر أن تتحول صفقة نيمار إلى واحدة من أفشل الصفقات في تاريخ كرة القدم، بعدما جاء راقص السامبا بعقد يمتد لعامين مقابل نحو 90 مليون يورو قبل أن يتعرض إلى إصابة مع منتخب بلاده أبعدته عن الملاعب لأكثر من عام مكتفياً بخوض 7 مباريات وتسجيل هدف واحد، ويبدو أن سوء تدبير مسؤولي الهلال من جهة ومزاجية اللاعب التي ما زالت تحكم أسلوب حياته وتحدد جدوى الاستعانة به من جهة أخرى، جعلا بقاء نيمار ضمن صفوف الفريق العاصمي استمراراً لصفقة خاسرة بكل المقاييس.
جاء نجم السامبا إلى الهلال ليكمل ما بدأه في برشلونة ثم باريس سان جيرمان من الاهتمام بالتفاصيل المالية على حساب جديته في الملعب وتقديم ما يوازي سمعته بوصفه لاعباً محترفاً يحرص على أداء واجباته كما يقاتل للحصول على حقوقه التعاقدية، قبل أن يواصل عبثيته وعدم مبالاته في الهلال تمهيداً للرحيل بحثاً عن محطة جديدة يمكنها أن تغض النظر عن عيوبه وتستوعب شخصيته من أجل جماهيريته التي لم تتأثر حتى الآن رغم غيابه في السنوات الخمس الأخيرة عن أغلب المباريات المقرر أن يخوضها في ناديه ومنتخب بلاده!