حتى نهاية الجولة السابعة حضر نحو 519 ألف مشجع لمباريات الدوري السعودي للمحترفين لكرة القدم، بمعدل 8240 مشجعاً للمباراة الواحد، بينما تبدو معدلات الحضور لمباريات فريقي الأهلي والاتحاد في القمة بـ32.9 ألف مشجع، و31.5 ألف مشجع على التوالي ويأتي النصر ثالثاً بـ15.3 ألف والهلال رابعاً 13.4 ألف.
كان معدل الحضور الجماهيري للدوري السعودي المسجل في الموسم الماضي وفقاً للأرقام الرسمية لم يتجاوز 2.4 مليون مشجع في 306 مباريات بمتوسط 8158 مشجعاً في المباراة الواحدة.
كانت المعدلات حينما تم توثيق الحضور الجماهيري عام 2010 لم تتجاوز خمسة آلاف وستة آلاف في ذلك العام وما يليه في أعوام قليلة، وهي معدلات بلا شك صادمة وضعيفة جداً قياساً بشغف السعوديين والمقيمين في كرة القدم المحلية.
تبدو في ذهني فكرة حول هل يحتاج الدوري السعودي للمحترفين لكرة القدم إلى قانون «Football Blackout»؛ المعروف بقانون التعتيم التلفزيوني المطبَّق في بريطانيا منذ مطلع الثمانينات الماضية بعد التصويت عليه برلمانياً في منتصف الستينات؟
هذا القانون يستند إلى مادة في نظام «يويفا» تعطي الاتحادات كافة حق اختيار ساعتين ونصف الساعة؛ يُمنع من خلالها بث المباريات المباشرة في البلاد.
بريطانيا اختارت يوم السبت من كل أسبوع لحجب هذه المباريات بين الساعتين 14:45، وحتى الساعة 17:15 مساءً بتوقيت غرينتش.
هذا القانون يمنع نقل كل المباريات داخلياً وخارجياً حتى لو كان الكلاسيكو الإسباني الذي حرم كل البريطانيين في الموسم الماضي من مشاهدة ابنهم بيلينغهام وهو يشارك لأول مرة مع الريال ضد برشلونة.
فكرة هذا القانون هي تحفيز المجتمع وتشجيعه على حضور المباريات كافة ليس في البريمرليغ؛ بل في كل الدوريات المحلية في البلاد من الممتازة إلى أدنى درجة، وهو مفهوم اجتماعي عريق هدفه دعم الأندية الحاضرة في الدرجات الثانية والثالثة والرابعة والخامسة والسادسة.
تصوروا أن 200 مباراة في البريمرليغ من أصل 380، لم يستطع المشجع الإنجليزي مشاهدتها في الموسم الماضي بسبب قانون التعتيم التلفزيوني، أي بنحو 52 في المائة من المباريات.
قد يقول قائل إن البنية التحتية للملاعب السعودية ليست جيدة بما يكفي لتطبيق مثل هذا القرار، وهو سبب رئيسي في عدم الحضور الجماهيري، لكني أثق أن البنى التحتية في كثير من ملاعب الدوريات الدنيا في إنجلترا وألمانيا وإسبانيا ليست أفضل من بعض الملاعب السعودية، بيد أن الثقافة الأوروبية في الحضور ترسّخ أهمية الدعم والمساندة لأندية المدن، وتشجع على التلاحم المجتمعي بالتواجد أسبوعياً لمشاهدة أبناء المدينة الصغيرة وهم يلعبون أمام الأندية الزائرة.
الحقيقة أن ثقافة الحضور للمباريات هي أصيلة في الدوري الانجليزي بمعدل 38.5 ألف مشجع للمباراة الواحدة، وكذلك الدوري الألماني 39.4 ألف مشجع للمباراة الواحدة، والدوري الإيطالي 30.8 ألف مشجع للمباراة الواحدة، ثم الدوري الإسباني 29 ألف مشجع للمباراة الواحدة.
في المقابل، فإن ثقافة الحضور للمباريات داخل المجتمع السعودي ضعيفة جداً باستثناء مباريات المناسبات مثل الديربيات والكلاسيكو والنهائيات وبعض المواجهات التي يكون طرفها الأندية الكبار، والحقيقة أنه لا يمكن القياس على هذه الاستثناءات لإظهار أن مباريات الكرة المحلية تحظى بمتابعة كبيرة.
أعرف أن المشجع السعودي لا يترك أي مباراة لفريقه، لكن هذا الحرص يبقى أسيراً بالمشاهدة من المنزل والاستراحة والمقاهي والمطاعم وغيرها.
في تقديري أن المجتمع في حاجة إلى عمل جاد في جذب أبنائه للحضور للمباريات والمنافسات الرياضية عموماً، وهذا لن يكون إلا وفقاً لاستراتيجية كبرى يخطط لها رسمياً لمقاربة الحضور الجماهيري للمنافسات للدوريات الكبرى عالمياً؛ بحيث يكون المعدل المتوسط لا يقل عن 20 ألف مشجع عند حلول عام 2034.
يقول بول باربل، مسؤول سابق في الدوري الإنجليزي، إنهم صنعوا جيلاً جديداً من مشجعي كرة القدم.
ويضيف في تقرير نشرته وكالة «رويترز» أن عدد المشاهدين الذين عمرهم أقل من 18 عاماً ينمو بسرعة.
في حين يشدد إيان ليناغان، رئيس رابطة الدوري الانجليزي، على أن الشبان الذين يشجع آباؤهم أندية كبيرة في البريمرليغ مثل ليفربول ويونايتد يساندون الآن أندية محلية؛ نتيجة عمل جاد داخل المجتمع، لكن الزيادة تستغرق وقتاً بين 15 و20 عاماً لتصل إلى نتيجة حقيقية.
يتابع: «نادي مثل هادر سفيلد تاون بذل جهوداً كبيرة لاجتذاب المشجعين الشبان عن طريق شراكات مع 190 مدرسة محلية، كما نحّى جانباً بعض المساعدات المالية من الدوري من أجل دعم أسعار التذاكر، كما أنه يفتح ملعبه التدريبي للعامة لمشاهدة نجومهم».
يقول باربر: «إذا استثمرت في مجتمعك ومنطقتك ستأتي الجماهير لمساندتك وتشجيعك».
أعتقد أن الأندية السعودية كافة مقصرّة في التواصل المجتمعي مع مشجعيها، وتحتاج إلى استراتيجية طويلة المدى، لبناء جسور من العلاقة الوثيقة جداً مع المجتمع لتكوين قاعدة مشجعين صلبة تتزايد مع مرور السنين.