علي المزيد
كاتب وصحفي سعودي في المجال الاقتصادي لأكثر من 35 عاما تنوعت خبراته في الصحافة الاقتصادية وأسواق المال. ساهم في تأسيس وإدارة صحف محلية واسعة الانتشار والمشاركة في تقديم برامج اقتصادية في الإذاعة السعودية، ومدير التحرير السابق لصحيفة الشرق الأوسط في السعودية وهو خريج جامعة الملك سعود.
TT

البحث عن المبررات

استمع إلى المقالة

اليوم الأحد، سيبدأ التداول في سوق الأسهم السعودية بعد إجازة عيد الأضحى، وطبيعة أسواق الأسهم في العالم التذبذب، إذ لا يمكن أن تستمر سوق أسهم في العالم أو في الأسواق العربية بالصعود إلى الأبد، أو بالهبوط إلى الأبد؛ لذلك نستخدم قمماً صاعدة أو قمماً هابطة في تعريف حالة سوق معينة سواء كانت السوق هابطة أو صاعدة، إذ إن السوق في حالة الصعود تتعرض لحالة تراجع ثم تصعد، وفي حالة الهبوط تتعرض لحالة صعود ثم تعود للتراجع؛ لذلك نستخدم تعبيرَي «القمم الهابطة» و«القمم الصاعدة» لوصف حالة السوق.

وفي كلتا الحالتين نجد المتعاملين يحاولون إيجاد مبررات لتفسير سبب الصعود أو سبب الهبوط، وتارة تكون المبررات منطقية وتارة غير ذلك، فأسواق العالم تتأثر بشكل طبيعي سلباً في حالة رفع الفائدة البنكية وتتأثر إيجاباً في حالة خفض الفائدة البنكية، ففي حالة رفع الفائدة البنكية تتجه السيولة للبنوك للحصول على عائد أعلى بحكم رفع الفائدة فتتأثر السوق سلباً بسبب خروج الأموال منها وتوجهها للبنوك فتنخفض أسعار الأسهم، ورغم سلبية الموقف فإن ذلك يعدّ فرصة ثمينة للمستثمر طويل الأمد في السوق، إذ إن انخفاض أسعار الأسهم يحسّن مؤشراتها من العائد السنوي ومن حيث مكرر الربحية لذلك يعد التراجع فرصة ثمينة للمستثمرين الكبار وفرصة لصغارهم ممن رؤوس أموالهم محدودة.

وفي كل سوق هناك سلعة استراتيجية تتحرك السوق وفقاً لسعرها، ففي السعودية هناك ترابط طردي بين سعر النفط وسوق الأسهم، فإذا ارتفع سعر النفط ارتفعت السوق بحكم توقع أن الحكومة ستزيد من إنفاقها على المشاريع مما يزيد السيولة، وفي حالة تراجع النفط يحدث العكس، إذ يُتوقع ترشيد الحكومة لإنفاقها ما يقلل السيولة في السوق.

ومن المعروف أن ارتفاع الفائدة يزيد الأعباء على الشركات بحكم ارتفاع تكاليف القروض، مما يؤثر في هامش الربحية، لذلك شاهدنا في السعودية بعض الشركات تقوم برفع رأس مالها حينما ارتفعت الفائدة عبر حقوق الأولوية لتسدد بعض ديونها لدى البنوك لتخفف الضغط على هامش الربحية، بعد ذلك يأتي أداء الشركة معياراً يُتَّخذ للاستثمار في سهم الشركة، فإذا كانت أرباح الشركة عالية ومنتظمة وتوزع عائداً سنوياً مجزياً ارتفع سهمها، وإذا كان أداء الشركة سيئاً وتحقق الخسائر هبط سهمها.

وفي حالة استقرار العوامل المحرِّكة للسوق نجد المتعاملين يستخدمون مصطلحات مختلفة، فإذا ارتفعت السوق برروا ذلك بدخول سيولة جديدة، وإذا هبطت السوق برروه بجني الأرباح، وهذا معيار لا يمكن التنبؤ به لأننا لا نعرف متى يقرر المتعامل الدخول بالسيولة؟ ولا نعرف متى يقرر جني الأرباح؟، وإذا ارتفعت السوق في آخر يوم يسبق إجازة في السوق برروا ذلك برغبة المتعاملين برفع السوق بعد الإجازة، وإذا هبطت السوق في هذا اليوم برروا الأمر بخوف المتعاملين من الإجازة، وذلك لعدم معرفتهم بما سيحدث في أثناء الإجازة، لذلك هم يبحثون عن مبرر فقط.

أي أن المتعاملين دائماً ما يبحثون عن المبرر وهذا حقهم، ولكن الوضع الصحيح للمستثمرين هو الشراء في حالة هبوط الأسهم دون قيمها العادلة، أو البيع في حالة ارتفاع الأسهم لما فوق قيمها العادلة، أما المضاربون فحالة خاصة لأننا لا نستطيع التنبؤ بقراراتهم، فتارة يضاربون في أسهم خاسرة ويرفعون أسعارها ويبيعون، أو قد يتورطون في سهم معين ويخرجون منه بالخسائر، وكل ذلك معتمد على ملاءة المضارب المالية. ودمتم.