مايكل روث
خدمة «نيويورك تايمز»
TT

الكليات الجامعية بين التزام المبادئ والتنفير

استمع إلى المقالة

في هذا الوقت من العام، تمتلئ الجامعات - مثل التي أعمل فيها - بطلاب المدارس الثانوية الذين يستعدون لاتخاذ ما يبدو وكأنه اختيار مهم، بداية من إيجاد كلية يستطيعون تحمل تكاليفها. علاوة على ذلك، يسعى العديد من الطلاب للعثور على كلية يمكنهم رؤية أنفسهم من خلالها. في كثير من الأحيان، يفهمون ذلك بمعنى إيجاد مكان مع طلاب يشبهونهم، في مكان يشعرون بالراحة به.

لا أستطيع أن أخبركم بعدد الأسر التي قادت لساعات طويلة إلى الحرم الجامعي في مكان ما، إلا أن ابنتهم أو ابنهم يرفض المكان بحججٍ مثل: «نحن لا نحتاج إلى الخروج. يمكنني أن أقول بالفعل إن هذا ليس مناسباً لي».

«ماذا عن جلسة المعلومات؟»، يسأل الوالد الصبور. «كلا».

اختيار الكلية بناء على الشعور بالراحة خطأ. إن الأشكال الأكثر مكافأةً من التعليم تجعلك تشعر بعدم الارتياح للغاية، ليس أقلها أنها تجبرك على الاعتراف بجهلك. يجب أن يأمل الطلاب في مواجهة الأفكار وتجربة الأشكال الثقافية التي تدفعهم إلى ما هو أبعد من آرائهم وأذواقهم الحالية. لا شك أن الاشمئزاز أمرٌ ممكنٌ، لكن اكتشاف أن الأساليب المرشحة التي خضعت لها في التعامل مع العالم حالت دون تحقيق الأمور التي تبتهج بها الآن. ويتعلم المرء من ذلك أيضاً.

في كلتا الحالتين، فإن التعليم الجامعي يجب أن يمكنك من اكتشاف القدرات التي لم تكن تعرف أنك تمتلكها مع تعميق تلك القدرات التي توفر لك المعنى والتوجيه. إن اكتشاف مثل هذه القدرات يعني ممارسة الحرية، على النقيض من محاولة التوصل إلى الكيفية التي تتوافق بها مع العالم على حاله. وغداً سيكون العالم مختلفاً على أي حال. التعليم يجب أن يساعدك في إيجاد طرق لتشكيل التغيير، وليس فقط إيجاد طرق للتعامل معه.

في هذه الأيام، قد يكون أول ما يلاحظه زوار الحرم الجامعي هو الاحتجاجات على الحرب في غزة. وسيكون ذلك جذاباً لبعض الذين يرون فيها التزاماً جديراً بالمبادئ والتنفير لأولئك الذين يرونها أدلة على التفكير الجمعي أو التخويف. إن أي حرم جامعي لا بد وأن يكون «مكاناً آمناً بالقدر الكافي»، وخالياً من المضايقات والترهيب، ولكنه ليس مكاناً تتعزَّز فيه الهويات والمعتقدات. ولهذا السبب، من المزعج للغاية أن نسمع عن الطلاب اليهود الذين يخشون التحرك بسبب التهديد بالإساءة اللفظية والبدنية. ولهذا السبب أيضاً، من الملهم أن نرى الطلاب المسلمين واليهود يخيمون سوياً للاحتجاج على حرب يعتقدون أنها غير عادلة.

رفض التوافق يمكن أن يعني أن تكون متمرداً، ولكن يمكن أن يعني أيضاً مجرد السباحة ضد التيار، مثل أن تكون متديناً من دون خجل في مؤسسة علمانية للغاية، أو أن تكون الصوت المحافظ أو التحرري في فصول دراسية متخمة بالتقدميين. ولقد سألت أحد هؤلاء الطلاب مؤخراً ما إذا كان يرى أي تحيز من جانب أعضاء هيئة التدريس، فأجاب: «لا تقلقوا علي. إن أساتذتي يجدونني رائعاً». قام بعض قدامى المحاربين العسكريين الذين التحقوا بجامعة الفنون الليبرالية التي أنتمي إليها بكسر الأحكام المسبقة السهلة لنظرائهم التقدميين في حين وجدوا أنفسهم يعملون في مجالات لم يتوقعوا قط أن يكونوا مهتمين بها.

على مر السنين، وجدت أن غير الملتزمين مساراً بعينه هم الأشخاص الأكثر إثارةً للاهتمام في صفوفي الدراسية، ووجدت أيضاً أنهم غالباً ما يتبين أنهم الأشخاص الذين يضيفون قيمة كبرى إلى المنظمات التي يعملون فيها.

بطبيعة الحال، حتى الطلاب الذين يرفضون الانضمام إلى القطيع يجب أن يتعلموا كيف يصغون إليه ويتكلمون معه وإلى فرق مختلفة عن مجموعاتهم الخاصة. وهذه قدرة ذات قيمة متزايدة، وسوف تساعدهم على شق طريقهم في العالم، أياً كانت الكلية التي يلتحقون بها، ومهما كان تخصصهم.

جنباً إلى جنب، يجب على الطلاب أن يتعلموا كيف يصبحون بشراً كاملين، وليس مجرد ملحقات، وهذا يعني استمرار التساؤل في ما يفعلونه ويتعلمون من بعضهم البعض. ولهذا السبب، فإن الكليات - المؤسسات العامة الكبيرة أو الكليات الدينية الصغيرة أو أي شيء بينهما - التي تغذي وتستجيب لطاقات طلابها هي التي تشعر بأنها على قيد الحياة فكرياً.

إذن، ما الذي يجعل من الكلية المكان المناسب؟ إنها ليست هيبة الاسم أو مرافق الحرم الجامعي. أولاً وقبل كل شيء، إنهم المعلمون. المعلمون العظماء يساعدون في جعل الجامعة عظيمة لأنهم أنفسهم لم ينتهوا أبداً من كونهم طلاباً. بالتأكيد، هناك الكثير من الكليات المليئة بأعضاء هيئة التدريس الذين يفكرون على حد سواء، الذين يستمتعون بمحيط الزمالة في الرأي السائد. يمكن للكلية أن تجعل منك شخصاً مفعماً بالغرابة أو الراديكالية في معتقد المراهقين. ولا بد من تجنب هذه الأماكن. وعلى النقيض من ذلك، هناك كليات تضم معلمين عظماء يمارسون الحرية من خلال تفعيل التساؤل، والقدرة على التقدير، وتذوق الاستفسار - وهم يفعلون ذلك لأنهم أنفسهم يبحثون عن هذه التجارب الموسعة. ويمكنكم أن تشعروا بعدم امتثالهم الخاص فيما يحاولون استفزاز طلابهم بعيداً عن الأشكال المختلفة للآراء المتلقاة.

العثور على الكلية المناسبة غالباً ما يعني العثور على هذه الأنواع من الأشخاص؛ زملاء الدراسة والموجهين، والطلاب الدائمين الذين يسعون إلى التعلم المفتوح الذي يجلب السعادة والمغزى.

* رئيس جامعة ويسليان الأميركية

* خدمة «نيويورك تايمز»