محمد رُضا
صحافي متخصص في السينما
TT

قطار الموت

استمع إلى المقالة

* منذ سنوات وقطار الحياة يتوقف عند محطات لينزل منه ناقد. آخر الراحلين هو الزميل التونسي خميّس الخياطي الذي تعود صداقتنا إلى الثمانينات.

* انسحب الخياطي من الحياة بهدوء كما فعل نقاد عرب آخرون قبله. ومثلهم سوف لن يتوقف عنده أحد بعد حين إلا لُماماً. هكذا هي الحياة. العطاء قد يكون صادقاً وكبيراً، لكنه ليس بحجمٍ يبقى في البال لما بعد الرحيل.

* لا أحد منا أفلاطون عصره، ولا بالشهرة التي تجوب الآفاق بل على العكس. نحن نقادٌ عرب نعيش واقعاً صعباً يفرض على العديد منّا التحرك كل في حدوده الصغيرة التي لا يكفي حجمها للتمدد.

* الحال نفسه مع مئات المخرجين والممثلين وكتاب السيناريو وسواهم. المشهورون منهم أقل من 20 في المائة. الباقون هم عابرو سبيل. يبدأون يوماً ومن ثَمّ ينتهون في يوم آخر.

* الصداقة هي أشياء كثيرة ليس من بينها الأنانية والمصلحة وكره الآخر أو الحقد عليه. لم يملك الخياطي أياً من هذه الخصال. كان لطيفاً، ودوداً، صادقاً فيما يحب وفيما يكره، ولديه سبب وجيه في ذلك. الأهم، كان يسعى ككلِّ ناقدٍ يحترم مهنته أن يلعب دوراً مفيداً في الثقافة السينمائية.

* كنا، خميّس وأنا، على وشك إصدار مجلة سينمائية في منتصف الثمانينات. رجل أعمال أردنيّ قرّر أنه مستعد لإصدارها. اجتمعنا في القاهرة ودعا رجل الأعمال، رجال أعمال (بينهم رئيس تحرير سابق لجريدة الأهرام والمخرج صلاح أبو سيف)، وأعلنها مدوّية... ومن ثَمّ غاب.

* في الفترة التي أشرفت فيها على الإدارة العربية لمهرجان دبي اقترحته وآخرين (بينهم الناقد المغربي الراحل مصطفى المسناوي) ليكونوا ضيوف المهرجان. معارضة المدير العام كانت أنهم لا يكتبون على نحو يومي. موقفي هو أنه من التعسّف ألا تتم دعوة من ساهم طويلاً في الثقافة السينمائية، حتى وإن لم يعد بعضهم يكتب مقالات في صحف. وهكذا كان.