علي المزيد
كاتب وصحفي سعودي في المجال الاقتصادي لأكثر من 35 عاما تنوعت خبراته في الصحافة الاقتصادية وأسواق المال. ساهم في تأسيس وإدارة صحف محلية واسعة الانتشار والمشاركة في تقديم برامج اقتصادية في الإذاعة السعودية، ومدير التحرير السابق لصحيفة الشرق الأوسط في السعودية وهو خريج جامعة الملك سعود.
TT

المراجعة أولاً

استمع إلى المقالة

سبق أن قررت السعودية أن يتراوح سكان العاصمة الرياض ما بين 15 مليون نسمة و20 مليون نسمة مع حلول عام 2030، ومثل هذه الخطة بُنيت على مبررات مقنعة، منها جاهزية البنية التحتية بشكل تخطى الخمسين في المائة في العاصمة الرياض، فبدلاً من أن أقدم خدمة البنى التحتية في مناطق متفرقة وسكان محدودين، مما يرهق الأجهزة الحكومية بالصيانة، ويجبرها على تقديم خدمات مكلفة لعدد محدود من الناس مثل خدمات التعليم والطبابة وغيرها؛ فمن الأفضل التركيز على مناطق تجمع الناس، وتقديم الخدمات لهم بدءاً من الماء وانتهاء بالتعليم والوظيفة.

وبصفتي أحد سكان مدينة الرياض، وأيضاً هي مسقط رأسي، سأحاول أن أصف مشاهدتي؛ فبعد هذا القرار بدأت أشعر بازدحام طرق المدينة، والغريب أنها مدينة مختلفة عن كل المدن، ففي العواصم تشعر بالازدحام في أوقات الذروة، وهي وقتا خروج الموظفين لأعمالهم ووقت عودة الموظفين من أعمالهم إلى منازلهم، أما في العاصمة السعودية فكل الأوقات ذروة حتى آخر الليل تجد طرقات المدينة مليئة بالحركة، طبعاً نتوقع كسكان للعاصمة السعودية الرياض أن يتحسن وضع المواصلات العامة، فالحافلات الآن بدأت تجوب شوارع العاصمة، وقطار الرياض يتوقع أن يحتفل بنقل الركاب نهاية العام الحالي، وهذا يخفف الضغط على شوارع العاصمة التي أصبحت تكلف سكانها وقتاً ثميناً يضيع في المواصلات، وأنتم تعرفون قبلي أن الوقت هو الاقتصاد مثلما يقول المثل الغربي «تايم إز مني».

ما يسر في هذا الأمر هو ما تناقلته وسائل الإعلام في الأيام الماضية من التغيير الذي طرأ على خطة العاصمة، فبدلاً من الوصول بسكانها إلى 15 مليون نسمة، سيصبح المستهدف 10 ملايين ساكن.

تغيير الخطط والمستهدفات لا يعني الفشل، بل يعني قمة النجاح والديناميكية، فالخطط عبارة عن وسيلة للوصول إلى أهداف محددة وفق إطار زمني منضبط، وحينما يبدأ تطبيق الخطة على الأرض يظهر للمخططين ما يوجب تغيير الخطة أو تعديلها وفق المتاح، وهو ما تفعله السعودية.

هنا يبرز سؤال مهم: هل سيؤثر ذلك سلباً على أسعار العقار في العاصمة التي بدأت أسعار عقاراتها تتقافز بشكل جنوني حتى أصبحت بعض عقاراتها خارج قدرة القوة الشرائية للمستهلك النهائي، لا سيما الشباب؟ أتوقع ذلك وفق عاملين: الأول أنه مع تقليص عدد سكان العاصمة سيتقلص الطلب، وهذا أمر طبيعي. ثانياً ارتفاع سعر الفائدة الذي سيجعل مشتري العقار يتريث على أمل أن تتراجع أسعار الفائدة ليتمكن من الاقتراض، على أن هذا التراجع أو ثبات الأسعار لن يتم في الوقت القريب؛ لأن العاصمة الرياض ما زالت عالية الطلب على الوحدات السكنية. ودمتم.