مارك شامبيون
كاتب من خدمة «بلومبرغ»
TT

دعوات الصقور لضرب إيران الآن مخطئة

استمع إلى المقالة

دعا مستشار الأمن القومي الأميركي السابق جون بولتون إسرائيل إلى الرد على القصف الصاروخي الإيراني الضخم الفاشل في نهاية الأسبوع الماضي، بتدمير منشآت الوقود النووي. من ناحية، هذا ليس مفاجئاً؛ فنادراً ما رأى بولتون مشكلة لم يكن يعتقد أنه يمكن إخضاعها بالقصف. ومع ذلك فهو ليس الوحيد الذي يعتقد أن قرار طهران بمهاجمة إسرائيل علناً قد قدم نافذة نادرة لاتخاذ إجراءات حاسمة لمنع إيران من أن تصبح قوة نووية، وكل المطلوب هو الإرادة للعمل.

يوافق أعضاء اليمين المتطرف في حكومة إسرائيل على ذلك، وكذلك بعض أجهزتها الأمنية. لو كان الأمر مجرد مسألة إرادة.

بولتون متهور، ولكن هناك الكثير من الأشياء التي يفهمها هو وغيره من الصقور إزاء إيران، بدءاً من الادعاء بأن المرشد الإيراني علي خامنئي، من خلال مهاجمة إسرائيل مباشرة مساء السبت، غيّر قواعد الاشتباك. فالبلدان كانا قبل ذلك يخوضان حرباً غير معلنة في الظل. ومن خلال جعل الهجوم مباشراً ومكشوفاً، خلق خامنئي خيارات سياسية جديدة لإسرائيل.

والصقور على حق أيضاً في أن إيران تستعد لإنتاج قنبلة نووية على رغم نفيها. منذ أن قال الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب في عام 2018 إنه سيسحب بلاده من الاتفاق النووي الذي أبرمته مع طهران، قفز المخزون الإيراني من اليورانيوم المخصّب من لا شيء تقريباً إلى أكثر من خمسة أطنان، بما في ذلك كميات متزايدة الأهمية تم تخصيبها إلى 20 في المائة و60 في المائة، وهي نسبة أعلى بكثير من 3.7 في المائة المطلوبة للاستخدام المدني، وجاهزة لمزيد من التخصيب السريع لدرجة الأسلحة، عند حوالي 90 في المائة.

ويعتقد معهد العلوم والأمن الدولي، ومقرّه واشنطن، الآن، استناداً إلى تحليل تقرير للمفتشين الدوليين صدر في فبراير (شباط) الماضي، أن إيران قامت بتخزين ما يكفي من اليورانيوم المخصب لإنتاج «سبعة أسلحة نووية في شهر واحد، وتسعة في شهرين، وأحد عشر في ثلاثة أشهر»، و12 - 13 في أربعة أشهر، و13 في خمسة أشهر. بعبارة أخرى، هي بالفعل قوة على عتبة النووية.

ومن الصحيح بالقدر نفسه أن إيران - كما ثبت مرة أخرى يوم السبت - تشكّل تهديداً وجودياً محتملاً لإسرائيل، سواء بشكل مباشر أو عبر وكلاء مثل «حماس» و«حزب الله» والحوثيين في اليمن.

ولن ينكر كثيرون أنه إذا أصبحت إيران دولة نووية، فمن المرجح أن تتطلع حكومات أخرى في المنطقة الأكثر اضطراباً إلى القيام بالشيء نفسه، من السعودية إلى تركيا. ولهذا السبب؛ فإن المخاوف بشأن طموحات إيران النووية كانت دائماً محل اهتمام الحزبين الجمهوري والديمقراطي في الولايات المتحدة وكذلك في إسرائيل. وكان الخلاف حول أفضل السبل لإحباطها.

وهنا يخطئ الصقور. وهم يزعمون دائماً أن إيران قد اقتربت من امتلاك قنبلة نووية بسبب «ضعف» الرؤساء الأميركيين المتعاقبين، باستثناء دونالد ترمب، بالطبع، الذي احتفلوا بسياسة «الضغط الأقصى» وقراره بالتخلي عن اتفاقيات 2015. لقد قام بولتون بحملة طويلة وشاقة من أجل هذا الخروج.

لقد فشلت الحكومات الأميركية والإسرائيلية المتعاقبة في إلغاء البرنامج لأنه من الصعب فعل ذلك، ولأنها كانت تخشى عن حق أن أي محاولة فاشلة قد تؤدي إلى نتائج عكسية سيئة. في الواقع، كانت نتيجة «الضغط الأقصى» الذي مارسه ترمب هو إنتاج الحد الأقصى من قدرة التخصيب الإيرانية والحد الأقصى من مخزونات اليورانيوم المخصب.

دعا بولتون إلى ردٍ غير متناسب في مقابلة تلفزيونية، وقال إن تدمير منشآت إيران النووية سيتضمن أولاً حملة كبيرة لتدمير دفاعاتها الجوية. تتمتع الولايات المتحدة وإسرائيل بالقوات الجوية الأكثر قدرة على هذا الكوكب، ولكن كما أظهرت الحرب في أوكرانيا، فإن أنظمة الدفاع الجوي الحديثة - التي اشترت إيران بعضها من روسيا - هي أيضاً قادرة للغاية.

وقد تكون تلك مخاطرة تستحق المجازفة إذا كان من المتوقع بشكل معقول أن تصل العملية إلى جميع المنشآت النووية وتدمرها. سيكون الأمر بسيطاً في بعض الحالات بمجرد التعامل مع الدفاعات الجوية؛ لأن لدى إيران الكثير من منشآت التخصيب المعروفة فوق الأرض والتي يمكن ضربها. لكنها تعمل أيضاً على تحصين برنامجها ضد الهجمات منذ سنوات. هناك سلاسل من أجهزة الطرد المركزي تدور إلى درجة تخصيب 60 في المائة في فوردو، حيث اكتشف مفتشون من الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة، مطلع العام الماضي، آثار يورانيوم مخصب بنسبة 84 في المائة - وهي أقل بقليل من درجة التخصيب في الأسلحة.

ووجد تحليل أجرته وكالة «أسوشييتد برس» لصور الأقمار الاصطناعية في مايو (أيار) الماضي أن إيران كانت تحفر أيضاً موقعاً جديداً لمصنع التخصيب الأكثر شهرة لديها، في نطنز، على بعد 180 كيلومتراً إلى الجنوب من قم، تحت جبل آخر. وهذه المرة الأمر أعمق من فوردو. ليس هناك ما يضمن أنه حتى القنابل الخارقة للتحصينات التي طورتها الولايات المتحدة لهذا الغرض ستكون قادرة على الحفر عبر هذه الجبال للوصول إلى المنشآت الموجودة تحتها.

من الأساطير أيضاً أن الولايات المتحدة وإسرائيل لم تهاجما أبداً البرنامج النووي الإيراني. لقد فعلتا ذلك لسنوات، بطرق تشكل مخاطر تصعيد أقل بكثير، بما في ذلك تهريب العبوات الناسفة وإصابة أجهزة الكومبيوتر التي تتحكم في أجهزة الطرد المركزي. فقد دمر فيروس ستوكسنت ألفاً من أصل تسعة آلاف جهاز طرد مركزي في منشأة نطنز (فوق الأرض) في عام 2010، من خلال جعلها تدور بسرعة كبيرة.

ودمرت الانفجارات في نطنز عامي 2020 و2021 آلافاً أخرى من أجهزة الطرد المركزي. وبين كل ذلك، تم اغتيال عدد كبير من علماء الفيزياء النووية والإداريين الإيرانيين. ويمكن القول إن هذه النكسات هي بقدر ما يمكن أن تحققه ضربة جوية. ومع ذلك، وبعد ثلاث إلى أربع سنوات، أصبحت إيران تمتلك أجهزة طرد مركزي أكثر تقدماً ويورانيوم عالي التخصيب أكثر من أي وقت مضى.

ما تثبته هذه الهجمات السابقة كلها هو أنه حتى لو تمكنت الولايات المتحدة وإسرائيل من تحديد جميع مرافق التخصيب العلنية والسرية، وتحييد الدفاعات الجوية الإيرانية واختراق الكهوف الجوفية، فمن المرجح أن يؤدي الضرر الناجم إلى تأخير البرنامج ولكنه لن يقضي عليه، مع ضمان اندلاع حرب إقليمية.

وما دام أنها تحتفظ بالمعرفة، فستتمكن إيران من إعادة بناء عملياتها. ومن ناحية أخرى، فمن المؤكد أن النظام سينهي كل أشكال التعاون المتبقية مع المفتشين الدوليين، بينما يسعى جاهداً إلى إنتاج رادع نووي جدير بالثقة.

منذ عام 2012، قامت دراسة أقرّها أكثر من عشرين من الجنرالات والدبلوماسيين الأميركيين السابقين وغيرهم، بما في ذلك مستشار الأمن القومي السابق زبيغنيو بريجنسكي، بوزن إيجابيات الهجوم وسلبياته، وانحازت إلى جانب الحذر، وتقييم أن برنامج طهران حتى ذلك الحين يمكن أن يتأخر لمدة عامين على الأكثر، وبعد ذلك يصبح احتمال حصول إيران على أسلحة نووية أكثر، وليس أقل احتمالاً. وفي هذه الأثناء، سيكون هناك رد فعل سلبي كبير.

مقاربة الضعف في مقابل الصلابة لعبة اصطلاحية غير مناسبة لقرارات الحرب والسلام. فهي لا تذكر شيئاً عما قد ينجح، ولا تحدد ما إذا كانت المنافع تفوق تكاليف الحرب والمجهول الذي تفتح أبوابه. والواقع، كما وجدته الولايات المتحدة في أفغانستان والعراق، والآن إسرائيل في غزة، هو أن التحرك الصارم في غياب إطار سياسي متين وأهداف قابلة للتحقيق يميل إلى الإتيان بنتائج عكسية.

* كاتب من خدمة «بلومبرغ»