في ظل سعي السعودية لتحقيق رؤية 2030، التي تشمل مستهدفات في شتى المجالات الحياتية المختلفة؛ يبرز مفهوم القوة الناعمة لارتباطه بها بشكل أساسي، كونها قوة جاذبة تمثّل رصيداً ثميناً لرأسمال اقتصادي وسياسي يعزز نفوذ السعودية على الصعيد الدولي بعيداً عن القوة الصلبة بالاعتماد على موارد قوامها قيم دينية واقتصادية وسياسية وثقافية.
وتحتل السعودية مركزاً اقتصادياً مرموقاً؛ حيث إن اقتصادها هو الأكبر في الشرق الأوسط، ومن أكبر عشرين اقتصاداً في العالم، كما يعد الاقتصاد المزدهر إحدى ركائز رؤية السعودية 2030؛ إذ تستهدف السعودية رفع حجم اقتصادها ليصبح ضمن المراتب الأولى على مستوى العالم، وذلك عبر إيجاد بيئة استثمارية جاذبة وتنويع اقتصادها، لرفع نسبة الصادرات غير النفطية من 16 بالمائة إلى 50 بالمائة من إجمالي الناتج المحلي غير النفطي، ورفع نسبة مساهمة القطاع الخاص من 40 بالمائة وحتى 65 بالمائة من الناتج المحلي.
وتجدر الإشارة إلى أن صندوق الاستثمارات العامة السعودي صعد للمركز السادس عالمياً بين صناديق الثروة السيادية، وفقاً لأحدث إحصائية من 2023 SWF Institute، وشهدت أصول الصندوق ارتفاعاً من 690 مليار دولار إلى 776.7 مليار دولار في سباق صناديق الثروة السيادية العالمية.
ويذكر أن صندوق الثروة النرويجي يتربع على عرش الصناديق السيادية مع إجمالي أصول بلغ 1.47 تريليون دولار، يليه صندوق الاستثمار التعاوني الصيني، إذ يبلغ إجمالي أصوله 1.35 تريليون دولار، وفي المركز الثالث عالمياً جاء صندوق الثروة السيادي الصيني «SAFE»، بصافي أصول 1.019 تريليون دولار، بينما كان صندوق سلطة الاستثمار في أبوظبي الرابع عالمياً، والأول عربياً مع أصول بلغت 853 مليار دولار، يليه صندوق الثروة الكويتي بصافي أصول 803 مليارات دولار.
ويُعدّ الصندوق السيادي السعودي بمثابة العمود الفقري لبرنامج رؤية السعودية 2030 نحو تسريع وتيرة التنويع الاقتصادي، إذ أعلن الصندوق إطلاق شركة «كياني»، التي تهدف إلى تعزيز الحياة الصحية للمرأة في السعودية، حيث ستركّز الشركة على صحّة ونمط الحياة للأجيال المستقبلية من خلال 6 خدمات رئيسية، تشمل اللياقة البدنية، والملابس الرياضية، والعناية الشخصية والعلاجية، والتغذية والتشخيص، والأكل الصحي، بالإضافة إلى التثقيف الصحي.
وأوضح الصندوق أن الشركة تهدف إلى الاهتمام بكل ما يخص المرأة في مختلف خدماتها، وبشكل خاص الصحة النفسية، والجسدية، والاجتماعية، وتسعى الشركة للوصول إلى أكثر من مليون مستفيدة؛ من أجل الإسهام في استحداث مجتمع حيوي، تماشياً مع مستهدفات رؤية السعودية 2030. إذ إن إطلاق شركة «كياني» يأتي تماشياً مع استراتيجيته الهادفة إلى تمكين القطاعات الواعدة، وتوطين التقنيات، وتمكين القطاع الخاص، وتنويع مصادر دخل الاقتصاد المحلي، والإسهام في تحسين جودة الحياة بما يتماشى مع مستهدفات الرؤية.وستقدّم الشركة خدمات إلكترونية على أعلى المستويات العالمية، لتشكل ربطاً سلساً بين الخدمات المباشرة والرقمية؛ سعياً للوصول بأفضل الخدمات إلى فئة واسعة من المستفيدات. وستعمل على تمكين قطاعات الصحة، والرفاهية، واللياقة البدنية في السعودية، والإسهام في تطويرها من خلال التعاون مع القطاع الخاص، بما يدعم المنظومة الاقتصادية المحلية.
وكان صندوق الاستثمارات العامة، أعلن خلال الفترة الأخيرة، إطلاق عدة شركات في قطاعات مختلفة؛ منها شركة «سرج» التي تركز على الاستثمار في الأصول الرياضية المحلية والإقليمية، إضافة إلى شركة «أسفار» لتنمية القطاع السياحي، و«تراث التمور» التي تهدف إلى زيادة حجم المحتوى المحلي لقطاع التمور، ورفع إسهامه في الناتج المحلي الإجمالي، كما ساهم ارتفاع قيمة المشاريع الكبرى نيوم، والبحر الأحمر، والقدية، وروشن بنحو 245.7 في المائة إلى 121 مليار ريال (من 34 ملياراً)، ونمو محفظة الاستثمارات في الشركات السعودية بنسبة 49 في المائة إلى 718 مليار ريال (من 483 ملياراً)، في تحقيق الصندوق هذه القفزة في أصوله.
وفي الختام، فإن عناصر بناء القوى الناعمة السعودية ومنها شركة «كياني»، تعد مؤشراً على ما تملكه السعودية من إيمان وثقة برؤية تنموية شاملة لا تقتصر على السعودية وشعبها فقط؛ بل تمتد إلى دول وشعوب منطقة الشرق الأوسط، ويصل أثرها الإيجابي لدول العالم برمّته؛ نظراً لما تتميز به السعودية من ثروات طبيعية واقتصاد متين باعتبارها واحدة من مجموعة العشرين، وموقع جغرافي استراتيجي مميز يمثّل حلقة وصل بين الشرق والغرب.