د. جبريل العبيدي
كاتب وباحث أكاديمي ليبي. أستاذ مشارك في جامعة بنغازي الليبية. مهتم بالكتابة في القضايا العربية والإسلامية، وكتب في الشأن السياسي الليبي والعربي في صحف عربية ومحلية؛ منها: جريدة «العرب» و«القدس العربي» و«الشرق الأوسط» اللندنية. صدرت له مجموعة كتب؛ منها: «رؤية الثورات العربية» عن «الدار المصرية اللبنانية»، و«الحقيقة المغيبة عن وزارة الثقافة الليبية»، و«ليبيا بين الفشل وأمل النهوض». وله مجموعة قصصية صدرت تحت عنوان «معاناة خديج»، وأخرى باسم «أيام دقيانوس».
TT

حول المسجد الأقصى وإغلاقه

تم إغلاق المسجد الأقصى ومنع الصلاة فيه من قبل سلطات الاحتلال والتعسف والظلم الإسرائيلي في سابقة تاريخية منذ 800 عام لمنع رفع الأذان وإقامة شعائر الصلاة فيه، في انتهاك صارخ لحقوق العبادة والتعبد وصمت تام لمنظمات حقوق الإنسان.
المسجد الأقصى الذي يصوّره بعض الإعلام الغافل على أنه مجرد قبة الصخرة، في اختزال إعلامي، يعد تمهيداً لربط صورة ذهنية لتجعل من المسجد قبة الصخرة فقط لا غير، وسقط البعض من الإعلام العربي في هذا الفخ الإسرائيلي. المسجد الأقصى سمي بذلك لأنه أبعد المساجد عن أهل الحجاز في ذلك الوقت، وجاء في القرآن: «سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله». وبقي المسجد في عهدة المسلمين بعد أن فتحه الفاروق عمر إلى أن جاء حكام الفاطميين، فتمكن الغرب في إحدى حملاتهم الصليبية من المسجد الأقصى بسبب تراخي هؤلاء الحكام، وتقصيرهم في حماية المسجد.
من حرق المسجد في ذكرى هدم الهيكل (المزعوم) كان يهودياً في ثوب أسترالي وصف فيما بعد بالجنون، كما وصف غولدا شتاين، وهو طبيب أميركي وسفاح الحرم الإبراهيمي بالمرض نفسه ليتم تهريبه من جرم الفعل، وهل بحرق المسجد يبنى الهيكل المفقود؟ وهل حفر الأنفاق تحت أساسات المسجد هو مرحلة أخرى أم أنه البروتوكول رقم 25 الذي سقط سهواً في مؤتمر بال، ليبقى السؤال: ما دخل المسجد في كل هذا؟ فهدم الهيكل حدث في عهد الرومان، ولم يكن الهيكل في المكان نفسه، فمسيرتهم لهدم المسجد الشريف تلفها الأكاذيب فجاءوا بفرية أن المسجد بني على خراب الهيكل في جبل الهيكل وهم يطلقون على هضبة المسجد الأقصى «هارهاباييت» أي جبل الهيكل كما يزعمون، في حين الحقيقة مخالفة لرواية أحبار اليهود، فالهيكل المزعوم سبق أن هدم مرتين وفي كلتيهما كان من هدموه ليسوا من العرب ولا المسلمين، بل الرومان، إذ هدم الإمبراطور تيطس الروماني الهيكل ومنعهم من التعبد في مكانه.
يظهر أن المنطق الإسرائيلي في التعامل مع الأمور هو منطق مذابح صبرا وشاتيلا وكفر قاسم وكفر ياسين والحرم الإبراهيمي وقانا وغزة، فالصهيونية تبرر أفعالها من خلال ميراث من الحقد القديم وعقدة شعب الرب، ولم تستطع التخلص من هذا الميراث.
الفكر الصهيوني لا يتوخى السلام ولا ينشده، وهو ما تمارسه السياسة الإسرائيلية ضد الفلسطينيين من عدم الاعتراف بحقوقهم والتضييق عليهم وكأنهم آتون من كوكب آخر وليسوا أصحاب الأرض، وحتى سلام أريحا جاء نتاج خرافة تقول: «ملعون من يبني حجراً في أريحا»، فالصهيونية فكر ومنطق متطرف شرع في زرع الأكاذيب والأحلام والأوهام الخرافية من قيام دولة إسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات، فكانت البداية بحرق المسجد على يد يهودي في ثوب أسترالي يدعى مايكل روهان.