مشعل السديري
صحافي وكاتب سعودي ساخر، بدأ الكتابة في الصحف السعودية المحلية، ثم في صحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية، تتميز كتاباته بالسخرية اللاذعة، ويكتب عموداً ثابتاً في «الشرق الأوسط».
TT

رسالة إلى دريد لحام

كنت وما زلت أقدر الفنان السوري (دريد لحام)، كفنان مثقف له مسرحيات وأدوار كان لها أبلغ الأثر في الجماهير العربية، خصوصاً دمج (الكوميديا بالدراما)، فلم يبالغ بالحزن السوداوي ولم يبالغ بالهزل الساذج كذلك، لهذا كان مقنعاً ومقبولاً.
وتمنيت لو أنه لم ينتكس في المدة الأخيرة، وينغمس مع من انغمسوا في وحول السياسة، وهي الكلمة التي تكون أحياناً مرادفة لكلمتي المراوغة والمخادعة أو ما شابههما.
طبعاً الأزمة السورية أزمة معقدة لا تشبهها أية أزمة، والأطراف المتصارعة في ساحتها لها ما لها وعليها ما عليها، وإذا كان هو أراد أن ينحاز للحكومة ويبقى في دمشق، فهذا من حقه كمواطن حر، ولكن أن يذهب إلى إيران - عيني عينك - ويقبل يد المرشد بكل ذلة، ويخاطبه قائلاً بالحرف الواحد:
السيد علي (خامئني) المرشد الأعلى للثورة الإيرانية، في روحك القداسة، وفي عينيك الأمل، وفي يديك العمل، مختتماً كلمته بالقول: (لك الحب والإجلال، عاشت إيران) - انتهى.
هذه والله كبيرة، أنت بهذه الكلمات المجانية هدمت كل ما بنيته، وأصبحت أدوارك ومواقفك وكلماتك التي طالما تغنيت بها (بالعروبة) مشكوك فيها - أي أنك كنت بالفعل (تمثل) علينا ونحن نضحك ولا نعلم.
إنني لست ضد إيران كدولة (عاقلة)، ولست ضد المذهب الشيعي كمذهب، ولكنني ضد توظيفه لإحداث الزوابع في بلاد العرب، ولي من إخواني الشيعة الكثير من الأصدقاء الذين أفخر بهم ولا أرضى عنهم بديلاً.
كما أنني ضد الكذب و(مسوح الرهبان) - وسوف أقول لك لماذا -
هل تعلم يا سيد (دريد)، أن المرشد الذي قبلت يده يتربع على عرش الأثرياء في العالم بلا منازع؟! فهو يهيمن على ثروة تقدر بـ(95) مليار دولار، وذلك نقلاً عن وكالة (رويترز)، وأن هذه الثروة تعادل (30) مرة، ما كان يملكه (الشاه)، الذي أسقطته ثورة الخميني، بدعوى محاربة الفقر، ونشرت مجلة (فوربس) تقريراً تحت عنوان (الملالي المليونيرات)، كشفت فيه حقيقة الشهوة للقوة والمال لدى رجال الدين بعد بلوغهم السلطة في إيران، رغم رفع شعار الزهد ومحاولة ترسيخ صورة الحياة البسيطة عند المواطنين التابعين لهم، لكن هذه المزاعم التي يدعيها الملالي، أثبتت الحقائق أنها عكس هذا.
وأوضحت المجلة، أن هذه المليارات يجنيها رجال الدين الشيعة من احتكار المؤسسات الخيرية، وإدارة المزارات الدينية والمرافق الحكومية، والاقتصاد الإيراني بالكامل، انطلاقاً من البنوك ومروراً بالفنادق والشركات، بل وحتى وصولاً إلى الصيدليات ومحلات البقالة - انتهى.
فيا أيها الفنان: إنها سقطة لا تغتفر، ولو لم تكن أو كانت لديك معزة سابقة عندي، لما كتبت هذا المقال، فهل تستطيع التكفير عن نفسك؟! إنني أشك في ذلك.