زاهي حواس
عالم آثار مصري وخبير متخصص بها، له اكتشافات أثرية كثيرة. شغل منصب وزير دولة لشؤون الآثار. متحصل على دبلوم في علم المصريات من جامعة القاهرة. نال درجة الماجستير في علم المصريات والآثار السورية الفلسطينية عام 1983، والدكتوراه في علم المصريات عام 1987. يكتب عموداً أسبوعياً في «الشرق الأوسط» حول الآثار في المنطقة.
TT

تعامد الشمس بين العلم والخيال

تحدث ظاهرة تعامد الشمس - التي سجلها علماء المصريات - في معبد أبو سمبل الشهير للملك رمسيس الثاني يومين في كل عام، حيث تخترق أشعة الشمس المعبد من الداخل يومي 21 أكتوبر (تشرين الأول) و21 فبراير (شباط) لتصل إلى وجه تمثال رمسيس الثاني القابع في قدس أقداس المعبد. وتقوم محافظة أسوان بالتعاون مع وزارة الآثار بعمل احتفالية جميلة يحضرها كثير من أهالي النوبة وأسوان والأجانب الموجودين بأسوان. وبالإضافة إلى تعامد الشمس بمعبد أبو سمبل يوجد تعامد آخر يحدث على كتف أبو الهول يومين أيضاً في العام. ويشير العلم إلى براعة الفراعنة في علوم الفلك والرياضيات والهندسة ولا يوجد شك في أن تعامد الشمس على وجه رمسيس الثاني كان مقصوداً من قبل المهندس المعماري المسؤول عن مشروع إنشاء المعبد، خصوصاً بعد أن جعل رمسيس من نفسه معبوداً من ضمن المعبودات ووضع تمثاله مع تماثيلهم داخل قدس الأقداس. أما عن أبو الهول فقد استطاع المهندس المعماري العبقري «عنخ حاف» الذي كان مسؤولاً عن المجموعة الهرمية للملك خفرع؛ وهو الذي أكمل هرم الملك خوفو؛ استطاع عنخ حاف أن يتم عمل تمثال أبو الهول وجعله ممثلاً للشمس التي تشرق وتغرب في الأفق ويمثله هنا هرما خوفو وخفرع؛ يتأكد ذلك من مخصص اسم أبو الهول في الدولة الحديثة «حور إم أخت» بمعنى حورس في الأفق.
وإذا انتقلنا للحديث عن الخيال والأسطورة فسنجدهما ممثلَين فيما نسمعه من غير المتخصصين عن أن اليومين اللذين تتعامد فيهما الشمس على وجه رمسيس الثاني يمثلان يوم مولد الملك ويوم تتويجه فرعوناً على مصر! هذا بالإضافة إلى كثير من التفسيرات الأخرى التي لا يوجد دليل واحد علمي يؤيدها. وفى الحقيقة فإن موضوع تعامد الشمس في معبد أبو سمبل قد أثار خيال الناس في كل زمان ومكان حتى أن آلاف السائحين يحرصون على زيارة المعبد في توقيت التعامد لرؤية الظاهرة الفلكية الغريبة؛ التي تم الحفاظ عليها حتى بعد نقل المعبد من مكانه إلى مكان يرتفع عن الموقع الأصلي بنحو 60 متراً.
أما الموضوع الذي يشغلني حقاً وأتمنى أن نضع له تفسيراً، فهو الخاص بوصول أشعة الشمس في السادسة صباحاً إلى المعبد المعروف لدى العامة باسم معبد إيزيس. ويقال إن الشمس تتعامد على لوحتي آمون ومنتورع داخل قدس أقداس المعبد وتستمر لمدة 25 دقيقة. وقد تم الإعلان عن وجود فريق بحثي يعمل الآن على رصد الظواهر الفلكية؛ ويرأسه أيمن أبو زيد رئيس الجمعية المصرية للتنمية السياحية والأثرية. وقد أعلنوا أنهم يقومون برصد أربع عشرة ظاهرة فلكية تحدث داخل كثير من المعابد المنتشرة في أرجاء مصر. والحقيقة أن رصد هذه الظواهر ودراستها سوف يثبت تقدم المصريين القدماء في الفلك. والشيء الوحيد الذي نأخذه على موافقة اللجنة الدائمة للآثار على المشروع هو عدم وجود أثريين ضمن فريق العمل. لقد حضر الدكتور خالد العناني وزير الآثار الاحتفال الذي أقيم أمام معبد أبو سمبل وأعلن أن موضوع تعامد الشمس ما زال موضوع خلاف بين العلماء وهذا صحيح؛ ولذلك أعتقد أن هناك واجباً على وزارة الآثار لحسم هذا الأمر بالبحث والدراسة لكونها الجهة الوحيدة في مصر المسؤولة عن كل ما يتعلق من مسائل تخص التراث المصري الأثري.