سمير عطا الله
كاتب عربي من لبنان، بدأ العمل في جريدة «النهار»، ويكتب عموده اليومي في صحيفة «الشرق الأوسط» منذ 1987. أمضى نحو أربعة عقود في باريس ولندن وأميركا الشمالية. له مؤلفات في الرواية والتاريخ والسفر؛ منها «قافلة الحبر» و«جنرالات الشرق» و«يمنى» و«ليلة رأس السنة في جزيرة دوس سانتوس».
TT

صدام الروائي: «الشيخ والبحر»

يسأل المحقق جون نيكسون الرئيس العراقي المعتقل عن سفيره لدى الأمم المتحدة، نزار حمدون: لماذا استدعيته من هناك، مع أنه كان ناجحًا إلى حد بعيد؟ يقول صدام إن نزار حمدون كان مريضًا، ووزارة الخارجية تحظر معالجة موظفيها في الخارج: «ومع ذلك قدمت له خمسة آلاف دولار مني كي يصرفها على طبابته».
يعلق نيكسون على ذلك بالقول، إن مبلغ خمسة آلاف دولار لا يشكّل شيئا في العلاجات الأميركية، لكن صدام، على الأرجح، أراد عودة نزار حمدون إلى بغداد بسبب نجاحه الفائق في إقامة علاقات دولية ومع الإدارة الأميركية. ويتحدث صدام عن اعتزازه بالانتساب إلى حزب «البعث»: جميع أفراد العائلة كانوا بعثيين، فيما عدا خالي خير الله طلفاح، لأنه كان متقدمًا في السن.
عندما تحدث كأديب وكاتب، قال إن روايته المفضلة في الأدب العالمي هي «الشيخ والبحر» لإرنست همنغواي: «تصور هذه التركيبة المذهلة المؤلفة من صياد عجوز ومركب وصنارة. تلك هي العناصر الوحيدة في الرواية، لكنها تطلعنا على أعماق النفس البشرية».
يقول نيكسون إن قادة الحملة على العراق كانوا يجهلون كل شيء عن شعبه وعن تاريخه. ومعظم ما عرفوه عن صدام كان من الأشياء التي شاعت في الصحف. وكان وزير الدفاع دونالد رامسفيلد يزدري مبعوث الإدارة بول بريمر. ورامسفيلد هو الذي اتخذ قرار حل الجيش العراقي وإزالة آثار «البعث»، وليس بريمر، كما هو شائع في العالم.
يقول نيكسون إن «إحدى سخريات حرب العراق هي أن الديكتاتور صدام حسين، ومقاتل الحريات جورج دبليو بوش، كانا متشابهين في نواح كثيرة. كلاهما كان متشاوفًا ومتكبرًا. كلاهما كان يجهل العالم الخارجي، ولم يسافر كثيرًا. كلاهما كان يرى الأشياء أسود أو أبيض، والناس معي أو ضدي. كلاهما أحاط نفسه بمستشارين طيّعين ولا يطيقان الاعتراض. كلاهما كان يحتقر آراء الخبراء. كلاهما كان بلا خبرة عسكرية، وكلاهما كان يؤمن خطأ بجدوى القوة. كلاهما اتخذ قرارات عسكرية مبنية على أغراض سياسية. كلاهما لم يُدرك أن التهديد بالقوة أفعل من استخدامها. كلاهما تسلم دولة تتمتع بالاستقرار والازدهار ودفعها إلى الحرب والديون. كلاهما أقر لي بأنه اعتمد على الجرأة والغريزة بدل المشورة الفكرية».
يعقد نيكسون مقارنة بين بوش الأب وبوش الابن، ولا حاجة طبعًا إلى إعلان النتيجة، لكنه يقول إن «حاسة الدعابة عند الابن يبدو وكأنها لم تتطور منذ أيام الإعدادية».