د. جبريل العبيدي
كاتب وباحث أكاديمي ليبي. أستاذ مشارك في جامعة بنغازي الليبية. مهتم بالكتابة في القضايا العربية والإسلامية، وكتب في الشأن السياسي الليبي والعربي في صحف عربية ومحلية؛ منها: جريدة «العرب» و«القدس العربي» و«الشرق الأوسط» اللندنية. صدرت له مجموعة كتب؛ منها: «رؤية الثورات العربية» عن «الدار المصرية اللبنانية»، و«الحقيقة المغيبة عن وزارة الثقافة الليبية»، و«ليبيا بين الفشل وأمل النهوض». وله مجموعة قصصية صدرت تحت عنوان «معاناة خديج»، وأخرى باسم «أيام دقيانوس».
TT

خطاب رحيل أوباما

خطاب وداع أوباما كان عاطفيًا عدّد فيه ما زعم أنه إنجازات وتناسى من بينها نشر الفوضى الخلاقة وتمكين «داعش» وأخواتها تحت مسمى «الربيع العربي» ونشر الديمقراطية، فجلب وصاحبته هيلاري كلينتون ومن ناصرهما من أتباع البنا وقطب الدمار للشرق الأوسط وتهجير الملايين لتحقيق مشروع الفوضى الخلاقة لتقسيم المنطقة وإعادة رسم خريطة سايكس بيكو التي وضعت خطتها كوندوليزا رايس في عام 2006. خطاب أوباما كان مشبعًا بالكلمات الرنانة والعاطفية أشبه بخطابه الذي ألقاه في جامعة القاهرة؛ لم يقدم شيئًا للمسلمين والعرب، فعهد أوباما كلينتون كان الأسوأ من عهد الإنجيلي بوش الابن.
باراك حسين أوباما، هذا الاسم الذي كشف الغطاء عن مجتمع راديكالي بثوب ديمقراطي يدعي أن الدين لله والوطن للجميع، ففي الوقت الذي تدعي فيه أميركا أنها البلد الذي يحترم الديانات نجد الحقيقة غير ذلك، والدليل الزوبعة التي أثيرت حول ديانة باراك حسين أوباما، هل هو مسلم أم مسيحي؟ رغم أنه حسم الأمر بكونه مسيحيًا بقوله: «أنا مسيحي متدين، وأن قضائي بعض الوقت في الخارج خلال طفولتي يمثل تجربة جيدة ومفيدة، ولكنني لم أذهب إلى مدرسة من ذلك النوع (مدرسة إسلامية في إندونيسيا)».
إلا أنهم كانوا يطاردون ماضيه وجذوره الإسلامية رغم تبرئه منها، فأين حرية الديانة إذن؟
هذا الخوف جعل السيد باراك حسين أوباما يعاني من أزمة هوية، ليتحول الرهان على أوباما كالرهان على جواد أعرج وخاسر؛ ففي عهده انتقلت الحروب إلى الشرق الأوسط تحت مسمى «ثورات الربيع العربي»، وفي عهده ظهرت أو صنعت «داعش» اختصاص ذبح مسلمين فقط لا غير، وهي نسخة معدلة من «القاعدة».
السيد باراك حسين أوباما المتحدر من أصل كيني لأب مسلم يتنكر لأصله، بل لو وجد في تغيير لون جلده مفرًا لفر إليه هربًا من عقدة اللون، ولو تنكر لها أوباما نفسه وأسقط اسمه الأوسط (حسين) فلا ضير أن يكون مسيحيًا أو يهوديًا.
الحقيقة حتى لو قطع جميع العهود والمواثيق فلن تذهب النظرة السوداوية، حيث يقول الكاتب الأميركي توماس فريدمان: فما انفك أوباما يؤكد لجمهور الأميركيين نشأته المسيحية وأنه ليس مسلمًا. حقيقة القول هم ما سمحوا له إلا بعد أن لبس القبعة اليهودية وطرد الإسلام من ذاكرته، فكيف لنا أن نصدق السيد أوباما.
عشية انتخاب أوباما جاء في صحيفة «الغارديان» أن «الإسلام ليس فضيحة يا أوباما» وترى ناعومي كلاين كاتبة المقال أن «خصوصية أوباما تتمثل في كونه هو وحده الذي عاش في إندونيسيا وهو وحده الذي لديه جدة أفريقية، وبذلك يستطيع (إصلاح العالم) بعد ما سببته له كرة بوش التدميرية من خراب».
في حين ذكرت صحيفة «التايمز» عن توم بالدوين قوله: «إن أصول السيناتور باراك أوباما المسلمة طفت مؤخرًا مرة أخرى على السطح مع انتشار مزاعم على الإنترنت مفادها أنه مسلم في السر».
وماذا لو كان أوباما مسلمًا في السر؟ ماذا يضير أميركا؟ فهو ليس أحد العمرين، ولا نصيرًا للمسلمين كما ظن البعض، ألم يقولوا لنا إنهم بلد التعددية وحرية الرأي والدين؟! أم أن صاحب البيت الأبيض لا بد أن يكون مسيحيًا إنجيليًا مؤمنًا بقصة حرب الأرمجدون وقيام دولة صهيون الكبرى وإلا فلا يكون!
ويبقى السؤال من يضطهد من؟ فهل أوباما المسيحي احترم الإسلام واعتبره شريكًا في السلام؟! أوباما لم يتقدم خطوة واحدة تجاه العالم الإسلامي سوى خطبة يتيمة ألقاها في جامعة القاهرة في أيامه الأولى، الإسلام لم يكن في حاجة لأوباما ولكن السيد أوباما هو من كان في حاجة ماسة لقراءة موضوعية وفهم الإسلام من مصادره الحقيقية وليس من خلال ترجمة عبرية ركيكة.
أوباما الذي لم يسلم حتى من هيلاري كلينتون التي قالت عنه يومًا: «إن هو إلا عبد أسود من أصول إسلامية»!!! ثم أصبحت وزيرة خارجيته ضمن صفقة سداد ديون لها.