مشاري الذايدي
صحافي وكاتب سعودي. عمل في عدة صحف ومجلات سعودية. اشتغل في جريدة المدينة السعودية في عدة أقسام حتى صار عضو هيئة التطوير فيها. ثم انتقل لـ«الشرق الأوسط» من 2003، وتدرَّج بعدة مواقع منها: المشرف على قسم الرأي حتى صار كبير المحررين في السعودية والخليج، وكاتباً منتظماً بها. اختير ضمن أعضاء الحوار الوطني السعودي في مكة المكرمة. وشارك بأوراق عمل في العديد من الندوات العربية. أعدَّ وقدَّم برنامجي «مرايا» وبرنامج «الندوة». في شبكة قنوات «العربية».
TT

حشد العراق الشيعي

بإقرار البرلمان العراقي، قانون «هيئة الحشد الشعبي»، يكون العراق قد انزلق، كدولة، في طريق مظلم.
«الحشد الشعبي»، من غير مبالغة ولا تهويل، تكوين منغمس في الأدبيات الخمينية والطائفية والفساد المالي، يريد الاقتداء بنظيره الحرس الثوري، أو حرس الثورة الخمينية، في إيران؛ فحرس إيران، هو الدولة هناك، سلاحًا، ومالاً، وإعلامًا، وحوزات، وآيات الله، ومصارف، وموانئ، وبترولاً وغازًا، وسياسة خارجية، وكل شيء.
العراق ليس كإيران، رغم محاولات نوري المالكي ورفاقه من قادة الأحزاب الشيعية العراقية، فهناك الكتلة الكردية المستقلة، بحكومتها وإقليمها وجيشها، البيشمركة، وهناك القوى العربية السنية، رغم تشتتها الآن، لكن ذلك التشتت ليس وضعًا «خالدًا»، بل حالة ظرفية تزول بزوال ظروفها. أخيرًا، هناك نسبة كبرى من العراقيين «المدنيين» الوطنيين، الرافضين حكم الجماعات الأصولية، سنية أو شيعية، وهم روح العراق المنتظر.
كان يمكن لرئيس الحكومة حيدر العبادي أن يحوز المجد، ويكسب عقول العراقيين وقلوبهم لو رفض هذا القانون، لكنه للأسف لم يفعل، بل مانع قليلاً، وطالب بالتريث وتحويل القانون إلى مجلس الوزراء، لم يصغ له «عتاولة» القوى الشيعية، ومرّ القانون، وسط مقاطعة نواب السنة، وغيرهم، بدعم نواب نوري ونواب الحكيم والصدر وغيرهم من التكتلات الشيعية، فانضم حيدر إلى «الحشد»، وبارك.
رفضت كل التأجيلات، ومنعت التعديلات، ومنها مقترح نواب سنة تخصيص 40 في المائة من مقاتلي «الحشد» للعشائر السنية.
رئيس جبهة الكتلة العربية ونائب رئيس الوزراء السابق الدكتور صالح المطلك قال إن تمرير قانون الحشد «إنهاء للدولة المدنية التي يحلم بها العراقيون».
القانون المجاز خطير، وعبث عميق ببنية الدولة العراقية، وتمهيد لفتنة مستقرة، قد تنتهي بتقسيم العراق، أو بديمومة التوتر والحروب الأهلية؛ لأنها توجِد مناخًا مثاليًا للثقافة الطائفية، وتحويل العراق لدولة شيعية، يعيش فيها الآخرون، إن عاشوا، وفي مقدمهم العرب السنة، تحت الرحمة والوصاية.
هناك سعي محموم لتحصين الحشد الطائفي المجرم من الملاحقة القانونية، بعد ثبوت ولوغه في الدم الحرام، ومشاهد التمثيل والحرق، كـ«داعش»، فالمادة الرابعة من القانون تجيز لـ«الحشد الشعبي»، التحرك عسكريًا لمواجهة أي أعمال عسكرية لحماية الحكومة والنظام. وكان النائب عن كتلة الفضيلة، الشيعية، حسن الشمري سبق أن طالب بتوفير حصانة قانونية لـ«الحشد الشعبي» من البرلمان والحكومة بحال خوضه معارك مع «داعش»، وتحريره لـ«مناطق».
هذا القانون هو «نسف للشراكة الوطنية»، كما قالت القوى السنية وغيرها في العراق، بالمناسبة لست أدري بماذا يفسر «الأخ» سليم الجبوري، الإسلامي الإخواني، رئيس البرلمان، تمرير هذا القانون، المسموم؟
سلام للعراق.

[email protected]