مشاري الذايدي
صحافي وكاتب سعودي. عمل في عدة صحف ومجلات سعودية. اشتغل في جريدة المدينة السعودية في عدة أقسام حتى صار عضو هيئة التطوير فيها. ثم انتقل لـ«الشرق الأوسط» من 2003، وتدرَّج بعدة مواقع منها: المشرف على قسم الرأي حتى صار كبير المحررين في السعودية والخليج، وكاتباً منتظماً بها. اختير ضمن أعضاء الحوار الوطني السعودي في مكة المكرمة. وشارك بأوراق عمل في العديد من الندوات العربية. أعدَّ وقدَّم برنامجي «مرايا» وبرنامج «الندوة». في شبكة قنوات «العربية».
TT

عنوان صحافي تعيس

أفهم أن يكون لدى وسيلة إعلامية كراهية ما لدولة ما، لسبب سياسي أو ثقافي، من قبل العاملين في الوسيلة، أو من قبل مسيّريها، لكن يصعب علي فهم أن تكون هذه الكراهية سببًا في «الانحراف» المهني.
«بي بي سي» البريطانية، بنسختها العربية، خرجت بهذا العنوان: «السعودية (تقرّ) بقصف التحالف لمجلس العزاء في صنعاء»!
علامة التعجب من عندي، وحين قرأت تفاصيل الخبر وجدت التالي:
«أقرّت السعودية بشكل غير معلن بأن إحدى طائرات التحالف العسكري الذي تقوده قصفت مجلس عزاء في العاصمة اليمنية صنعاء السبت، بحسب ما علمته (بي بي سي)».
حسنًا، كيف علمت «بي بي سي» كما يقول نص الخبر؟
خذ لديك:
«وافقت السعودية على طلب بريطاني بالمشاركة في التحقيق بشأن الهجوم، الذي تضمن غارة ثانية أصابت من حاولوا إنقاذ ضحايا الغارة الأولى».
كيف تفهم من اشتراك جهات أممية ودولية في التحقيق، أنه يعني «إقرار» السعودية بأن تفجير مجلس العزاء الصنعاني، هو بفعل غارة جوية لتحالف الحزم؟
من اللحظات الأولى لوقوع التفجير - ولا أقول الغارة - وقيادة التحالف أعلنت إدانتها للعملية، وعدم علمها بها، فضلا عن مسؤوليتها عنها، وأطلقت بداية التحقيق، ودعت أطرافًا عدة للمشاركة، ومنهم خبراء من الولايات المتحدة.
أصلا هناك لجنة قائمة ومستمرة، قبل تفجير مجلس العزاء لآل الرويشان، بصنعاء، تعرف باسم «الفريق المشترك لتقييم الحوادث» يضم نحو 14 دولة والدعوة مفتوحة للمزيد ممن يريد التحقّق والتحقيق فعلا، وليس إلقاء الاتهامات المصمّمة مسبقًا.
هذا الموقف «اللامهني» من «بي بي سي» العربية، يدل على عمق الأزمة الضميرية والمهنية في كثير من وسائل الإعلام الغربية «اليسارية» حيال القضية اليمنية.
هناك من يتهم السعودية وبقية دول التحالف بالتقصير في الرسالة الإعلامية، خاصة في ملف الضحايا المدنيين، وإجهاض «البروباغندا» الحوثية الصالحية، بإسناد إيراني، وكل «محترفي» كره السعودية، من العرب والعجم.
نعم، هذا اتهام، بمجمله، صحيح، ومطلوب «ثورة» إعلامية، حديثة، فالحرب تخاض في الإعلام قبل الميدان، لكن هذا الأمر لا يلغي أن ثمة من لن يغيّر رأيه بسبب امتلاكنا للحق والحقيقة، لأن خصومته مع السعودية والحزم، خصومة بعيدة الغور بالنفس، تستقي من ينابيع التاريخ الملوثة، ومن عقد الواقع الحديث، يعني بكلمة مباشرة، هو «عداء» واضح، لا ينفع معه كلام، ولا تثنيه عن غيّه البراهين.
لو كلفت «بي بي سي» نفسها قليلا، لتابعت بيان عائلة الرويشان، أهل الشأن والمأساة، عقب التفجير، ما دامت حريصة على الخبر، لتتأكد.. لكن الله غالب.

[email protected]