د. شملان يوسف العيسى
كاتب كويتي
TT

الخليج بعد الانتخابات الإيرانية

أعلنت نتائج الانتخابات الإيرانية التي جرت في الأسبوع الماضي بمشاركة 60 في المائة من الذين يحق لهم التصويت، وقد حقق التيار الإصلاحي والمعتدل فوزًا كاسحًا، فقد تم إبعاد التيار المتشدد عن مجلس الخبراء بفوز جماعة رفسنجاني وروحاني.
نتائج الانتخابات الإيرانية أفرزت تغييرًا كبيرًا ورغبة حقيقية من الشعب الإيراني لتغيير واقعه نحو الأفضل، وقد يعود السبب في التغيير إلى أن التيار المتشدد قد ورط إيران في مشكلات كثيرة في سوريا والعراق ولبنان واليمن والخليج.
إن إيران بعد الانتخابات البرلمانية تبدو مقبلة على استحقاقات مهمة، سواء على صعيد إعادة ترتيب التوازنات السياسية الداخلية استعدادًا لمرحلة ما بعد خامنئي، أو إعادة النظر في علاقتها مع دول الجوار في الشرق الأوسط.
هنالك عدة تساؤلات علينا طرحها للاستفادة من نتائج الانتخابات الجديدة، ومن هذه التساؤلات: هل يستطيع التيار الإصلاحي والمعتدلون في إيران تغيير السياسة الداخلية والخارجية لإيران، بحيث يتم التركيز داخليًا على تعزيز الأوضاع الاقتصادية وتحسين مستوى المعيشة في إيران الغنية بالموارد المالية والبشرية خارجيًا؟ هل يستطيع المعتدلون والإصلاحيون بناء جسور التعاون والمحبة والسلام مع دول الجوار العربي وتركيا، بحيث تنتهج إيران تحت راية الإصلاحيين والمعتدلين في البرلمان أو في مجلس الخبراء، سياسات جديدة تصب في مصلحة الشعب الإيراني لتحسين أوضاعه المعيشية؟
ماذا تعني نتائج الانتخابات الإيرانية بالنسبة لنا في الخليج؟ هل ستكون علاقتنا مع طهران بعد الانتخابات أفضل، أم ستبقى حالة التوتر والقلق والشك بين الطرفين قائمة؟
علينا في الخليج أن نكون متفائلين من نتائج الانتخابات، لأن كل المعطيات حتى الآن تصب في مصلحة الطرفين.
تصريحات الرئيس الإيراني حسن روحاني متفائلة بالنسبة لمستقبل المنطقة، فقد قال إن نتائج الانتخابات بمثابة تأييد لجهوده في إنهاء العزلة الدولية لإيران، وأكد روحاني أن الوقت قد حان لفصل جديد من دعم الاقتصاد الإيراني استنادًا إلى القدرات الداخلية والفرص الدولية. هذه الرؤية من الرئيس الإيراني تعطي مؤشرًا جديدًا بأن القيادة الجديدة في البرلمان سوف تعكف على تحسين وضع الإنسان الإيراني وتحسين أوضاعه الاقتصادية، وهذا لن يتحقق تحت أجواء حالة عدم الاستقرار التي تمر بها المنطقة.
إن وجود عدد كبير من المعتدلين والإصلاحيين في البرلمان سيعطي الرئيس دفعة قوية لتحقيق برنامجه الإصلاحي، خصوصًا أنهم وحلفاءهم فازوا بمعظم مقاعد البرلمان الخاصة بالعاصمة طهران، الذين يبلغ عدد مقاعدهم 30 مقعدًا.
علينا أن نعي أن معركة المعتدلين والإصلاحيين ليست سهلة. مما يتخوف منه التيار المحافظ سيطرة المعتدلين والإصلاحيين على مجلس الخبراء والبرلمان، وقد حصل ذلك، مما أزعج المتشددين، لأن فوز المعتدلين سوف يشكل ضغوطًا جديدة على المرشد من أجل تهيئة الأوضاع لتحسين العلاقات مع الغرب والانفتاح على العالم.
وأخيرًا نرى أن المتغيرات الداخلية في إيران والمتمثلة في هيبة الشعب الإيراني وإصراره على التصويت لتيار الاعتدال بنسبة 60 في المائة، مؤشر قوي على بدء رياح التغيير في طهران.
إيران اليوم تواجه تحديات جديدة من قرب التنظيمات الإرهابية من حدودها، فهم في حدودهم الشمالية يواجهون «داعش» في شمال العراق؛ حيث يحتل «داعش» أراضي واسعة في شمال العراق، كما يتخوف الإيرانيون من وجود «داعش» على حدودهم في الشرق في أفغانستان، بعد أن نجح تنظيم «داعش» في إنشاء نفوذ جديد له في أفغانستان.
الانتخابات الإيرانية خطوة جديدة نحو المستقبل الأفضل لإيران ودول المنطقة نأمل استغلالها استغلالاً حسنًا.