علي المزيد
كاتب وصحفي سعودي في المجال الاقتصادي لأكثر من 35 عاما تنوعت خبراته في الصحافة الاقتصادية وأسواق المال. ساهم في تأسيس وإدارة صحف محلية واسعة الانتشار والمشاركة في تقديم برامج اقتصادية في الإذاعة السعودية، ومدير التحرير السابق لصحيفة الشرق الأوسط في السعودية وهو خريج جامعة الملك سعود.
TT

نجاح أم إخفاق؟

منذ سنوات عدة كتبت في هذه الصحيفة أطالب جامعاتنا الموقرة بأن تفتتح أقسامًا لمديري المشاريع، وكان سبب كتابة المقال أنني لاحظت أن الإعلانات في الصحف المحلية تطلب مديرًا للمشاريع وبرواتب مغرية، حينها تواصل معي القارئ المهندس بدر التميمي وقال لي إن البلد بالفعل يحتاج إلى مثل هذا النوع من التخصص، ولكن الجامعات تضرب بذلك عرض الحائط، وأرسل لي بحثًا طويلاً قام به عن أهمية هذه المهنة وحاجة السعودية أو قل أي مشروع في العالم لمدير.
ومن ضمن ما تطرق إليه أن مديري المشاريع الحاليين تعلموا على رأس العمل، فيما كان الواجب إعدادهم إعدادًا أكاديميًا في الجامعات، فمثلاً مدير مشروع كيميائي يحتاج إلى أن يدرس مواد في الهندسة الكيميائية وأساسيات المحاسبة وشيئًا من علم الإدارة والقانون الوظيفي حتى يتمكن من إدارة العاملين في المشروع، وقس على ذلك المهندس الكهربائي أو المدني أو غيرهما من التخصصات. ومدير المشروع ليس بالضرورة أن يكون مهندسًا، ولكن يجب عليه أن يلم بأساسيات الهندسة.
لم تستجب الجامعات الحكومية في السعودية لهذه المطالب بإنشاء أقسام تخرج مديري مشاريع رغم حاجة سوق العمل، والسبب في ذلك بيروقراطية عالية تمنع الجامعات الحكومية من التكييف مع حاجات المجتمع.
مع نشوء الجامعات الأهلية أو جامعات القطاع الخاص كما يحلو للبعض تسميتها، قامت جامعة الفيصل، ومقرها السعودية، هذا العام، بتدريس تخصص إدارة المشاريع، وهذا يبين قدرة الجامعات الأهلية على التكيف مع حاجات المجتمع والاستجابة لها سريعًا عكس الجامعات الحكومية، التي لم تستطيع إنشاء قسم يحتاجه قطاع الأعمال بصفة خاصة والاقتصاد بصفة عامة؛ إذ إن نجاح أي مشروع يعتمد على قدرات مديره ومهاراته، فهو من يدفع المشروع للنجاح أو الفشل. أستغرب من الجامعات الحكومية أنها لم تُقِم حتى دورات مسائية عبر كليات المجتمع أو ما يسمى بالتعليم الموازي إذا كانت لا تستطيع أن تحدث أقسامًا صباحية لإدارة المشاريع.
أيها القارئ الكريم، لا أخفيك إعجابي بإحدى الجامعات الخاصة في السعودية التي أحدثت مثل هذا القسم ولأول مرة في السعودية مستجيبة لما يحتاجه الاقتصاد السعودي، الأمر الذي جعلني أراقب أعمال هذه الجامعة عن كثب، فسجلت لها ميزات عدة؛ أولها أن لغة التعليم بها الإنجليزية، والثانية جودة التعليم، والثالثة تركيزها على التخصصات التي يجد خريجوها وظائف.
وقد سجلت لها إخفاقًا واحدًا وهو توصية الجامعة لأساتذتها بقصر منح تقدير ممتاز للدارسين في الشعبة الواحدة على طالبين فقط، وهذا الأمر مستنكَر من جامعة بهذه القوة؛ أولاً لأن ذلك لا يعلم العدالة، فحينما تقصرها على اثنين فقط وقد يستحقها ستة فهذا ظلم، وكان الأجدر أن تحرص الجامعة على جودة التعليم ومخرجاته، أي الطلبة، حتى وإن أخذ كل طلبة الجامعة تقدير «امتياز»، فأنتم تعرفون أيها القراء الكرام أن هناك إجراءات إذا اتبعها الطالب مستجيبًا لمتطلبات أستاذه فإن من حقه أن يأخذ أعلى تقدير، ومن لم يستجب لها فمن حق معلمه أن لا يجعله يجتاز المادة.
الحقيقة أنني أصبت بصداع جعلني لا أستطيع التفكير في جامعة تحدد التقديرات قبل نهاية الفصل التعليمي، لذلك فأنا لا أعرف هل نجحت الجامعة أم أخفقت، ولكني أسوق هذه الملاحظة للدكتور محمد آل هيازع بصفته رئيسًا للجامعة.