خالد القشطيني
صحافي وكاتب ومؤلّف عراقيّ
TT

من رواد الشعر الاجتماعي

قلما يشار إلى مصطفى صادق الرافعي كشاعر له مكانته في الشعر المعاصر، مقلدًا أو مجددًا. بيد أن له ديوانه الذي يضم كثيرًا من القصائد والنتف الشعرية التي تخلط بين السخرية والحكمة. ويغص ديوانه بالكثير من المداعبات الإخوانية المحملة بالروح الإصلاحية. أنبأه أحد أصدقائه بعزمه على شراء عربة، فداعبه الرافعي بهذه الحكميات الشعرية:
«حسبك أن تدري يا مفلس.. من عربات الأغنياء باسمها
والأرض من رجليك مجروحة.. فما الذي فاتك من جسمها
إن ترد الدنيا ومن قسمك الـ.. فقر تكن روحك من قسمها».
وكالكثير من الشعراء الذين يضيقون بالصديق الثقيل، قال الرافعي أبياتا يصف فيها معاناته من مثل هذا الصديق:
«وثقيل بات في نقم.. وأراني منه في نقم
قال: ألقاك في صباح غد.. يا غد عجلت بالسقم
لو يقوم الميتون غدا.. لتكاسلت ولم أقم».
وفي مناسبة أخرى، كتب في وصف ثقيل آخر دأب على لبس القبعة الأوروبية فزادت من ثقل دمه وسوء معشره:
«فوق رأس الثقيل قبعة الغرب.. كأن لم يكن لذا الشرق أمة
كوروها وقيل قد رفعته.. في زمان ما فيه للفضل ذمة
ويح هذا الزمان أصبح لحانا.. ألم يرفع الثقيل بجزمة؟».
ويمضي مصطفى صادق الرافعي في أشعاره الاجتماعية الحافلة بالسخرية فيتعرض للكثير ممن اتخذوا التلون والنفاق مسارًا لهم في الحياة السياسية والاجتماعية. يقول في واحد منهم:
«وجوهك شتى: واحد ذو بلاهة.. وآخر من هذه البلاهة بارد
ووجه أرى فيه النفاق ملونا.. وآخر إن يبصر ذوي الفضل حاسد
ووجه من الكيد المخبأ بارق.. ووجه من اللؤم المشهر راعد
فيا عجبا تمشي بستة أوجه.. مع الدهر بين الناس واسمك واحد».
لم يكتسب الرافعي مكانة كبيرة بين رواد الأدب الحديث، وربما ذلك بسبب ميوله المحافظة وكرهه للتطور والتحديث. نراه يهاجم النساء المتجملات والمتشبثات بالماكياج والظهور بالمظهر الأوروبي، فيقول:
«ألا إنما أم الحماقة من غدت.. بما أدهنت تلقي على عمرها سترا
فيحسبها من رآها طفلة الصبا.. ويا ربما كانت كجدته عمرا»!
لا أدري ما الذي يقوله لو أنه سمع بكل عمليات التجميل البلاستيكي الجارية اليوم!