محمد رُضا
صحافي متخصص في السينما
TT

بعض شروط النجاح

قبل أيام قليلة، توفي المخرج نادر جلال ولحق بمن سبقه من سينمائيين برزوا وبرعوا في القرن الماضي. شغوف سينمائي ورث المهنة عن والده المرحوم أحمد جلال. رغم أنه كان ابنا لأحد المخرجين النشيطين في مجال صنع الأفلام فإن ذلك لم يعفه من دخول المعهد العالي للسينما في القاهرة حيث تخرج سنة 1964 وأقبل على الاشتغال في المهنة التي أرادها بدءا من العام التالي عندما حقق «الشقيقتان» مع عماد حمدي وأحمد رمزي وشويكار. ومنه أكمل دربه وأنجز أكثر من 50 فيلما آخرها «جحيم تحت الأرض» سنة 2001.
سيتواصل، بطبيعة الحال، غياب الذين عرفتهم السينما من مبدعين في كل المجالات، لكن المنشود هنا ليس تأبينه أو حتى دراسة أعماله، بل محاولة تقريب حقيقة الرحلة التي تبدأ وتنتهي فوق طريق السينما وماذا تستطيع أن تنجز في دورتها الكاملة.
سابقا، كما نلاحظ، كان من الأسهل على مخرجي الخمسينات والستينات والسبعينات في السينمات العربية كافّـة مواصلة العمل. باستثناء قلّـة لا بد منها ولأسباب خاصّـة، معظم العاملين حققوا عشرات الأفلام (وبالنسبة لنيازي مصطفى أو حسن الإمام مئاتها) من دون توقف.
الوضع ليس ذاته بالنسبة للمخرجين الجدد.
سواء عمل ضمن إطار السينما المصرية أو في إطار السينما العربية ككل، فإن القدرة على مواصلة العمل بتحقيق فيلم كل عام أو كل عامين باتت محدودة. الصورة معكوسة في الحقيقة. اليوم قلّـة قليلة من المخرجين الحاليين تستطيع أن تنتقل من فيلم إلى آخر من دون توقّـف تقريبا. معظم العاملين تزورهم المشاريع مرّة كل 4 سنوات أو 5.
على عكس الغناء المنتشر في هذه الأيام، الفيلم يمر بمراحل صعبة ومتعرضة للعثرات. المقارنة مقصودة من حيث إننا اليوم نعيش تحت وابل من الأصوات التي تتشابه بحيث لم يعد كثر منّـا قادرين على التمييز بينها. وإذا ما استطاع البعض حفظ اسم معيّـن أضاعوا صوته وإذا ما اعتادوا صوته أضاعوا اسمه.
أما الفيلم، حتى ذلك التجاري الاتجاه، القائم على بعثرة العواطف لمن يلتقطها من الجمهور، فحساباته قاسية. هناك فرصة واحدة لكل مشترك فيه (وهم كثيرون) لتحقيق النجاح عبره. المنتج قد يربح أو يخسر. الممثل قد يصعد أو يهوي. المخرج قد يعمل مرّة أخرى وقد يلزم منزله والمقهى القريب منه لسنوات قبل أن يرى نور الفرصة التالية.
من هذا كله، لا بد من التوجّـه إلى الجيل المقبل من المخرجين هنا وهناك وفي كل مكان فيه ذلك الأمل بتحقيق عمل سينمائي جيّـد.
استغل الفرصة الكامنة في شبابك وفي حيويتك أفضل استغلال. لا تدع الفرصة تفوت وأنت لا زلت تتأمل في الحلم. حققه ولا تسل إذا ما كنت ستستطيع تحقيق سواه أم لا. سواه هو وضع آخر مستقبلي تستطيع أن تقلق عليه حين يصل. لكن الآن عليك أن تنجز ما لديك وأن تنجزه جيّـدا.
لكن لحظة يا صديقي. لا يعني ذلك أن تسلق ما عندك. إذا كتبت السيناريو مزّقه واكتب سواه؛ لأن الغالب أنك كتبته بعجلة من أمرك. إذا فكّـرت قليلا ووجدت نفسك أنك لم تشاهد سوى 10 أفلام طوال هذا العام أو نحوها، وكلها أميركية، فخذ وقتك وشاهد كلاسيكيات السينما العالمية من اليابان إلى إسبانيا ومن الصامت إلى سينما اليوم. لن تخسر هذا الرهان. ستحقق فيلما ناجحا بجودته وستضع نفسك على القمّـة أو قريبا منها.