مع اقتراب موعد زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى السعودية تزداد درجة التفاعل مع هذا الحدث المهم، هناك فريق يراها أنها «إصلاح» لما أفسدته حقبة الرئيس السابق باراك أوباما، وفريق آخر يرى أن الزيارة هي استمرار للعلاقة الاستراتيجية بين البلدين.
بداية، لا داعي أبداً للإحساس بالخوف من تكوين علاقة مهمة وقوية واستثنائية مع الولايات المتحدة (بالمناسبة تركيا لديها ذلك، وهي عضو مهم في حلف الناتو، قطر لديها ذلك؛ فعلى أرضها تقع إحدى أهم وأكبر القواعد العسكرية الأميركية، وإيران عقدت اتفاقها النووي الاستثنائي الذي لا يزال قائماً، وتتعاون مع أميركا في العراق، وتشتري منها صفقات طيران ومعدات نفطية). وبالتالي، السعودية محقة في تكوين استمرارية للعلاقة الأهم مع القوة الأهم في العالم اليوم.
هناك تاريخ إيجابي وإرث مهم للعلاقات بين السعودية وأميركا. السعوديون يتذكرون بكل إعجاب الدور الأميركي الرائد والمميز في اكتشاف النفط في بلادهم، ومساهمتهم في إنشاء درة الاقتصاد السعودي شركة «أرامكو» العملاقة، التي تحولت مع الوقت إلى قصة نجاح ومصدر فخر واعتزاز وطني مستحق، ولم تكن هذه هي قصة النجاح الوحيدة فيما يخص البصمة الأميركية على الاقتصاد السعودي، فهناك قصة نجاح مستشفى الملك فيصل التخصصي في الرياض، الذي تم إطلاقه بخبرة أميركية، وكذلك الأمر فيما يخص الخطوط السعودية، التي استفادت بدراية وخبرة شركة الطيران الأميركية العملاقة آنذاك «تي دبليو إيه» ولدت هذه الثلاث تجارب ثقافية إدارية استثنائية، وخصوصاً في حالة «أرامكو»، التي أثرت على المنطقة الشرقية بأسرها وتركت، ولا تزال، أثراً لا يمكن إغفاله. ولم يتوقف الأثر الأميركي هنا، بل كان مشاهداً وملموساً أيضاً في مشروعات الهيئة الملكية في كل من الجبيل وينبع، التي كانت بإشراف شركة «بيكتل» الهندسية العملاقة، وطبعاً لا يختصر العشق والولاء والاحترام لهذه الشركات الأميركية فقط لدى السعوديين؛ فلهم العلاقة نفسها، لكن لأسباب أخرى مع شركات «بيبسي» و«بوينغ» و«الكابرس» و«الجيمس» و«ماكدونالدز» و«جنرال إلكتريك» وغيرها. ولا يمكن إغفال احترام السعوديين للتجربة الابتعاثية القديمة والمعاصرة إلى الولايات المتحدة، التي كان لها الأثر الكبير والواضح في التنمية والتطوير في مجالات مختلفة وحيوية ومهمة.
كل هذه الأسباب وغيرها تجعل من العلاقة مع أميركا بالنسبة للسعوديين خاصة ومميزة، ومهما كان الانتقاد لسياساتها إلا أن الإعجاب بها عميق وكبير. وعليه، حجم الاستفادة من هذه العلاقة مطلوب استثماره؛ فأميركا لديها الكثير لما يمكن تقديمه في مجالات العلوم والتقنية والصناعة والتعليم والطب على سبيل المثال لا الحصر. لا يوجد أي شيء يعيب في تكثيف التعاون مع أميركا وبناء علاقة أكثر من خاصة معها، وهو موضوع يسعى أعداء السعودية إلى إثارته والتشكيك فيه، وهم أول من يهرولون باتجاه أميركا لمحاولة كسب رضاها بأي شكل من الأشكال.
أميركا دولة صديقة، ولدينا معها إرث مهم من الإنجازات اللافتة، وهي علاقة استفادت منها أميركا بشكل لا تنكره مراكز صناعة القرار في أميركا والتي تشهد بذلك.
العلاقة بين السعودية وأميركا تتخطى الإدارات والرؤساء؛ لأنها علاقة قديمة ومؤسسة على المصالح المشتركة. السعودية، وهي ترحب بالرئيس الأميركي دونالد ترمب، تؤكد حرصها على علاقة قوية ومستمرة مع الدولة الأهم، وأن العلاقة مهما مرت بصعود وهبوط، إلا أن الأساس المتين يبقى هم الأهم.
8:2 دقيقه
TT
زيارة ترمب للسعودية!
المزيد من مقالات الرأي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة