مصطفى الآغا
TT

التجنيس

ندفن رؤوسنا في الرمال إن تجاهلنا الجدل الكبير الذي يدور هذه الأيام في الشارع العربي بشكل عام وبعض الدول الخليجية بشكل خاص حول عملية التجنيس بعد حصول عدد من المُجنسين على ميداليات في أولمبياد ريو دي جانيرو.
المشكلة أن الحوار الراقي شبه مفقود في هذا الموضوع، وبات الأمر وكأنه فريقان متخاصمان متنازعان ينزع أحدهما عن الآخر صفة الوطنية، والثاني يجد نفسه في موقف المدافع عن نفسه، علمًا أن الطرفين هدفهما الأول مصلحة الوطن ولا شيء سواها.
وطالما كانت مصلحة الوطن هدف جميع المتحاورين، فهذا يعني أن الجميع يتحدث تحت سقف الوطن، ولا أحد بالتأكيد يمنح صكوك الوطنية لأحد، والقصة برأيي أننا كعرب ومنذ مائة عام نشارك في الألعاب الأولمبية وغيرها من البطولات العالمية لم نحرز ميداليات ذهبية بقدر ما أحرزه سباح أميركي واحد هو مايكل فيلبس، الذي أحرز في أربع دورات أولمبية في أثينا 2004 وبكين 2008 ولندن 2012 وريو 2016 ما عدده 28 ميدالية منها 23 ذهبية، ومن هذه الذهبيات خمس في ريو وفضية واحدة، أي أكثر مما أحرزه كل العرب في الأولمبياد الحالي حتى الآن.
إذا اتفقنا على أن الرؤية العامة هي إيجاد المواهب في كل دولة ثم تأهيلها ورعايتها وتدريبها ومن ثم الزج بها في المنافسات، فيجب أن نتفق على بقية العوامل، وهي أن كرة القدم في دولنا تأكل الأخضر واليابس، وبقية الرياضات مظلومة لا بل غير موجودة بشكل جماهيري أساسًا مثل التجديف والمبارزة والمصارعة والجمباز الفني والإيقاعي ورفع الأثقال وترويض الخيول، حتى ألعاب القوى والغطس والسباحة الإيقاعية، لا بل السباحة نفسها تمارس بخجل وبأعداد قليلة، فكيف يمكن صناعة بطل أولمبي في هذه الألعاب؟
كما أن الرياضة نفسها ليست ثقافة ولا أسلوب حياة، لا بل إن البعض يعتبر ممارستها رفاهية أو فقط لتخفيض الوزن أو «بريستيج» ولا يوجد عندنا تنشئة مدرسية رياضية صحيحة والدول تحتاج أن توجد في أكبر المحافل الدولية وأن يرتفع علمها ويُعزف نشيدها الوطني، لهذا تمارس حتى أميركا وأوروبا التجنيس مع منح المُجنس المواطنة الكاملة وهو ما لا يحدث عندنا (على الغالب فأحياناً ينال المواطنة الكاملة) ولكن لكل دولة ظروفها وطبيعتها ورؤيتها وقراراتها التي يجب أن نحترمها لا أن نهاجمها، بل أن نتفهمها، وإن لم تعجبنا فلنتحاور حولها من دون اتهامات أو خلافات تصل إلى حد الاشتباكات.