في عبارة موجزة اختصرت الدكتورة كوليت باميجير دور ما نرتديه من ملابس في حماية الجلد من التأثيرات الضارة لأشعة الشمس بقولها: إنه الأساس. وعلى الرغم من أن اللجوء التلقائي للكثيرين هو تغطية الجلد بطبقة كافية من مستحضرات «صن سكرين» الواقية من الشمس، فإن الحقيقة تبقى هي نفسها، وهي أن «أفضل واقٍ من أشعة الشمس هو ما نرتديه من ملابس».
والواقع أن البشر اعتمدوا منذ القدم وسيلتين رئيسيتين للوقاية من أشعة الشمس؛ الأولى تقليل التعرض المباشر لأشعة الشمس والاحتماء بالظلال، والثانية ارتداء ملابس سابغة لأطراف الجسم كله ووضع أنواع شتى من قبعات أو طرابيش أو عمائم أو «غترات» غطاء للرأس. وظهرت وسيلة مستحضرات «صن سكرين» للاستخدام حال تعذّر استخدام الوسيليتين الأوليين، أي وضع غطاء من مستحضرات صن سكرين عند السباحة بارتداء ملابس غير سابغة في تغطية الجلد أو في غيرها من الأنشطة التي يتعرض الجلد فيها مباشرة لأشعة الشمس ولا يرتدي المرء ما يفي بالحاجة الصحية لوقاية الجلد بغطاء الملابس.
وفي النشرة الإخبارية لمركز ولاية بنسلفينيا لسرطان الجلد، التابع لمركز ميلتون هيرشي الطبي بولاية بنسلفينيا، في 29 مايو (أيار) الماضي، قالت الدكتورة باميجير، طبيبة الجراحة المتخصصة في معالجة الأورام ومساعدة رئيس قسم البحوث في المركز: «التعرض للأشعة فوق البنفسجية بنوعيها إيه UVA وبي UVB هو دائمًا ضار بالصحة، والضرر قد يبدو سريعًا على هيئة حروق الجلد وعلى هيئة سفع البشرة Sun Tan أو تسمير (برونزاج) البشرة، ولكن على المدى البعيد ثمة ترهل وشيخوخة الجلد التي تتسارع وتيرة نشوئها بكثرة التعرض لأشعة الشمس، و أيضًا على المدى البعيد هناك سرطان الجلد».
وتحدث التقرير مطولاً عن حقائق حول استخدام مستحضرات «صن سكرين» وكيفية ضمان الاستفادة منها، وهو ما يطول شرحه، ولكنها ركّزت في حديثها على ضرورة العودة إلى الحقيقة الأساسية، وهي أن الملابس أفضل ما يُمكن استخدامه للوقاية من أشعة الشمس، وأن الجهود العلمية يجب أن تتطور في مجالات بحوث إنتاج أنواع من الأقمشة تمتلك خصائص تقي من الأشعة فوق البنفسجية.
وثمة ما يُعرف بـ«إس بي إف» SPF كرقم لتحديد قدرة المستحضر أو الوسيلة أيًا كانت للمساعدة في الوقاية من أشعة الشمس. ومستحضرات «صن سكرين» للوقاية يُمكن أن تُساعد في الوقاية من الإصابات بسرطان ميلانوما الخلايا الصبغية Melanoma للجلد وسرطان الخلايا الحرشفية Squamous Cell Carcinoma للجلد، وهما نوعان من أنواع سرطان الجلد، ولكن لم تثبت فائدته في سرطان الخلايا القاعدية Basal Cell Carcinoma للجلد، وهو النوع الأكثر شيوعًا. وبالنسبة لترهل الجلد، لم تثبت أفضل الدراسات الطبية وأوسعها سوى فوائد طفيفة لـ«الاستخدام الصارم» لمستحضرات كريم «صن سكرين»، والاستخدام الصارم هو بوضع المستحضر يوميًا على الجلد وإعادة وضعه كل ساعتين، ووضع كمية كافية على هيئة طبقة واضحة وليس مجرد «دهن» على سطح الجلد.
كما أن ثمة ملاحظات علمية على مواد «أوكسي بنزون» التي توجد في مستحضرات «صن سكرين» لحجب الأشعة فوق البنفسجية، والتي هي مادة أيضًا تحوم حولها الكثير من الشكوك الطبية إزاء كونها مادة تُؤدي إلى السرطان. كما أن ثمة شكوكًا طبية ومخاوف من تأثيرات أكسيد الزنك وثاني أكسيد التيتانيوم، إضافة إلى أن ثمة مخاوف طبية من احتمال تسبب استخدام مستحضرات «صن سكرين» في نقص فيتامين «دي».
وليكون استخدام مستحضرات صن سكرين فاعلاً، فإن الأمر يتطلب أن تتحقق القوة المذكورة كرقم «إس بي إف» Sun Protection Factor أي معامل الحماية من الشمس، وحينما يُذكر رقم 30 كمعامل الحماية من الشمس الخاص بنوع مستحضر ما، فإن ذلك يعني أن هذا المستحضر يُزيل تقريبًا ثُلث الأشعة الحارقة التي تصل إلى الجلد بشرط أن يتم وضع طبقة كافية من ذلك المستحضر على الجلد طوال وقت التعرض لأشعة الشمس، أي تقريبًا 2 ملليغرام لكل سنتيمتر مربع من الجلد. ولذا، فإن هذا الوضع الكافي للمستحضر الكريمي طوال الوقت على الجلد يُؤخر حصول حروق الجلد عن الوقت المتوقع لها بشروط الاستخدام الصارم طوال الوقت، ولذا فإن الكثيرين يستخدمون تلك المستحضرات بطريقة غير فاعلة ولا ينالون أي جدوى منها للوقاية من الحروق.
* استشاري باطنية وقلب
مركز الأمير سلطان للقلب في الرياض
[email protected]