جيمس داوني
TT

حرب «الدرون» جزء مخز من إرث أوباما

كانت هناك ومنذ فترة طويلة تساؤلات سياسية، ودستورية، وأخلاقية، حول برنامج الطائرات من دون طيار – وكان من الصعب للغاية الإجابة عنها جميعها من جانب إدارة الرئيس أوباما نظرا لرفضها مجرد الاعتراف بالبرنامج حتى عام 2013. ومع قرب انتهاء ولاية أوباما في البيت الأبيض، لدينا تفاصيل جديدة مذهلة للغاية عن كيفية عمل هذا البرنامج – والذي بدأ العمل فيه خلال أكتوبر (تشرين الأول) على موقع الاعتراض، ولقد تم تحديثه وتجميعه في كتاب بعنوان «مجمع الاغتيال» من تأليف جيريمي سكاهيل وبعض من موظفي الموقع. ويدور كتاب «مجمع الاغتيال» في جزء كبير منه حول إفصاحات أحد المبلغين المجهولين الذي سرب وثائق حول استخدام الولايات المتحدة الأميركية طائرات «الدرون» في الصومال، وليبيا، وأفغانستان، في الفترة بين عام 2011 وحتى عام 2013. وما كشفه المبلغ المجهول (أو كشفته) يؤكد الفشل العملي والقانوني والأخلاقي لحرب أوباما الموسعة باستخدام الطائرات من دون طيار.
لقد أدى تبني أوباما لاستخدام طائرات «الدرون» على نطاق موسع إلى تفضيل القتل على الاعتقال حيال الإرهابيين. وتشتمل الوثائق المسربة على دراسة من وحدة الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع التابعة لوزارة الدفاع الأميركية، والتي خلصت إلى أن «عمليات القتل تقلل وبصورة كبيرة من مقدار الاستخبارات المتاحة المستمدة من المعتقلين». وكما قال الجنرال مايكل فلين، المدير السابق لوكالة الاستخبارات الدفاعية، العام الماضي: «عندما تلقي بقنبلة من طائرة من دون طيار... فسوف تتسبب في المزيد من الأضرار أكثر مما تجني من الفوائد»، إضافة إلى خلق قاعدة أكثر تطرفا من الإرهابيين.
ثم هناك التساؤلات القانونية والدستورية، حيث تظهر الوثائق المسربة قدر السهولة التي يمكن بها إدراج مواطن مدني بريء – أميركي أو غير أميركي – على قاعدة بيانات الإرهاب الرئيسية لدى الحكومة الأميركية، مثل إدراج بعضهم على أساس مدونات «غير مؤكدة» على موقع «فيسبوك» أو «تويتر». وفي دعوى قضائية في عام 2014. اعترفت الحكومة الأميركية بأن هناك 469 ألف شخص قد رشحوا في عام 2013 لإدراجهم على قاعدة بيانات حكومية إضافية للإرهابيين المعروفين أو المشتبه بهم. ولقد تم رفض إدراج 4900 شخص منهم فقط. قرائن البراءة ليست على هذا النحو. وعلى الرغم من وجود اسم أسامة بن لادن على قاعدة بيانات الإرهابيين قبل وقت طويل من مقتله، كذلك كان اسم عبد الرحمن العولقي، البريء، البالغ من العمر وقتها 16 عاما، وكان مواطنا أميركيا وتعرض للقتل بإحدى هجمات طائرات «الدرون» الأميركية.
وإضافة إلى ذلك، يبدو واضحا من الوثائق المسربة أن البيت الأبيض قد بالغ في تقدير الأمور التي تستلزم توجيه الضربات العسكرية. فلقد قال الرئيس أوباما في مايو (أيار) عام 2013، إنه يمكن توجيه الضربات ضد أولئك الذين يشكلون خطرا وشيكا ومستمرا على الشعب الأميركي، وعندما تكون هناك معلومات شبه مؤكدة أنه لن تكون هناك إصابات بين المدنيين. ولكن الوثائق المسربة تظهر أنه عندما يوافق الرئيس على توجيه ضربة من الضربات على شخص ما، تكون هناك مهلة تبلغ 60 يوما أمام وزارة الدفاع الأميركية ووكالة الاستخبارات المركزية (وكلاهما ينفذان الهجمات). وبعد ما يقرب من 8 سنوات، أدى قرار أوباما توسيع عمليات طائرات «الدرون» إلى وفاة المئات من المدنيين، وفقا لمكتب الصحافة الاستقصائية، وهو توسع مثير للقلق حيال السلطة الرئاسية والأضرار اللاحقة بقدرة البلاد على مكافحة الإرهاب.
وما يجعل سياسة أوباما سببا في خيبة الآمال، أن من يخلفه في البيت الأبيض سوف يعمل على توسيع البرنامج بشكل أكبر، أما هيلاري كلينتون فقد دافعت وبقوة عن برنامج الطائرات من دون طيار، عندما كانت وزيرة خارجية، ثم بعد في مذكراتها، ثم في حملتها الانتخابية. وبالنظر إلى نزعتها العدائية بالمقارنة مع أوباما، يبدو من المرجح أن البرنامج سوف يتوسع ويتطور في عهدها. أما بالنسبة لدونالد ترامب، حسنا، فلقد تعهد فعليا بارتكاب جرائم حرب.

* خدمة «واشنطن بوست»