إليوت كوهين
TT

ترشيح ترامب: الوقت حان للمرشح الثالث

قضي الأمر. دونالد ترامب، الرجل غير الصالح تمامًا للمنصب نظرًا لعصبيته، وقيمه، وخياراته السياسية، سينال ترشيح الحزب الجمهوري لمنصب الرئيس. وسوف يخوض الانتخابات العامة في مواجهة هيلاري كلينتون، التي تعتبر أهون الشرين بالمقارنة به، ولكنها تطاردها غيوم الفضائح وسوء التصرف، ويشكل الجناح اليساري في حزبها تهديداته الخاصة بشأن حريات التعبير، والدين، والشركات، والجمعيات.
لقد حان الوقت لظهور المرشح الثالث، وربما للحزب الثالث أيضًا.
وسوف يرفض بعض الناس هذه الفكرة ويعتبرونها سخيفة. ومع ذلك، فإن ذوي البصيرة فقط هم القادرون على التنبؤ بنجاح ترامب ولديهم المكانة الخاصة فيما يتعلق بإنجاز المستحيلات. فلقد عصف ترشيح ترامب بكافة جوانب الحكمة السياسية التقليدية الأخرى، فلماذا لا نمنح هذه الفكرة فرصتها؟
حتى إذا ما أسفر ترشح الطرف الثالث عن فور كلينتون بالمنصب، فسوف يكون أمرًا مجديًا من دون شك. فسوف ينفي عن حملة كلينتون الانتخابية وهم أن تفويض الناخبين الأميركيين لها سوف يؤدي إلى رفض والتخلص من ترامب. وإذا كان هناك شيء آخر، فإن التصويت القوي لصالح المرشح الثالث من شأنه أن يبعث برسالة إلى كلينتون للحكم من المركز (الوسط)، بدلاً من الإذعان التام للجناح اليساري القوي داخل الحزب الديمقراطي.
ومن شأن المرشح الثالث أن يرسي حجر الأساس لحزب سياسي جديد. وقد يحاول الحزب الجمهوري أن يصحح مساره بعد كارثته الأخلاقية الأخيرة، التي يقودها رجال ونساء من عينة رئيس مجلس النواب بول ريان (من ويسكونسن). ولكن الحقيقة المؤسفة هي أنه رغم أن رئيس مجلس النواب يحمل صفات رجل الدولة، فإن اثنين من أسلافه الجمهوريين أشارا إلى أنهما سوف يصوتان لصالح ترامب من دون غضاضة، في حين أن الثالث مشغول جدًا بشأن حكم بالسجن ينتظره حتى يتفوه بأي كلمة أو يخرج عنه أي تصريح.
وهزيمة الحزب الجمهوري، التي باتت وشيكة، سوف تعكس على الأرجح حالة من الاستياء الوطني الشاملة في مواجهة مرشح الحزب الذي سجله الشخصي من المغالطات، والتعصب، وكراهية النساء، والعداءات التي في غير محلها، لم يسبق له مثيل في التاريخ الحديث لأي من الحزبين الكبيرين. ومن المتصور تمامًا أن الأضرار التي لحقت بالحزب الجمهوري جراء تصرفات ترامب سوف تكون دائمة.
وعلى أي حال، فإن حزب الرئيس لينكولن هو حزب مريض. والتأثير الواقع على الحزب من الإعلاميين المهتاجين، ووكلاء البرامج الحوارية، قد لا ينحسر قريبًا بحال. والمزاج الذي قد يدفع الحزب، الذي من المفترض أن يكون مسؤولاً في الحكم، مرارًا وتكرارًا لمحاولة إغلاق الحكومة، في المقابل، أغلق على نفسه سبيل السلطة التنفيذية ولفترة طويلة من الزمن.
قد تكون هناك حاجة إلى حزب جديد من تيار يمين الوسط. وإذا كان الأمر كذلك، فإن الخطوط العريضة لبرنامج الحزب الجديد يسهل توقعها؛ تقديس الدستور، والتصارع الجاد مع المشاكل الداخلية المرتبطة بالفرص الاقتصادية للجميع، ومع التعليم، والرعاية الصحية بأسعار معقولة، والالتزام بالتقاليد الدولية للإجماع الأممي لما بعد الحرب العالمية الثانية. وسوف يؤيد ذلك الحزب الحكومة الفيدرالية التي يمكنها أن تقوم بالأشياء التي ينبغي عليها القيام بها. وفوق كل شيء، سوف يلتزم ذلك الحزب بالحرية في كل مجال من مجالات الحياة الشخصية والعامة.
أما الحزب الثالث - إذا ما وصل الأمر إلى ذلك - فلا بد أن يقوده سياسي مخضرم. والحزب الجمهوري العظيم ليس في حاجة إلى فارس على صهوة جواد لإنقاذه من كبوته، رغم الحجج التي لدى البعض بترشيح أحد جنرالات الجيش المتقاعدين. عادة ما يتحول كبار ضباط الجيش إلى سياسيين مريعين، مع الكثير من المهارات والقدرات الفريدة، بالإضافة إلى أن السياسة هي فن من الفنون، وهي فن جدير بالاحترام، بالرغم مما يظنه أغلب المواطنين الأميركيين. وأناس مع هذا النوع من المهارات موجودون بالفعل، بما في ذلك ميت رومني. والسؤال الراهن هو ما إذا كان أحدهم سوف يتقدم للترشح من عدمه.
وينبغي على أحدهم ذلك، من أجل الحفاظ على طهارة الضمائر المحافظة. فإن التصويت للسيدة كلينتون يعتبر بمثابة التضحية بالثوابت واعتماد السياسات والسلوكيات التي لا ينبغي لأي محافظ أن يتعلق بها.
إن ترشيح ترامب لهو وصمة عار على جبين الحزب، ولقد أضر فعليا بنا في الداخل والخارج، ولكن القضية طويلة الأمد هي أكبر من مجرد شخص غوغائي وخطير مثلها، بل إن القضية هي الحرية، والحكومة ذات الحركة المحدودة دستوريًا، التي سوف تبعث بشخص جدير بتمثيلها الآن وخلال العقود المقبلة.
إن الوقت متأخر للغاية، والمهمة ملحة وخطيرة، والقضية جدًا كبيرة. دعونا نأمل أن بعض السياسيين سوف تكون لديهم الشجاعة، التي تحتاج إليها بلادهم، للتدخل والعمل.
* عمل في وزارتي الدفاع والخارجية في إدارتي الرئيسين جورج بوش الأب والابن
* خدمة «واشنطن بوست»