بدأ العد التنازلي للعام الأخير في رئاسته للبلاد، مع آخر خطاب حالة الاتحاد. وعلى الرغم من أنه عام الانتخابات والبيئة السياسية في الولايات المتحدة شديدة السمية، يتطلع أوباما إلى تحقيق إنجازين تشريعيين كبيرين؛ اتفاقية الشراكة التجارية عبر المحيط الهادي، وإصلاح شامل لنظام العدالة الجنائية، ويتمتع كلا التشريعين بدعم من الحزبين الكبيرين داخل الكونغرس. كما سوف يتخذ الرئيس أيضًا إجراءات تنفيذية، تبدأ بقانون حظر الأسلحة الذي أعلن عنه الأسبوع الماضي، والذي يمكن متابعة تنفيذه بمجموعة من القرارات المثيرة للجدل، مثل إغلاق معتقل غوانتانامو في كوبا.
كذلك، وعلى غرار كل الرؤساء قبله، فإنه يتطلع لبعض النجاحات الأخيرة في مجال السياسة الخارجية.
يقول دينيس ماكدونو، رئيس موظفي البيت الأبيض، مشيرًا إلى مبادرة حظر الأسلحة: «لقد رأيتم كيف بدا الرئيس قويًا وصارمًا في الآونة الأخيرة، إنه يريد للعام الأخير في ولايته أن يكون من أجل المستقبل واستشراف الفرص العظيمة».
ولأكثر قليلاً من عام مضى، وبعد الهزيمة التي لحقت بحزبه في انتخابات التجديد النصفي، اعتبر أوباما غير ذي صلة بالواقع السياسي بعد سيطرة النواب الجمهوريين على الكونغرس. ومع ذلك، فلقد حقق أوباما بعض الانتصارات التشريعية البارزة في عام 2015.
ومن واقع السياسة الخارجية، توصل أوباما إلى إبرام الاتفاق النووي مع إيران، واستعادة العلاقات الدبلوماسية مع كوبا، ثم انخراطه في اتفاقية التغييرات المناخية العالمية في ديسمبر (كانون الأول) الماضي. يتطلع الرؤساء الذين ليست لديهم فرص لإعادة الانتخاب إلى الخروج من مؤسسة الرئاسة بإنجازات بارزة وكبيرة، على الرغم من تدخل الظروف والأحداث غالبًا في ذلك. في عام 1960، تصور الرئيس دوايت أيزنهاور انفراجة كبيرة في العلاقات مع روسيا، ولكن تعرض اجتماع القمة اللاحق للانهيار إثر حادثة وقعت حينئذٍ.
بعد ثماني سنوات، وفي عام 1968، أصيب الرئيس ليندون جونسون بالإحباط إثر عدم إحراز تقدم في تسوية حرب فيتنام، ثم شاهد آماله تنهار بشأن معاهدة الأسلحة عندما اجتاحت الدبابات السوفياتية دولة تشيكوسلوفاكيا في صيف ذلك العام. وفي عام 2000، انهار حلم الرئيس بيل كلينتون للوصول إلى اتفاقية سلام بين إسرائيل والفلسطينيين. كما بدا جورج دبليو بوش من دون تطلعات تُذكر في سنة ولايته الأخيرة للبلاد.
كان رونالد ريغان من بين عدد قليل من الرؤساء الذين حققوا إنجازات حقيقية في عام الولاية الأخيرة له، الذي تمكن من التصديق على معاهدة الأسلحة النووية متوسطة المدى مع الجانب السوفياتي وقتها.
يشترك أوباما مع سلفيه من حيث مغادرة منصبه في البيت الأبيض وهو لا يزال صغير السن نسبيًا، كما يلحظ ذلك الباحث مايكل بيشلوس المتخصص في الشؤون الرئاسية، «إنهم يبحثون عن إرث يتركونه في عامهم الأخير، ولكنه يمهد الطريق كذلك لفترة ما بعد الرئاسة بالنسبة لهم».
هناك احتمالات حقيقية لتعرض أوباما لبعض النكسات خلال عامه الأخير: الحرب ضد تنظيم داعش، والتهديد بشن المزيد من الهجمات الإرهابية، أو التراجع الشديد في الاقتصاد العالمي.
ولكن سواء كانت نجاحات أو إخفاقات في عام 2016 فلن تُحدث إلا تغييرًا طفيفًا في إرث الرئيس أوباما الرئاسي، فإذا ما فشل الاتفاق النووي مع إيران أو انهار قانون الرعاية الصحية بالأسعار المعقولة، فسوف يراه الكثيرون من زاوية أنه رئيس مثير للاهتمام أكثر من كونه رئيسًا عظيمًا. وإذا اعتبر الناس، رغم كل شيء، تلك الإنجازات - إلى جانب التعافي من الأزمة المالية - من واقع أنها نجاحات مستديمة، فمن المحتمل أن يتذكروا أوباما بأنه رئيس اقترب كثيرًا من زمرة الرؤساء العظماء.
* بالاتفاق مع «بلومبيرغ»
7:38 دقيقه
TT
أوباما وحلم الإنجاز الرئاسي الأخير
المزيد من مقالات الرأي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة