كشفت دراسة حديثة، نُشرت في نهاية شهر أكتوبر (تشرين الأول) من العام الحالي في المجلة الطبية البريطانية (BMJ)، عن فوائد تقييد تناول السكر في مرحلة الطفولة المبكرة، وارتباط ذلك بانخفاض مخاطر الإصابة بالعديد من أمراض القلب والأوعية الدموية في مرحلة البلوغ.
وجدت الدراسة التي قام بها باحثون من جامعات في هونغ كونغ وآيرلندا أن أكبر حماية من خطر الإصابة بأمراض القلب، وأطول فترة تأخير في ظهور أعراض المرض، كانت لدى الأشخاص الذين تم تقييد تناولهم للسكر قبل ولادتهم (أي تقييد تناول الأمهات الحوامل للسكر)، وحتى بلوغهم نحو عامين من العمر.
من الحمل إلى سن العامين
من المعروف أن أول ألف يوم من حياة الطفل (من بداية الحمل وحتى نحو عامين) هي فترة يمكن أن يكون للنظام الغذائي فيها آثار صحية طويلة الأمد، لذلك يُفضل تجنب المشروبات السكرية، والأطعمة فائقة المعالجة خلال هذه الفترة من العمر.
دراسة تاريخية
حاول الباحثون معرفة إذا كان تقييد تناول السكر في المملكة المتحدة (أثناء الحرب العالمية الثانية قامت المملكة المتحدة بتقنين كميات معينة من المواد الغذائية، ومنها السكر، وتم إنهاء هذا التقنين في عام 1953) مرتبطاً بانخفاض خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية في مرحلة البلوغ.
خلال فترة التقنين كانت كميات السكر المسموح بها للجميع، بمن فيهم النساء الحوامل والأطفال، محدودة بأقل من 40 غراماً يومياً، ولم يُسمح بإضافة أي سكريات للرضع دون سن الثانية. وتتوافق هذه القيود مع التوصيات الغذائية الحديثة.
وقام الباحثون بتحليل بيانات 63 ألف مشارك من البنك الحيوي البريطاني (بمتوسط عمر 55 عاماً) وُلدوا بين أكتوبر 1951 ومارس (آذار) 1956 دون تاريخ مرضي للإصابة بأمراض القلب، وتم تقسيمهم إلى مجموعتين، الأولى ضمت الذين تعرضوا لتقنين السكر، والثانية ضمت الذين لم يخضعوا لهذا التقنين.
تقليل السكر يقلل مخاطر أمراض القلب
وتم تحليل البيانات الصحية للمشاركين، لتتبع معدلات الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، ومعدل حدوث النوبات القلبية، وقصور الشرايين، وعدم انتظام ضربات القلب (الرجفان الأذيني)، والسكتة الدماغية، وكذلك معدلات الوفيات بسبب أمراض القلب، مع مراعاة مجموعة من العوامل الوراثية، والبيئية، ونمط الحياة.
أظهرت النتائج أن التعرض لتقنين السكر كان مرتبطاً بانخفاض تدريجي في مخاطر أمراض القلب والأوعية الدموية في مرحلة البلوغ، بالمقارنة مع الأشخاص الذين لم يخضعوا للتقنين على الإطلاق. وقال الباحثون إن السبب في ذلك راجع إلى انخفاض مخاطر الإصابة بمرض السكري، وارتفاع ضغط الدم، وبالتالي يُعد تقليل كمية السكر في الطفولة المبكرة نوعاً من الوقاية من الإصابة بالعديد من الأمراض.
بشكل عام، انخفض خطر الإصابة بجميع أمراض القلب لدى كل المشاركين الذين تعرضوا للتقنين، بداية من وجودهم في الرحم، وحتى بعد مرور سنة أو سنتين بنسبة 20 في المائة، بالإضافة إلى انخفاض نسبة حدوث المضاعفات، والأعراض الخطيرة.
نتائج ملموسة
وشملت دراسة الأعراض الخطيرة انخفاض خطر الإصابة بالنوبات القلبية بنسبة 25 في المائة، والتعرض لحدوث فشل في القلب بنسبة 26 في المائة، والرجفان الأذيني بنسبة 24 في المائة، والسكتة الدماغية بنسبة 31 في المائة، كما قلت احتمالية حدوث الوفاة جراء أمراض القلب والأوعية الدموية بنسبة بلغت 27 في المائة.
حتى في حالة حدوث أمراض القلب، أظهر الأشخاص الذين تعرضوا لتقنين تناول السكر في مراحل حياتهم المبكرة تأخراً تدريجياً (حتى سنتين ونصف) في سن ظهور النتائج المتعلقة بأمراض القلب والأوعية الدموية، مقارنة بالذين لم يخضعوا للتقنين، كما ارتبط تقنين السكر بزيادات طفيفة، وإن كانت ملحوظة، في الحفاظ على كفاءة القلب لأطول فترة ممكنة.

