البروتين الحيواني مفيد أم مُضرّ للصحة؟

دراسة جديدة تدحض المخاوف الشائعة من استهلاكه

لضرورة التوازن بين البروتين الحيواني والنباتي (جامعة هارفارد)
لضرورة التوازن بين البروتين الحيواني والنباتي (جامعة هارفارد)
TT

البروتين الحيواني مفيد أم مُضرّ للصحة؟

لضرورة التوازن بين البروتين الحيواني والنباتي (جامعة هارفارد)
لضرورة التوازن بين البروتين الحيواني والنباتي (جامعة هارفارد)

يُعدّ البروتين الحيواني مصدراً غنياً بعدد من العناصر الغذائية الأساسية، مثل الأحماض الأمينية الضرورية، والحديد، والزنك. ويشمل ذلك اللحوم، والأسماك، والبيض، والحليب ومشتقاته. وهو جزء أساسي من النظام الغذائي لكثيرين، إذ يوفّر العناصر اللازمة لبناء العضلات، ودعم وظائف الأعضاء، وتعزيز صحة الجهاز المناعي.

ويثير البروتين الحيواني جدلاً واسعاً بين العلماء والأطباء؛ ففي حين تشير بعض الدراسات إلى أنّ استهلاك اللحوم الحمراء ومنتجات الألبان قد يقلّل خطر الوفاة بالسرطان أو أمراض أخرى بفضل محتواها من الأحماض الأمينية والفيتامينات والمعادن، ترى دراسات أخرى أنّ الإفراط في تناولها يرتبط بزيادة خطر أمراض القلب وارتفاع الكوليسترول وبعض أنواع السرطان.

وبشكل عام، يُنصح البالغون بتناول نحو 0.8 غرام من البروتين يومياً لكل كيلوغرام من وزن الجسم، وفقاً للتوصيات الغذائية المعتمدة.

خطر الوفاة

في أحدث الدراسات، كشف باحثون من جامعة ماكماستر الكندية عن أنّ تناول البروتين الحيواني يمكن أن يقلّل وفيات السرطان.

وأوضحوا أنّ هذه الدراسة تقدّم رؤية أوضح وأكثر دقة بشأن الجدل الدائر حول البروتين الحيواني؛ إذ تدحض المخاوف الشائعة من أنّ استهلاكه قد يزيد خطر الوفاة. ونُشرت النتائج، الجمعة، في دورية «علم وظائف الأعضاء التطبيقية والتغذية والتمثيل الغذائي».

وخلال الدراسة، حلّل الباحثون بيانات نحو 16 ألف شخص بالغ من خلال «المسح الوطني الأميركي للصحة والتغذية»، لدراسة أنماط استهلاك البروتين الحيواني والنباتي وعلاقتها بخطر الوفاة.

وأظهرت النتائج أنّ زيادة استهلاك البروتين الحيواني لم ترتبط بارتفاع خطر الوفاة، بل لُوحظ انخفاض طفيف، لكن مهم إحصائياً في معدل الوفيات المرتبطة بالسرطان بين من تناولوا كميات أكبر من البروتين الحيواني.

كما لم يجد الباحثون أي علاقة بين إجمالي البروتين، سواء من مصدر حيواني أو نباتي، وخطر الوفاة لأي سبب أو من أمراض القلب أو السرطان. وقدّمت الدراسة رؤية أوضح للجدل القائم حول البروتين الحيواني، مبيّنة أنّ استهلاكه المعتدل قد يحمل فائدة وقائية.

لدمج البروتين النباتي مع الحيواني ضمن النظام الغذائي اليومي (جامعة هارفارد)

فوائد صحية

تُظهر الدراسات الحديثة أنّ البروتين الحيواني يقدّم فوائد صحية متعدّدة، خصوصاً عند استهلاكه باعتدال ضمن نظام غذائي متوازن؛ أبرزها دعم نمو العضلات؛ إذ يحتوي على جميع الأحماض الأمينية الأساسية، مما يجعله مثالياً لبناء العضلات وصيانتها. وتشير الدراسات إلى أنّ البروتين الحيواني يحفّز تخليق البروتين العضلي بفاعلية أكبر مقارنة بالبروتينات النباتية، مما يُسهم في الحفاظ على الكتلة العضلية، خصوصاً لدى كبار السن.

تعزيز الشبع وإدارة الوزن

تُعزّز الأنظمة الغذائية الغنية بالبروتين الحيواني الشعور بالشبع، وتقلّل الرغبة في تناول الطعام، مما يساعد على تقليل استهلاك السعرات الحرارية. وأظهرت الدراسات أنّ استبدال البروتين بجزء من الكربوهيدرات يُحسّن جودة النظام الغذائي ويساعد على إدارة الوزن.

كما يُعد البروتين عنصراً أساسياً في تكوين العظام. وتشير الدراسات إلى أنّ استهلاك كميات معتدلة من البروتين الحيواني يُسهم في زيادة كثافة المعادن بالعظام، مما يقلّل من مخاطر الإصابة بهشاشة العظام. كما يُسهم في إنتاج النواقل العصبية، مثل السيروتونين والدوبامين، مما يحسّن المزاج ويقلّل من أعراض الاكتئاب والقلق. وهو أيضاً مصدر غني بالحديد وفيتامين «ب12»، وهما عنصران ضروريان لنمو الأطفال وتطوّرهم في المراحل المبكرة.

البروتين الحيواني يشمل اللحوم والأسماك والبيض والحليب ومشتقاته (جامعة ماكماستر)

متى يكون البروتين الحيواني ضاراً؟

تشير الدراسات إلى أنّ استهلاك كميات كبيرة من اللحوم الحمراء والمعالجة قد يزيد من مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، والسكري من النوع الثاني، وبعض أنواع السرطان، خصوصاً سرطان القولون والمستقيم، وفق دراسة نشرتها دورية «المجلة الدولية للسرطان».

كما أظهرت دراسة نُشرت في دورية «الدوران» أنّ الإفراط في استهلاك البروتين الحيواني يرتبط بزيادة خطر الوفاة بسبب الأمراض القلبية الوعائية.

وأشارت بعض الدراسات أيضاً إلى أنّ الإفراط في استهلاك البروتين الحيواني قد يؤثر سلباً في صحة العظام والكلى، إذ أوضحت دراسة نُشرت في دورية «التغذية» أنّ كميات كبيرة من البروتين قد تسبب اضطراباً في توازن الكالسيوم بالجسم.

السرّ في التوازن

وبين الفوائد والأضرار، يؤكّد خبراء التغذية أنّ تناول البروتين الحيواني باعتدال هو الطريقة الأمثل للاستفادة من فوائده الصحية دون التعرّض للمخاطر المرتبطة بالإفراط فيه.

ووفق الدراسات، يُفضَّل التركيز على مصادر بروتينية صحية مثل الدواجن والأسماك، مع الحدّ من اللحوم الحمراء والمعالجة قدر الإمكان.

كما يوصي الخبراء بدمج مصادر البروتين النباتية، مثل البقوليات، والمكسّرات، والحبوب مع مصادر البروتين الحيوانية ضمن النظام الغذائي اليومي. هذا التوازن يساعد على تلبية حاجات الجسم من الأحماض الأمينية والفيتامينات والمعادن، ويُسهم في تحسين صحة القلب والتمثيل الغذائي.

كما يُنصح بتجنُّب اللحوم المعالَجة، مثل النقانق واللحوم المدخّنة، لارتباطها بزيادة مخاطر الإصابة بأمراض القلب وبعض أنواع السرطان، واستبدال مصادر بروتينية طبيعية وغير معالجة بها، لضمان الحصول على فوائد البروتين من دون التعرُّض لمخاطر صحية.


مقالات ذات صلة

ماذا يحدث لجسمك عند إضافة ملح الهيمالايا إلى نظامك الغذائي؟

صحتك الإفراط في تناول أي نوع من الملح يساهم في ارتفاع ضغط الدم (بيكسباي)

ماذا يحدث لجسمك عند إضافة ملح الهيمالايا إلى نظامك الغذائي؟

ملح الهيمالايا، وهو نوع ذو لون وردي غني بالمعادن النادرة، يُعدّ مكوناً شائعاً في الطبخ، ويُستخدم أحياناً لأغراض علاجية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك يُعدّ البيض جزءاً مهماً من أي نظام غذائي متوازن (بيكسباي)

ماذا يحدث لمستوى السكر في الدم عند تناول البيض بانتظام؟

يُعدّ البيض جزءاً مهماً من أي نظام غذائي متوازن، فهو غني بالعناصر الغذائية وقليل السكر والكربوهيدرات، ويمكن استخدامه بطرق متنوعة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك يستغرق هضم البروتين وقتاً أطول من هضم الكربوهيدرات (جامعة هارفارد)

6 أطعمة غنية بالبروتين تساعد على خفض مستوى السكر في الدم

يُمكن لنظام غذائي غني بالبروتين أن يُساهم في خفض مستوى السكر في الدم من خلال التأثير على هضم الكربوهيدرات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك الرمان غني بالألياف التي تدعم صحة الأمعاء وتعزز الهضم وتقلل من خطر الإمساك (بيكسباي)

تعرف على أفضل وقت لتناول الرمان

بذور الرمان حلوة المذاق ومقرمشة وغنية بمضادات الأكسدة وهي طريقة لذيذة لتعزيز صحتك تناولها في أي وقت من اليوم ولكن تجنب القشرة والجذر والساق

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك السردين مصدراً ممتازاً للكالسيوم وهو عنصر أساسي لصحة العظام (بيسكباي)

هل السردين مفيد لصحة العظام؟

يُعدّ السردين جزءاً من النظام الغذائي البشري منذ قرون. فهو ليس فقط عنصراً أساسياً في مطابخ العالم المختلفة، بل هو أيضاً خيار مستدام من المأكولات البحرية.

«الشرق الأوسط» (لندن)

تناول المياه المعبأة يومياً يعرضك لابتلاع آلاف الجسيمات البلاستيكية الدقيقة

من المهم أن نشرب كثيراً من الماء في الطقس الحار (رويترز)
من المهم أن نشرب كثيراً من الماء في الطقس الحار (رويترز)
TT

تناول المياه المعبأة يومياً يعرضك لابتلاع آلاف الجسيمات البلاستيكية الدقيقة

من المهم أن نشرب كثيراً من الماء في الطقس الحار (رويترز)
من المهم أن نشرب كثيراً من الماء في الطقس الحار (رويترز)

أظهرت مراجعة بحثية حديثة أن مستهلكي المياه المعبأة يومياً يبتلعون أكثر من 90 ألف جسيم بلاستيكي دقيق، مقارنة بمن يشربون مياه الصنبور، ما يستدعي اتخاذ إجراءات تنظيمية عاجلة للحد من المخاطر.

وتشير المراجعة أيضاً إلى أن متوسط ​​ما يبتلعه الإنسان سنوياً يتراوح بين 39 ألفاً و52 ألف جسيم بلاستيكي دقيق، يتراوح حجمها بين جزء من ألف من الملِّيمتر وخمسة ملِّيمترات.

وتُطلق الزجاجات البلاستيكية جسيمات دقيقة في أثناء التصنيع والتخزين والنقل؛ حيث تتحلل بفعل التعرض لأشعة الشمس وتقلبات درجات الحرارة، وفقاً لباحثين في جامعة كونكورديا بكندا الذين يحذرون من أن العواقب الصحية لابتلاعها «قد تكون وخيمة»، حسبما أفادت صحيفة «إندبندنت» البريطانية.

وفي السياق، قالت سارة ساجدي، المؤلفة الرئيسية للدراسة الجديدة المنشورة في مجلة المواد الخطرة: «يُعدُّ شرب الماء من الزجاجات البلاستيكية آمناً في حالات الطوارئ، ولكنه ليس خياراً مناسباً للاستخدام اليومي».

من المعروف أن الجزيئات البلاستيكية الدقيقة تدخل مجرى الدم وتصل إلى الأعضاء الحيوية، مما قد يُسبب التهابات مزمنة، ومشكلات تنفسية، وإجهاداً للخلايا، واضطرابات هرمونية، وضعفاً في القدرة على الإنجاب، وتلفاً عصبياً، وأنواعاً مختلفة من السرطان. إلا أن آثارها طويلة الأمد لا تزال غير مفهومة بشكل كامل بسبب نقص طرق الاختبار الموحدة لتقييمها داخل الأنسجة.

في هذه المراجعة، فحص الباحثون التأثير العالمي لجزيئات البلاستيك الدقيقة التي يتم ابتلاعها من زجاجات المياه البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد على صحة الإنسان، مستندين في ذلك إلى أكثر من 141 مقالة علمية.

تشير المراجعة إلى أن الأشخاص الذين يحصلون على الكمية اليومية الموصى بها من الماء من زجاجات المياه البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد فقط، قد يبتلعون 90 ألف جزيء إضافي من البلاستيك الدقيق سنوياً، مقارنة بمن يشربون ماء الصنبور فقط، والذين يبتلعون 4 آلاف جزيء دقيق سنوياً. كما توضح الدراسة أنه على الرغم من أن أدوات البحث الحالية قادرة على رصد حتى أصغر الجزيئات، فإنها لا تكشف عن مكوناتها.

ويشير الباحثون إلى أن الأدوات المستخدمة لتحديد تركيب جزيئات البلاستيك غالباً ما تغفل أصغرها، داعين إلى تطوير أساليب اختبار عالمية موحدة لقياس الجزيئات بدقة.

وكتب الباحثون: «يسلط التقرير الضوء على المشكلات الصحية المزمنة المرتبطة بالتعرض للبلاستيك النانوي والميكروي، بما في ذلك أمراض الجهاز التنفسي، ومشكلات الإنجاب، والتسمم العصبي، والسرطنة».

وتسلِّط المراجعة الضوء على تحديات أساليب الاختبار الموحدة، والحاجة إلى لوائح شاملة تستهدف الجسيمات البلاستيكية النانوية والميكروية في زجاجات المياه. كما يؤكد البحث ضرورة التحول من استخدام البلاستيك أحادي الاستخدام إلى حلول مستدامة طويلة الأمد لتوفير المياه.


نصائح لتحسين جودة نومك خلال فصل الشتاء

يجد كثير منا صعوبة في النوم خلال فصل الشتاء (رويترز)
يجد كثير منا صعوبة في النوم خلال فصل الشتاء (رويترز)
TT

نصائح لتحسين جودة نومك خلال فصل الشتاء

يجد كثير منا صعوبة في النوم خلال فصل الشتاء (رويترز)
يجد كثير منا صعوبة في النوم خلال فصل الشتاء (رويترز)

يجد كثير منا صعوبة في النوم خلال فصل الشتاء. فالبرودة وقِصر ساعات النهار وزيادة التوتر أحياناً تجعل من الصعب الاسترخاء والاستغراق في النوم ليلاً. ومع ذلك، هناك بعض العادات البسيطة والتغييرات في نمط الحياة التي يمكن أن تساعد على تحسين جودة النوم، خلال الأشهر الباردة.

وذكر تقريرٌ نشرته صحيفة «التلغراف» أهم الطرق والنصائح للحصول على نوم أفضل ليلاً في فصل الشتاء، وهي:

ابدأ يومك بالتعرض للضوء

يمكن أن يساعد التعرض للضوء لمدة ثلاثين دقيقة، في الوقت نفسه كل صباح، في إعادة ضبط ساعتك البيولوجية، وتحسين جودة نومك.

وإذا جرى هذا التعرض للضوء أثناء المشي فإن هذا الأمر قد يُحسّن المزاج أيضاً.

لكنْ إذا لم تتمكن من الخروج نهاراً، فإن الجلوس بجوار النافذة يساعد على تحسين التركيز والمزاج وجودة النوم.

احمِ عينيك من الضوء ليلاً

يُفضَّل ليلاً استخدام إضاءة خافتة ودافئة، حيث يرتبط التعرض للضوء ليلاً بنومٍ أخف وأقل راحة.

ويبدأ إفراز هرمون النوم الميلاتونين عادةً قبل ساعة ونصف من موعد نومك المعتاد، لذا جرّب إشعال شمعة مع وجبة العشاء مع إغلاق مصادر الإضاءة الأخرى. سيساعدك الجمع بين هذه الأدوات على النوم بسهولة أكبر.

اجعل المشي وقت الغداء عادة

بغضّ النظر عن مدى لياقتك البدنية، فإن قلة الخطوات تعني تقليل تراكم «ضغط» النوم، مما يسهم في شعورك بالتعب ليلاً ويتسبب في اضطرابات بنومك.

ضع لنفسك هدفاً بالمشي وقت الغداء، بغضّ النظر عن الطقس.

حاول ألا تستيقظ مبكراً

إن الاستيقاظ مبكراً في فصل الشتاء قد يُسبب ارتفاعاً غير معتاد في مستوى الكورتيزول، مما قد يجعلك تشعر بمزيد من التوتر والإرهاق طوال اليوم.

قد لا يكون هذا ممكناً للجميع، لكن إذا استطعتَ الحصول على نصف ساعة إضافية من النوم صباحاً، فقد تنام، بشكل أفضل، في الليلة التالية.

استمتع بوقتك في أحضان الطبيعة

إن الخروج للطبيعة في فصل الشتاء يمكن أن يساعدك في تحسين جودة نومك، بشكل كبير، ليلاً. لكن ينبغي عليك الحرص على ارتداء الملابس الثقيلة أثناء الخروج.

خطط لوجباتك بذكاء

وجدت دراسات حديثة أن الأنظمة الغذائية الغنية بالأطعمة فائقة المعالجة ترتبط بارتفاع معدلات الأرق واضطرابات الصحة النفسية.

من الأفضل بدء وضع خطة وجبات أسبوعية. فالأطعمة الغنية بالألياف والمُغذية (مثل الفواكه والخضراوات الطازجة) ترتبط بتحسين جودة النوم.

وإلى جانب نوعية الطعام، فكّر أيضاً في وقت تناوله. توقف عن الأكل، قبل ساعتين على الأقل من موعد نومك، لتنعم بنوم هانئ.


الجسيمات البلاستيكية الدقيقة قد تُسهم بشكل مباشر في أمراض القلب لدى الرجال

الجزيئات البلاستيكية الدقيقة قد تتغلغل في الشرايين (رويترز)
الجزيئات البلاستيكية الدقيقة قد تتغلغل في الشرايين (رويترز)
TT

الجسيمات البلاستيكية الدقيقة قد تُسهم بشكل مباشر في أمراض القلب لدى الرجال

الجزيئات البلاستيكية الدقيقة قد تتغلغل في الشرايين (رويترز)
الجزيئات البلاستيكية الدقيقة قد تتغلغل في الشرايين (رويترز)

أظهرت دراسة حديثة أن الجزيئات البلاستيكية الدقيقة قد تتغلغل في الشرايين وتُسبب أمراض القلب، خاصةً لدى الرجال.

وتنتشر جزيئات البلاستيك الدقيقة، التي يتراوح حجمها بين جزء من ألف من المليمتر وخمسة ملليمترات، في كل مكان اليوم؛ إذ توجد في الطعام والماء والهواء. ومن المعروف أنها تدخل مجرى الدم، بل وتستقر في الأعضاء الحيوية.

وتُسهِم هذه الجسيمات البلاستيكية الدقيقة في مجموعة واسعة من المشاكل الصحية، بدءاً من اضطرابات الهرمونات، وضعف القدرة على الإنجاب، وتلف الجهاز العصبي، والسرطان، وصولاً إلى أمراض القلب.

ومع ذلك، لم يكن من الواضح، فيما يتعلق بأمراض القلب، ما إذا كانت هذه الجسيمات تُلحق الضرر بالشرايين بشكلٍ مباشر، أم أن وجودها مع المرض كان مجرد مصادفة فقط، وهذا ما توصلت إليه الدراسة الجديدة، والتي نقلتها صحيفة «الغارديان» البريطانية.

وقال تشانغ تشنغ تشو، أستاذ العلوم الطبية الحيوية في جامعة كاليفورنيا، ومؤلف الدراسة الجديدة: «تقدم دراستنا بعضاً من أقوى الأدلة حتى الآن على أن الجزيئات البلاستيكية الدقيقة قد تُسهِم بشكل مباشر في أمراض القلب والأوعية الدموية».

وفي الدراسة، قيّم الباحثون آثار الجزيئات البلاستيكية الدقيقة على فئران مُعرّضة وراثياً للإصابة بتصلب الشرايين.

تمت تغذية فئران الدراسة، ذكوراً وإناثاً، بنظام غذائي منخفض الدهون والكولسترول، يُشابه ما قد يتناوله شخص سليم ونحيف.

ومع ذلك، وعلى مدار تسعة أسابيع، تلقت الفئران جزيئات بلاستيكية دقيقة بجرعات تُقارب 10 ملغ لكل كيلوغرام من وزن الجسم.

واختار الباحثون مستويات التعرض هذه للجزيئات البلاستيكية الدقيقة؛ لتعكس كميات مُشابهة لما قد يتعرض له الإنسان من خلال الطعام والماء الملوثين.

وعلى الرغم من أن النظام الغذائي الغني بالجسيمات البلاستيكية الدقيقة لم يتسبب في زيادة وزن الفئران أو ارتفاع مستويات الكولسترول لديها، وظلت الحيوانات نحيفة، فإن تلف الشرايين قد حدث.

ووجد الباحثون على وجه الخصوص فرقاً ملحوظاً في تأثير الجسيمات البلاستيكية الدقيقة بين ذكور وإناث الفئران.

وأدى التعرض للجسيمات البلاستيكية الدقيقة إلى تسريع تصلب الشرايين بشكل كبير لدى ذكور الفئران، حيث زاد تراكم اللويحات بنسبة 63 في المائة في جزء من الشريان الرئيسي المتصل بالقلب، وبأكثر من 7 أضعاف في الشريان العضدي الرأسي المتفرع من الشريان الرئيسي في الجزء العلوي من الصدر.

وخلصت الدراسة إلى أن إناث الفئران التي تعرضت للظروف نفسها لم تشهد زيادة ملحوظة في تكوّن اللويحات.

وبمزيد من البحث، وجد الباحثون أن الجسيمات البلاستيكية الدقيقة تتداخل مع الشرايين؛ ما يُغير سلوك وتوازن أنواع عدة من الخلايا.

ووجدوا أن الخلايا البطانية، التي تُشكل البطانة الداخلية للأوعية الدموية، كانت الأكثر تأثراً.

وقال الدكتور تشو: «بما أن الخلايا البطانية هي أول ما يتعرض للجسيمات البلاستيكية الدقيقة المنتشرة في الدم، فإن خلل وظيفتها قد يُؤدي إلى بدء الالتهاب وتكوّن اللويحات».

يبحث الباحثون حالياً في سبب كون ذكور الفئران أكثر عرضة لتلف الشرايين نتيجة التعرض للجسيمات البلاستيكية الدقيقة، وما إذا كان هذا الاختلاف بين الجنسين ينطبق على البشر أيضاً.

وقال تشو: «يكاد يكون من المستحيل تجنب الجسيمات البلاستيكية الدقيقة تماماً. ومع استمرار تزايد تلوث الجسيمات البلاستيكية الدقيقة عالمياً، أصبح فهم آثارها على صحة الإنسان، بما في ذلك أمراض القلب، أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى».

وأشار إلى أنه نظراً لأنه لا توجد حالياً طرق فعالة لإزالة الجسيمات البلاستيكية الدقيقة من الجسم، فإن تقليل التعرض لها والحفاظ على صحة القلب والأوعية الدموية بشكل عام - من خلال النظام الغذائي، وممارسة الرياضة، وإدارة عوامل الخطر - يبقى أمراً بالغ الأهمية.