مستشار الرعاية الصحية البريطاني لـ«الشرق الأوسط»: مهتمون بالشراكة مع السعودية

أكد على عظمة «رؤية 2030» وتواصل النقاشات حول الاستثمارات المشتركة

يعيش القطاع طفرة نوعية تعتمد على التقنية والتحديث (واس)
يعيش القطاع طفرة نوعية تعتمد على التقنية والتحديث (واس)
TT

مستشار الرعاية الصحية البريطاني لـ«الشرق الأوسط»: مهتمون بالشراكة مع السعودية

يعيش القطاع طفرة نوعية تعتمد على التقنية والتحديث (واس)
يعيش القطاع طفرة نوعية تعتمد على التقنية والتحديث (واس)

كشف مستشار الرعاية الصحية في بريطانيا المبعوث إلى السعودية، البروفسور ستيف هيلد، عن أن لديهم برنامجاً لبناء المستشفيات، ويتم النقاش حول إمكانية الاستثمار المشترك بين المملكة المتحدة والسعودية، وهذه الأعمال والمشروعات مرتبطة بالسير معاً في شراكة حقيقية، والاستثمار في كلا البلدين.

وقال هيلد، في حديث مع «الشرق الأوسط»: «نحن مهتمون بإقامة شراكات بين المملكتين»، السعودية، وبريطانيا، لافتاً إلى أن وفداً يتقدمه المدير التجاري لـ«هيئة الخدمات الصحية الوطنية (NHS)»، زار السعودية خلال الأيام الماضية، وذلك بهدف استكشاف فرص تطوير أعمالنا الرقمية في المملكة المتحدة.

البروفسور ستيف هيلد مستشار الصحة البريطاني

وشمل الوفد البريطاني الذي زار السعودية، أعضاء من جامعة أكسفورد، التي وصفها هيلد، بأنها من أفضل الجامعات في العالم، وذلك للعمل مع الجانب السعودي في المجال الرقمي الطبي، والرعاية الوقائية، والقيادة، متوقعاً أن يكون المستقبل مشرقاً جداً مع هذا التعاون الوثيق، بين المملكة العربية السعودية والمملكة المتحدة، في شراكة متينة.

يعيش القطاع طفرة نوعية تعتمد على التقنية والتحديث (واس)

وتأتي هذه الزيارة وفقاً لهيلد، في أعقاب زيارة سابقة قبل بضعة أشهر، بحثت فرص التعاون المشترك بين البلدين والابتكار في المجال الرقمي، وكيفية استخدام القوى العاملة لتحقيق النتائج التي يحتاج إليها القطاع الصحي في السعودية.

وتحدَّث هيلد عن المشروعات المرتقبة، قائلاً: «إن (مستشفى كينغز كوليدج)، الذي سيُفتح خلال الشهرين المقبلين في مدينة جدة غرب السعودية، سيكون من أحدث المستشفيات العالمية، وسيتم تشغيله بالتعاون مع شركة سعودية محلية، في حين سيقدم (مستشفى كينغز كوليدج) خبراته؛ لضمان أن تكون جميع الخدمات السريرية وفق أعلى المعايير العالمية»، لافتاً إلى أن «مستشفى كينغز كوليدج»، يعد جزءاً من نظام «هيئة الخدمات الصحية الوطنية (NHS)»، وجرى توسيع نشاطاته بشكل كبير على المستوى الدولي.

وعرج هيلد، على آخر المشروعات في العاصمة السعودية، الرياض، المتمثل في «عيادة ذا برايوري» التي أُنشئت قبل 18 شهراً، وهي مثال حي وممتاز على الاستثمار البريطاني في السعودية، مشدداً في حديثه على ضرورة زيادة هذه الشراكات في المستشفيات، بما في ذلك مجال الرعاية الصحية النفسية، كما أن هناك رغبة لدى الجانب البريطاني لتقديم الدعم في خدمات الرعاية الأولية.

المستشفى التخصصي لصحة المرأة أحد الصروح الطبية في الرياض (واس)

وتحقق الدول التي استثمرت في الرعاية الأولية نتائج صحية أفضل، وتقلل في تكاليف الرعاية في المستشفيات على حد قول هيلد، الذي قال إن «(رؤية 2030) تركز على تقديم مزيد من الرعاية في المجتمع، وخارج المستشفيات، وهي خطوة بالغة الأهمية».

وتترقب السوق المحلية دخول عدد من الشركات المتخصصة في القطاع الصحي خلال الفترة المقبلة، من الدول كافة، خصوصاً المملكة المتحدة التي لديها شركات متنوعة في مختلف المجالات؛ ما عزز حجم التبادل بين السعودية وبريطانيا، إذ تخطّت قيمة التبادل التجاري بين البلدين 17 مليار جنيه إسترليني (21 مليار دولار)، في حين تستهدف المملكتان زيادة حجم التجارة الثنائية إلى 37.5 مليار دولار بحلول 2030.

وتحدَّث هيلد عن النظام الصحي السعودي، قائلاً: «أفهم جيداً وضع نظامكم الصحي في الوقت الحالي، بحكم زياراتي المتكررة، والرؤية العظيمة 2030، التي أطلقها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وهو بالضبط ما كنت سأقترحه لتطوير أي نظام صحي، كما أن الرؤية تشبه إلى حد كبير ما نقوم به في المملكة المتحدة، ونعمل باستمرار على تطويره رغم الخبرة التي تزيد على 76 عاماً من تاريخ هيئة الخدمات الصحية الوطنية (NHS)، التي تتغير باستمرار، كما سيتغير نظامكم الصحي عند تحقيق أهداف (رؤية 2030)».

وأثار إعجاب هيلد، التركيزُ على الرعاية الوقائية في النظام الصحي السعودي، موضحاً أن «70 في المائة من الوفيات في مختلف الدول نتيجة أمراض غير معدية تتعلق بارتفاع ضغط الدم، وداء السكري، ومشكلات التدخين، كما يشكِّل مرض السكري معضلة كبرى في جميع الاقتصادات الغربية»، موضحاً أن «السعودية تواجه هذا التحدي، لذلك فإن الوقاية دائماً هي الأفضل، وستوفر المال على المدى الطويل، مع علاج المرضى جميعاً، الذين يعانون من ارتفاع ضغط الدم والسكري، وأفضل طريقة لتحقيق ذلك تكون عبر نظام تقوده الرعاية الأولية».

البروفسور ستيف هيلد متحدثاً لـ«الشرق الأوسط»

وأضاف، أنه في أثناء تطوير الرعاية الأولية والمجتمعية، يجب التأكد من أن خدمات المستشفيات تستمر في العمل بكفاءة، وألا تؤدي هذه التحولات إلى زيادة فترات الانتظار في المستشفيات، مشدداً على أنه لا ينبغي النظر إلى الصحة النفسية بشكل منفصل، بل يجب أن تكون جزءاً لا يتجزأ من كل هذا الحراك.

ووصف هيلد، استراتيجية السعودية في مجال الصحة النفسية بـ«الطَموحة، التي تسير في الاتجاه الصحيح»، من خلال الكشف المبكر، وتقديم الرعاية في المجتمع، والحفاظ على الناس خارج المستشفيات، وهي أمور ضرورية، وستحتاج هذه العمليات إلى تحول في القوى العاملة، إلى جانب تعزيز وعي المرضى بمسؤوليتهم تجاه صحتهم النفسية، ودعمهم من خلال التطبيقات التكنولوجية وغيرها.

ويعتقد بأن التركيزَ على الصحة الجسدية والنفسية ضمن «رؤية 2030» في محله تماماً، والنموذج الذي تبنَّته المملكة للرعاية الصحية ممتاز، والتعاون مع المملكة المتحدة يمكن أن يسهم في تحقيق الأهداف بسرعة وكفاءة.

وقال: «إن المملكة المتحدة ومن خلال هيئة الخدمات الصحية الوطنية (NHS)، لم تشارك عالمياً بالقدر الذي أعتقد بأنه كان ينبغي أن تشارك به، وناقشتُ خلال اجتماعات سابقة مع وزرائنا، ضرورة الانخراط بشكل أكبر في الرعاية الصحية على الصعيد العالمي، وتُعدّ المملكة العربية السعودية من أهم حلفائنا وشركائنا الرئيسيين، لذلك لدينا الرغبة في تقديم كل الدعم والمساعدة لتحقيق (رؤية 2030)».


مقالات ذات صلة

«أبطال الخليج»: الرفاع البحريني يحقق فوزه الأول على حساب العربي القطري

رياضة عربية الرفاع البحريني هزم العربي القطري في دوري أبطال الخليج (نادي الرفاع)

«أبطال الخليج»: الرفاع البحريني يحقق فوزه الأول على حساب العربي القطري

حقق فريق الرفاع البحريني الثلاثاء فوزه الأول في دوري أبطال الخليج لكرة القدم بالتغلب على ضيفه العربي القطري بهدفين دون رد.

«الشرق الأوسط» (المنامة)
الاقتصاد صورة جماعية في الاجتماع الدوري الـ35 لمجلس الوزراء العرب المسؤولين عن شؤون البيئة بجدة (الشرق الأوسط)

مسؤول عراقي لـ«الشرق الأوسط»: مشروعات مشتركة جديدة مع السعودية لتحقيق الاستدامة البيئية

يعيش العراق حالة انتعاش في المسارات كافة؛ منها قطاع البيئة الذي يعيش طفرة نوعية في المشروعات، وتحسين البنية التحتية، وفقاً لما أورده الدكتور جاسم الفلاح.

سعيد الأبيض (جدة)
الاقتصاد د. خالد أصفهاني الرئيس التنفيذي لـ«المؤسسة العامة للمحافظة على الشعب المرجانية» وعدد من الشخصيات عند انطلاق المؤتمر

دراسة مع «البنك الدولي» لتحديد القيمة الفعلية للشعاب المرجانية في السعودية

تقترب السعودية من معرفة القيمة الفعلية لمواردها الطبيعية من «الشعاب المرجانية» في البحر الأحمر.

سعيد الأبيض (جدة)
الاقتصاد صورة للمتحدثين خلال الجلسة الحوارية في منتدى «بوابة الخليج» (الشرق الأوسط)

السعودية: التكامل مع دول الخليج ركيزة لمنافسة الاقتصادات العالمية الكبرى

أكد وزير الاستثمار السعودي خالد الفالح أن بلاده، رغم قدرتها على منافسة الاقتصادات الكبرى وحدها، فإنها تسعى لتعزيز التكامل مع دول الخليج.

«الشرق الأوسط» (المنامه)
الخليج الأمين العام لمجلس التعاون ورؤساء الوفود المشاركة في الاجتماع (الهيئة السعودية للأمن السيبراني)

إعلان استراتيجية خليجية للأمن السيبراني

دشّنت دول مجلس التعاون الخليجي اليوم «الاستراتيجية الخليجية للأمن السيبراني»، وذلك خلال اجتماع اللجنة الوزارية للأمن السيبراني في العاصمة القطرية الدوحة.

«الشرق الأوسط» (الدوحة)

7 معلومات عن أنواع جراحات شرايين القلب التاجية وطرقها

7 معلومات عن أنواع جراحات شرايين القلب التاجية وطرقها
TT

7 معلومات عن أنواع جراحات شرايين القلب التاجية وطرقها

7 معلومات عن أنواع جراحات شرايين القلب التاجية وطرقها

تظل العبارة الذهبية طبياً: «النهج العلاجي الأفضل هو إجراء ما هو ملائم ومفيد للمريض». كما تبقى السمة الأبرز للتوصية في اختيار المقاربات الجراحية هي: «تخصيص الإجراء للمريض، بدلاً من (تخصيص) المريض وفقاً للإجراء».

تصميم نهج المعالجة

ولذا؛ عند التعامل العلاجي مع واقع الحالة المرضية القلبية، فإن «الشيء يُبنى على مقتضاه». ويتم النظر أولاً إلى المعطيات الصحية لدى المريض، وجوانب عدة من الحالة المرضية لديه، ثم عليها يُبنى تصميم نهج المعالجة.

وما يحاول طبيب القلب فعله هو «تدوير الزوايا الحادة» التي تفرضها أمراض القلب على صحة المريض في المديين المنظور والبعيد. وكلما تناقصت «حدة الزوايا» المرضية تلك، ارتفعت فرص تحسين جودة الحياة اليومية والتوقعات المستقبلية لدى المرضى. وهو ما يتم تطبيقه بدقة عند النظر في معالجة أمراض شرايين القلب التاجية.

وعلى الرغم من الاعتماد الأساسي على «المعالجات التحفظية» Conservative Management بالأدوية وتبني السلوكيات الصحية في نمط عيش الحياة اليومية، فإن ذلك قد لا يُفلح في بعض حالات أمراض شرايين القلب المتقدمة، لتخفيف أو إزالة عبئها المرضي على سلامة القلب ومعاناة المريض منها. وهو الأمر الذي يضطر الطبيب إلى الاستعانة إما بالمعالجات التدخلية Invasive Management من خلال القساطر التي تصل إلى داخل القلب، أو الاستعانة بالتدخل الجراحي المباشر، لإعادة أوضاع حالة القلب إلى النصاب الذي يُمكّن المريض من تجاوز الانتكاسات الصحية وعودته إلى ممارسة حياته الطبيعية بأقصى قدر ممكن.

جراحات القلب والشرايين التاجية

ودون الحديث عن المعالجات الجراحية لأمراض صمامات القلب أو العيوب الهيكلية أو العيوب الخلقية في القلب، إليك المعلومات التالية عن الجراحات القلبية لأمراض الشرايين التاجية الأكثر شيوعاً:

1. جراحة القلب. هي أي عملية جراحية تتضمن القلب أو الأوعية الدموية المتصلة به مباشرة. وتُجرى لتصحيح مشاكل القلب وتحسين طريقة عمله، حينما تكون الجراحة هي الطريقة الأفضل أو الوحيدة لذلك.

ويعتمد نوع جراحة القلب التي يخضع لها المريض، على المشكلة القلبية الأساسية أو مجموعة المشاكل القلبية لديه. وهي جراحة معقدة، وتتطلب عمل فريق طبي واسع، ذي خبرة متخصصة. وهي أيضاً حدث رئيسي في حياة المريض، يمنحه فرصة جديدة تماماً للحياة.

وفي كل عام، يخضع أكثر من مليونَي شخص حول العالم لجراحة القلب المفتوح لعلاج مشاكل القلب المختلفة، وخصوصاً الشرايين التاجية. لكن يظل مصطلح «جراحة القلب» مبهماً لدى المرضى في جوانب عدة منها، وخصوصاً مع التطورات المتلاحقة فيها. والأهم، مع اختلاف تفضيلات جراحي القلب للمقاربات الجراحية عند التخطيط لطريقة إجراء العملية، وفق معطيات مختلفة لدى كل مريض على حدة. وهذا ما يجعل ذكر «جراحة القلب» مثيراً للتوتر، وربما التخوف والتحاشي، لدى بعض المرضى. وما يثير أيضاً تساؤلات عن دواعي اختلاف طرق إجرائها على الرغم من أن الخطوط الرئيسية لإجراء الأنواع المختلفة من عمليات القلب، واضحة في الخطوات والمسارات الرئيسية.

2. فريق طبي متمرس. يتطلب النجاح في جراحة القلب وجود فريق طبي متجانس مارس عدداً كبيراً من الحالات، من أجل الوصول إلى أفضل النتائج. وتتنافس مراكز القلب في تكوين هذا الفريق الذي يضم أطباء تشخيص وعلاج ومتابعة أمراض القلب لمرحلة ما قبل الجراحة، ثم فريق غرفة العمليات المكون من الجراحين والتقنيين واختصاصيي التخدير، ثم فريق مرحلة ما بعد الجراحة المكون من أطباء الرعاية الحرجة، وطاقم الرعاية الصحية المساعدة خلال ما بعد العملية إلى حين الخروج من المستشفى. وبعد أن يغادر المريض المستشفى، هناك فريق أطباء القلب لضمان استمرار المتابعة في تقديم الرعاية القلبية.

وقبل الجراحة، يطلب طبيب القلب إجراء فحوص واختبارات عدة، لتحديد نوع جراحة القلب التي تناسب المريض بشكل أفضل. واعتماداً على مشكلة القلب لدى المريض والمعطيات الصحية الأخرى لديه، يقرر جراح القلب الطريقة التي سيُجري بها الجراحة، وفق احتياج معالجة المريض. ثم يتولى عرض الأمر بتفاصيله على المريض لأخذ الموافقة المشفوعة بالعلم منه.

طرق جراحية لإصلاح القلب

3. في العموم، يمكن علاج الكثير من أمراض القلب بإحدى الطرق الجراحية الملائمة. وإضافة إلى معالجة أمراض الشرايين التاجية، ثمة ما يلي من العلاجات الاخرى:

- إصلاح أو استبدال صمامات القلب التي تضبط تدفق الدم عبر حجرات القلب

- إصلاح الهياكل غير الطبيعية أو التالفة في أجزاء عدة من القلب

- إصلاح العيوب الخلقية في أجزاء مختلفة من القلب والأوعية الدموية الكبيرة المتصلة به

- إصلاح تمدد الأوعية الدموية (انتفاخات في جدران الشرايين)

- زرع أجهزة طبية تساعد في التحكم في ضربات القلب أو أجهزة دعم وظيفة القلب وضمان تدفق الدم

- استبدال القلب التالف بقلب سليم من متبرع (زراعة القلب)

وكما هو الحال مع أي نوع من الجراحة التي تشمل القلب، هناك بعض المخاطر. وبالنسبة للكثير من الأشخاص، تكون نتائج جراحة القلب ممتازة. ويمكن لجراحة القلب تقليل الأعراض وتحسين نوعية الحياة وتحسين فرص البقاء على قيد الحياة. لكن تكون المخاطر أعلى عموماً إذا أجريت الجراحة في حالة طارئة (كعلاج نوبة قلبية). وأيضاً تكون المخاطر أعلى مع تواجد أمراض مرافقة عميقة التأثير صحياً (مرض السكري، ضعف الكلى، أمراض مزمنة في الرئتين، وغيرها).

جراحة الشرايين التاجية

4. معالجة مرض شرايين القلب التاجية جراحياً. وهي تُسمى جراحة «التخطي» Heart Bypass Surgery أو «مجازة الشريان التاجي» CABG. ومرض القلب التاجي يحدث عندما لا تستطيع الشرايين التاجية Coronary Arteries توصيل ما يكفي من الدم، الغني بالأكسجين، إلى القلب.

واعتماداً على مدى خطورة حالة المريض وأعراضه، يُلجأ إلى التدخل الجراحي. وللتوضيح، يُحاول أطباء القلب التعامل مع تضيقات أو انسدادات الشرايين التاجية، إما بالعلاج الدوائي، أو بالعلاج التدخلي من خلال القسطرة لتركيب دعامات معدنية تضمن تدفق الدم من خلال تلك الشرايين. وعندما لا يُفلح الأمر، أو لأن التضيقات ذات طبيعة من الصعب التغلب عليها بالدعامات، يتم اللجوء إلى الجراحة، ويتم أيضاً تحديد الطريقة الأفضل للمريض في إجراء الجراحة.

وهذا أمر يُناقشه أطباء القلب وأطباء جراحة القلب، ثم يُعرض على المريض ما يستقر عليه الرأي الطبي في معالجة شرايين القلب التاجية لديه. وفي هذه الجراحة تُستخدم الأوعية الدموية السليمة المأخوذة من جزء آخر من الجسم، وتُربط بالأوعية الدموية أعلى وأسفل الشريان المسدود أو المتضيق بشدة. وهذا يوفر طريقاً جديدة لتدفق الدم، تتجاوز مناطق الضيق أو السدد. والأوعية الدموية المُستخدمة، عادة ما تكون شرايين إما موجودة داخل القفص الصدري أو شرايين مأخوذة من الساعد، أو أوردة مأخوذة من الساقين. وثمة طرق عدة لإجراء عملية شرايين القلب، كما سيأتي.

طرق جراحة القلب المفتوح

5. جراحة مجازة الشريان التاجي التقليدية، وتسمى أيضاً جراحة القلب المفتوح بشق الصدر Open-Heart Surgeries. ويُجري الجرَّاح في العادة شقاً طويلاً في منتصف الصدر، يشمل الجلد وطول عظمة «القص» الأمامية Sternum Bone. ثم يفتح الجرَّاح القفص الصدري للكشف عن القلب والعمل عليه مباشرة.

وفي الطريقة الأولى للجراحة، يتم وبعد فتح الصدر، وبالتزامن إيقاف عمل القلب مؤقتاً بفعل البوتاسيوم والأدوية وتبريد القلب، وتشغيل جهاز مضخة القلب والرئة Heart Lung Machine. وهذا الجهاز يعمل على ضخ الدم للجسم (عند الإيقاف المتعمد للقلب) بشكل مؤقت (خلال العملية فقط)؛ كي يحافظ على تدفق الأكسجين إلى كل أنحاء الجسم أثناء الجراحة. ويطلق على هذه الطريقة الأولى للجراحة، جراحة مجازة الشريان التاجي بالمضخات On-Pump.

وبعد انتهاء الجراحة في القلب نفسه، يعيد الجراح إلى القلب قدرة النبض عبر الإنعاش، وهو ما يأخذ بعض الوقت. ثم يوقف جهاز مضخة القلب والرئة الخارجي بالتدرج، وفق تدرج عودة القلب إلى سابق قوته. ثم تبدأ مرحلة الإقفال الجراحي، حيث يستخدم الجرَّاح خيطاً جراحياً معدنياً لإغلاق عظم الصدر (الذي يظل طوال العمر تحت الجلد في الجسم بعد التئام العظم). ثم يتم إقفال فتحة الجلد الطويلة بخيط قابل للامتصاص أو الإزالة لاحقاً. وعادةً، تستغرق جراحة مجازة الشريان التاجي من ثلاث إلى ست ساعات تقريباً.

وتتوقف مدة جراحة القلب المفتوح على عدد الشرايين المسدودة، وإذا ما كان ثمة صمامات قلبية تحتاج إلى الزراعة.

أما الطريقة الثانية، فهي إجراء جراحة مجازة الشريان التاجي «دون مضخة» Off-Pump. وهي خطوات جراحة القلب المفتوح نفسها مع عدم استخدام آلة لضخ الدم، وإبقاء القلب ينبض بشكل طبيعي. وهي أحد أنواع جراحات القلب النابض. لكن هذا النوع من الجراحة قد يكون صعباً، بسبب استمرار القلب في الحركة، على الرغم من استخدام الجراح آلة لتثبيت القلب. وهي ليست من الخيارات المناسبة لكل المرضى، لأسباب عدة.

الجراحة بالمنظار أو الروبوت

6. جراحة بالمنظار. وهذه هي الطريقة الثالثة، وهي إجراء جراحة مجازة الشريان التاجي من النوع «الأقل توغلاً» Minimally Invasive، بالمنظار أو بشكل مباشر. وهنا لا يتم إجراء شق الصدر من الأمام بفتحة كبيرة وشق عظمة القص الأمامية. أي لا تنطوي هذه الطريقة على كسر العظام أو إحداث شق جلدي كبير في أمام الصدر. بل يتم إجراء شقوق جراحية صغيرة جانبية، غالبا صغيرة وربما أحدها أكبر، وفق متطلبات طرق متعددة في هذا النهج الجراحي. ثم قد تتم الجراحة المباشرة أو الجراحة بالمنظار.

وعادة تكون «دون مضخة» الجهاز القلبي الرئوي، وفي أحيان أخرى باستخدام المضخة عبر فتحات شريانية ووريدية من مناطق أخرى من الجسم. ويُتم جراح القلب إجراء الخطوات الجراحية المطلوبة لعلاج الشرايين التاجية المريضة. لكن من الضروري التنبه إلى أن جراحات القلب «الأقل توغلاً»، لا تلائم، أو ليس بالإمكان إجراؤها لكثير من حالات أمراض القلب التي تتطلب الجراحة، للكثير من الأسباب التقنية والأسباب المرضية لدى المريض. وهذا جانب تتم مناقشته مع المريض. ويظل الأساس أن بالعمليات «الأقل توغلاً» تصبح المدة الإجمالية للإقامة في المستشفى أقصر. كما تصبح مدة استخدام جهاز التنفس الاصطناعي أقصر، ويقل معها ألم ما بعد العملية، وتتدنى كمية النزيف الدموي بشكل كبير، وتقل احتمالية الإصابة بعدوى، واحتمالات الإصابة باضطراب عابرة في إيقاع نظم نبض القلب بعد الجراحة. وتقل أيضاً مدة البقاء في وحدة العناية المركزة.

وكذلك، فإن هذه الطريقة أفضل من الناحية التجميلية الخارجية لحجم ندبة الجرح. ويبلغ إجمالي مدة الإقامة في المستشفى نحو ثلاثة أيام. وتتحسن جودة الحياة بشكل عام، مع إمكانية العودة إلى العمل في وقت أسرع (العودة في غضون أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع من الجراحة).

7. جراحة الروبوت. والطريقة الرابعة هي إجراء جراحة مجازة الشريان التاجي بمساعدة الروبوت. والروبوتات هي أحدث ما توصلت إليه الجراحات «الأقل توغلاً». لكن كونها الأحدث لا يعني تلقائياً أنها الأفضل للمريض، أو أنها مناسبة لكل مريض، أو أنها الأفضل في النتائج قريبة وبعيدة المدى، مقارنة بالطرق الجراحية الأخرى.

والروبوت في الحقيقة مكوّن من ثلاث أذرع، تمثل امتداداً ليد الجراح، وذراع رابعة تمثل كاميرا تنقل الصورة داخل الصدر إلى شاشة وحدة التحكم أمام الجراح. ويتطلب النجاح في جراحة القلب الروبوتية وجود فريق متجانس، والأهم أنه مارس عدداً كبيراً من الحالات، من أجل الوصول إلى أفضل النتائج. ويقوم بالعملية جراحان اثنان غالباً. أحدهما بجانب طاولة العمليات، والآخر أمام وحدة التحكم.

وثمة دواعٍ محددة لقدرة إجراء عمليات جراحة مجازة الشريان التاجي روبوتياً. وهناك كثير من المرضى الذين لا يمكنهم الخضوع لجراحة القلب الروبوتية. وخصوصاً عندما يكونون في حاجة إلى إجراءات متعددة، كمجموعة من جراحة المجازة التاجية والصمامية، فإن هذا قد يفوق قدرة الروبوت. ويُشار إلى أن المرضى الذين خضعوا لجراحة قلبية سابقة، أو الذين خضعوا لعملية سابقة تتضمن شقّاً في الجانب الأيسر من الصدر، قد لا يكونون مؤهلين أيضاً للخضوع للجراحة باستخدام الروبوت في الوقت الحالي. وقد لا يكون المرضى المصابون بزيادة الوزن أو السمنة المفرطة أو أمراض مزمنة ومؤثرة على وظائف الرئة أو أمراض الأوعية الدموية الطرفية الشديدة، مؤهلين لإجراء هذه العمليات أيضاً لأسباب عدة. وتختلف المراكز الطبية العالمية في قدرات الفريق الجراحي في كل منها، في إجراء أنواع محددة من الجراحات القلبية.