في تاريخ العرب الحديث، اعتمد العرب على الثروة النفطية محركاً للاقتصاد؛ ذلك أن الدول التي اكتُشِف فيها النفط عاشت شعوبها في رخاء وتنمية، كما أن الدول النفطية ساهمت بأشكال مختلفة في مساعدة الدول غير النفطية عبر عدة طرق؛ إما عبر المساعدات المباشرة أو عبر ربط مليارات الدولارات في البنوك المركزية للدول غير النفطية، لتعزيز النقد الأجنبي لديها، ناهيك بالمساعدات العينية في حالات الأزمات التي كثرت في عالمنا العربي مع الأسف.
هذه الثروة النفطية الناضبة جعلت العالم العربي يتكاسل عن استغلال ثرواته الأخرى؛ سواء في الدول النفطية أو الدول غير النفطية، ومع استشعار الدول العربية النفطية قرب نضوب النفط، بدأت تفكر في إيجاد البديل عنه.
دبي استشعرت الخطر مبكراً فبنت استراتيجية محددة، قررت من خلالها أن تكون مدينة الخدمات والمال، وعدَّلت قوانينها بما يتيح لها أن تكون كذلك، ونجحت في إيجاد موارد غير نفطية جعلت ازدهارها مستمراً، ولم يتأثر المواطن من تراجع إنتاج النفط.
في عالمنا العربي ثروة بشرية هائلة ولكن لم يستفد منها بشكل صحيح؛ إما لعدم التعلم أو لعدم التدريب، فبعض المهن لا تحتاج إلى تعليم عالٍ ولكنها تحتاج إلى تدريب متقن ولمدة محدودة، وأذكر في هذا السياق أنني حضرت ورشة عمل لـ«صندوق النقد الدولي» حاضَر بها عدد من المحاضرين من قارات مختلفة أوروبية وأميركية وآسيوية، المهم أن المحاضر الهندي قال إننا استشعرنا حاجة دول الخليج لموظفي الخدمات وموظفي الأعمال المصرفية فأنشأنا مدارس تؤهل مواطنينا للقيام بهذه الأعمال لتكون مطلوبة في سوق العمل، فهل عملت الدول العربية ذلك؟!
الفلبين أحسّت بحاجة العالم للأعمال الطبية المساندة (الممرضين، فنيي الأشعة وغير ذلك) فأهَّلت مواطنيها، لذلك تجدهم يعملون في معظم مستشفيات العالم، بما ذلك العالم المتقدم.
السعودية بحثت عن ثرواتها، ليعلن وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي، الأسبوع الماضي، تعديل تقديرات الثروات المعدنية في السعودية من 1.3 تريليون دولار إلى 2.5 تريليون دولار، وهو رقم مالي يكفي السعودية لمدة 10 سنوات، وفق ميزانياتها الحالية.
العالم العربي قادر على أن يقدم الخدمات اللوجيستية، وقادر على أن يعرض ثروته البشرية في سوق العمل متى أحسن تدريبها، بالإضافة إلى إنتاج الطاقة المتجددة وتصديرها، إلى غير ذلك من الثروات الكامنة التي تحتاج إلى استغلال. ودمتم.