أمراض المناعة الذاتية تشكل تهديداً للقلب

المصابون بها أكثر عرضة لحدوث النوبات القلبية

أمراض المناعة الذاتية تشكل تهديداً للقلب
TT

أمراض المناعة الذاتية تشكل تهديداً للقلب

أمراض المناعة الذاتية تشكل تهديداً للقلب

يدافع جهازك المناعي، وهو شبكة من الخلايا والأعضاء المتخصصة، عن جسمك ضد الفيروسات والبكتيريا وغيرها من الغزاة، إلا أنه بعض الأحيان، ولأسباب لا تزال غامضة إلى حد كبير، تشن الخلايا المناعية هجوماً في غير محله ضد أنسجة الجسم. ويتسبب تدفق خلايا الدم البيضاء والمواد الأخرى الناتجة عن الهجوم في حدوث التهاب، ما يؤدي إلى الشعور بالألم، والاحمرار، والتورم الذي يميز الكثير من أمراض المناعة الذاتية.

التهابات ضارة بالقلب

بجانب ذلك، يضر الالتهاب ببطانات الأوعية الدموية، ما يشجع على تراكم اللويحات الدهنية التي يمكن أن تسبب ضيقاً بالشرايين (تصلب الشرايين)، وتزيد من ضغط الدم ومن خطر الإصابة بنوبة قلبية أو سكتة دماغية.

من المحتمل أن يفسر هذا الارتباط سبب ارتفاع معدلات الإصابة بأمراض القلب لدى الأشخاص الذين يعانون من أمراض المناعة الذاتية، مثل التهاب المفاصل الروماتويدي. ومع ذلك، فإنه حتى وقت قريب، ظل نطاق وحدة هذه المشكلة غير واضحين.

خطر متفاقم

عام 2022، نشرت دورية «لانسيت» (Lancet) دراسة عن معدلات أمراض القلب والأوعية الدموية المرتبطة بـ19 مرضاً من أكثر أمراض المناعة الذاتية شيوعاً. واعتماداً على حالات محددة، كان الأشخاص المصابون بهذه الأمراض أكثر عرضة للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية بثلاث مرات مقارنة بالأشخاص غير المصابين بأمراض المناعة الذاتية.

تقول الدكتورة بريتاني ويبر، متخصصة أمراض القلب والروماتيزم في مستشفى بريغهام والنساء التابع لجامعة هارفارد: «قال لي أحد مرضاي: لم يكن لديّ أي فكرة عن أن مرض المناعة الذاتية الذي أعاني منه يمكن أن يؤثر على قلبي». يعاني الكثير من الأشخاص الذين تعالجهم ويبر من التهاب المفاصل الروماتويدي (rheumatoid arthritis) أو التهاب المفاصل الصدفي (psoriatic arthritis) أو الذئبة (lupus) - ثلاث حالات شائعة مرتبطة بمشاكل القلب والأوعية الدموية.

المؤكد أن الوعي بهذا الخطر المرتفع أمر مهم للغاية؛ لأن مرض المناعة الذاتية يحدث عادة عندما يكون الناس في سن العشرين أو الثلاثين. في المقابل، قد تتطور مشاكل القلب قبل عقد من الزمن لدى الأشخاص الذين لا يعانون من أمراض المناعة الذاتية. في هذا الصدد، تقول الدكتورة ويبر إن فحص الكالسيوم، الذي يكتشف العلامات المبكرة لتصلب الشرايين، يمكن أن يساعد في تقييم المخاطر التي يواجهها الشخص وتوجيه نصائح العلاج. وتضيف أنه بعض الأحيان، يربط الناس بين السبب في التهاب المفاصل الروماتويدي والأعراض (على سبيل المثال، ضيق التنفس عند صعود السلالم) التي تسببها بالفعل أمراض القلب.

نصائح العلاج

بالإضافة إلى وصف عقاقير «الستاتين» المخفضة للكوليسترول والأدوية الأخرى التي تقلل من مخاطر النوبات القلبية، يعمل أطباء أمراض القلب والروماتيزم كذلك مع أطباء الروماتيزم لإدارة الاستخدام المناسب للأدوية البيولوجية المعدلة للأمراض (disease-modifying biologic drugs)، والتي يحمل بعضها مخاطر أعلى من الآثار الجانبية للقلب والأوعية الدموية أكثر عن غيرها.

وتعد نفس الأنظمة الغذائية الموصى بها للوقاية من أمراض القلب مفيدة أيضاً للأشخاص المصابين بأمراض المناعة الذاتية، وكذلك يساعد الأمور الحفاظ على وزن صحي أيضاً. غالباً ما تكون التمارين الرياضية صعبة، خاصة للأشخاص الذين يعانون من أمراض المناعة الذاتية، وأيضاً أولئك الذين يعانون من حالات شديدة من التهاب المفاصل الروماتويدي، والذين قد يكون لديهم قدرة محدودة على الحركة.

تقول الدكتورة ويبر: «يهوى الكثير من مرضاي السباحة، وهو أمر سهل على المفاصل». يجد آخرون أن اليوغا مفيدة، خاصة بسبب تخفيف التوتر الإضافي والاسترخاء الذي توفره. ويعد استخدام جهاز بيضاوي الشكل تمريناً آخر يمكنه رفع معدل ضربات القلب دون ممارسة الكثير من الضغط على المفاصل.

أمراض المناعة الذاتية... من الشائع إلى النادر

في الولايات المتحدة، يعاني ما يصل إلى 8 بالمائة من الأشخاص من أمراض المناعة الذاتية، التي تحدث عندما يهاجم الجهاز المناعي عن طريق الخطأ الأعضاء أو الأنسجة السليمة. ولأسباب غير معروفة، تعد النساء أكثر عرضة للإصابة بهذه الحالات بواقع الضعف مقارنة بالرجال.

من بين أكثر من 100 من أمراض المناعة الذاتية المعروفة، فإن الأمراض الثلاثة الموضحة أدناه تعد من بين أكثر الأمراض شيوعاً، وأكثرها خضوعاً للدراسة، لكن غالبية الأمراض نادرة، وبالتالي فإننا أقل فهماً لها:

• الصدفية (Psoriasis): يؤثر التهاب الصدفية على الجلد، ما يتسبب في ظهور طفح جلدي وردي أو بلون أحمر باهت متقشر يحدث على هيئة بقع، عادة في الجزء الخلفي من الرسغ، وفي طيات الجلد، وعلى فروة الرأس. يعاني نحو واحد من كل ثلاثة أشخاص مصابين بالصدفية أيضاً من التهاب المفاصل الصدفي (psoriatic arthritis)، الذي يسبب التهاب المفاصل (خاصة في أصابع اليدين أو القدمين أو الركبتين) وتيبساً في فترات الصباح.

• التهاب المفاصل الروماتويدي (Rheumatoid arthritis): يستهدف هجوم الجهاز المناعي الأنسجة المبطنة للمفاصل، ما يؤدي إلى التهاب يتميز بالتورم والألم والتصلب. عادة ما يصيب مفاصل متعددة في وقت واحد، خاصة في اليدين والقدمين. تشمل الأعراض الأخرى التعب وتيبساً مستمراً في الصباح.

• الذئبة (Lupus): يمكن أن تؤثر الالتهابات المصاحبة لمرض الذئبة على أي عضو في الجسم تقريباً، ما يؤدي إلى ظهور مجموعة واسعة من الأعراض. تشمل الأعراض المبكرة الشائعة: الحمى، وآلام المفاصل المشابهة لالتهاب المفاصل الروماتويدي. أحد الأعراض المميزة هو «طفح الفراشة» على قصبة الأنف والخدين. يمكن أن يحدث أيضاً تلف في القلب والرئتين والكلى والأوعية الدموية.

* رسالة «هارفارد» للقلب، خدمات «تريبيون ميديا».


مقالات ذات صلة

دراسة: الجراحة قد لا تفيد المصابات بسرطان القنوات الموضعي بالثدي

صحتك سرطان الثدي أحد أكثر أنواع السرطان شيوعاً بين النساء (جامعة ولاية كينت)

دراسة: الجراحة قد لا تفيد المصابات بسرطان القنوات الموضعي بالثدي

أكدت نتائج أولية لدراسة طبية أن التدخل الجراحي ربما لا يفيد معظم النساء المصابات بسرطان القنوات الموضعي، وهو نوع منخفض الخطورة من سرطان الثدي.

«الشرق الأوسط» (تكساس)
صحتك فحوص تصوير مقطعي لشخص مصاب بألزهايمر (رويترز)

فيروس الهربس قد يزيد خطر الإصابة بألزهايمر

كشفت دراسة جديدة عن أن مرض ألزهايمر قد يكون ناجماً في بعض الأحيان عن فيروس الهربس الذي ينتقل من الأمعاء إلى الدماغ.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك أحد حمامات الصين (أرشيفية - أ.ف.ب)

كم مرة يجب عليك التبول يومياً وفقاً للخبراء؟

هل هناك عدد محدَّد لمرات التبول في اليوم؟ وماذا ينصح الخبراء الصحيون في هذا الأمر؟

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك تتم إزالة اللوزتين جراحياً لمئات الآلاف من الأطفال حول العالم كل عام (رويترز)

استئصال اللوزتين قد يزيد فرص إصابتك بالاضطرابات العقلية

كشفت دراسة جديدة أن استئصال اللوزتين يمكن أن يزيد من خطر إصابة المريض باضطرابات عقلية في وقت لاحق من الحياة.

«الشرق الأوسط» (بكين)
صحتك مسافرون  بمطار هامبورج، مع بدء إجازة عيد الميلاد (د.ب.أ)

نشاط واحد قد يعزز من صحة عقلك بشكل كبير... ما هو؟

الخبراء يقولون إن هناك ترابطاً بين الإجازات والفوائد الصحية المؤثرة على صحتك الإدراكية والعقلية، إليك كيف يمكن للسفر أن يحسِّن من صحة دماغك.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

دراسة: الجراحة قد لا تفيد المصابات بسرطان القنوات الموضعي بالثدي

سرطان الثدي أحد أكثر أنواع السرطان شيوعاً بين النساء (جامعة ولاية كينت)
سرطان الثدي أحد أكثر أنواع السرطان شيوعاً بين النساء (جامعة ولاية كينت)
TT

دراسة: الجراحة قد لا تفيد المصابات بسرطان القنوات الموضعي بالثدي

سرطان الثدي أحد أكثر أنواع السرطان شيوعاً بين النساء (جامعة ولاية كينت)
سرطان الثدي أحد أكثر أنواع السرطان شيوعاً بين النساء (جامعة ولاية كينت)

أكدت نتائج أولية لدراسة طبية أن التدخل الجراحي ربما لا يفيد معظم النساء المصابات بسرطان القنوات الموضعي، وهو نوع منخفض الخطورة من سرطان الثدي، وذلك في تأييد لآراء باحثين منذ فترة طويلة.

ووفقاً لـ«رويترز»، أظهرت بيانات قُدّمت إلى منتدى سان أنطونيو لسرطان الثدي في ولاية تكساس الأميركية، أن النساء اللائي جرى تشخيصهن بالمرض، وجرت متابعتهن بالتصوير بالأشعة السينية على نحو متكرر، لم تزدْ لديهن احتمالات تطور المرض إلى سرطان الثدي، خلال العامين التاليين، وذلك مقارنة بالنساء اللائي خضعن لعمليات جراحية لإزالة الخلايا السرطانية.

وفي سرطان القنوات الموضعي، الذي يُشار إليه غالباً بالمرحلة صفر من سرطان الثدي، توجد الخلايا السرطانية داخل قنوات الحليب، لكنها لا تتحول دائماً إلى سرطان سريع الانتشار.

وفي الولايات المتحدة وحدها، يصيب سرطان القنوات الموضعي أكثر من 50 ألف امرأة، كل عام. ويخضع جميعهن تقريباً للتدخل الجراحي، كما أن عدداً كبيراً منهن يُجرين عمليات استئصال للثدي.

وشملت الدراسة 957 امرأة مصابة بسرطان القنوات الموضعي، جرى توزيعهن إلى مجموعتين على نحو عشوائي؛ الأولى خضعت للجراحة، بينما خضعت الثانية للمراقبة المكثفة.

وبعد عامين، بلغ معدل الإصابة بالسرطان سريع الانتشار في مجموعة الجراحة 5.9 في المائة، مقارنة بنسبة 4.2 في المائة بمجموعة المراقبة النشطة، وهو فارق ليست له دلالة إحصائية، وفقاً لتقرير الدراسة.

وقالت قائدة الدراسة الطبيبة إي. شيلي هوانج، من معهد ديوك للسرطان في دورهام بولاية نورث كارولاينا، في بيان: «هذه النتائج ربما تكون مثيرة للنساء المرضى، لكن من الواضح أننا بحاجة لمزيد من المتابعة على المدى الطويل».

وتابعت: «إذا استمرت هذه النتائج مع مرور الوقت، فإن معظم النساء اللائي يعانين هذا النوع من الأمراض منخفضة المخاطر، سيكون لديهن خيار تجنب العلاج الجراحي. سيُحدث ذلك تغييراً كاملاً في كيفية رعاية المرضى، والتفكير في هذا المرض».