كسور الورك عند كبار السن
من الأخطاء الشائعة أن يتم الربط بين الإصابة بكسور العظام واحتمال وجود هشاشة العظام عند الشخص المصاب. والخطأ الأكبر أن يتم أيضا إعطاء عقاقير معالجة لهشاشة العظام دون التأكد من التشخيص بطريقة صحيحة.
وهذا ما كان سائدا في الزمن الماضي، فقبل الثمانينات من القرن الماضي، كان مرض هشاشة العظام يشخص بعد حدوث كسر في العظام باعتبار أن الكسور تحدث للعظام الهشة الضعيفة، وأنه يمكن الوقاية منها بوصف أدوية هشاشة العظام، إلا أن ذلك تم تصحيحه وتم تغيير تعريف الإصابة بهشاشة العظام في عام 1994 وأصبح التشخيص يعتمد على نسبة الانخفاض في فحص كثافة العظام، مما أمكن معه تقنين وصف واستعمال تلك الأدوية التي لا تخلو من آثار جانبية على درجة من الخطورة، مثل مشكلات الجهاز الهضمي، وكسور عظام الفخذ، وتنخر عظم الفكين.
من المعروف أن معظم كسور الورك تحدث بين كبار السن، ويمكن أن تتسبب في إعاقة الشخص المصاب عن الحركة لمدة طويلة، وكذلك التأثير على نوعية الحياة والصحة العامة له ريثما تنجح وسائل التأهيل والعلاج في إعادته إلى الوضع الطبيعي.
إن كسور الورك تتسبب في حالات مرضية ووفيات كبيرة، إضافة إلى التكاليف المادية التي تنفق على تقديم الرعاية الطبية للمصابين. وقد لوحظ أنه مع تقدم العمر بين الناس تزداد نسبة التعرض لهذا النوع من الكسور في الورك.
عليه، أجرى علماء من جامعة هلسنكي تحليلا لبيانات مجموعة من الدراسات بلغ عددها 23 دراسة، كانت تركز على تقييم كفاءة المعالجة الوقائية باستخدام عقاقير هشاشة العظام لمنع حدوث كسور عظمة الورك. ومع ذلك، وفي أحسن الأحوال، كان تأثير تلك الأدوية «هامشيا»، بمعنى أنه كلما كانت نتائج الدراسة أفضل، كانت هناك أخطاء أكثر.
ومن الإشكاليات التي تعرض لها الباحثون في هذه الدراسة أن كثيرا من الدراسات التي قاموا بتحليل بياناتها كانت تركز على الفئة العمرية الخاطئة؛ أي فئة الشباب، ولم تكن سوى ثلاث دراسات فقط من الـ23 دراسة التي حللت بياناتها تختص بفئة كبار السن الذين يعانون عادة من هشاشة العظام، أما بقية الدراسات فكانت لفئة الشباب، علما بأن معظم كسور الورك تحدث بين الناس الذين تجاوزت أعمارهم 80 عاما.
لقد أظهرت هذه الدراسة الفنلندية التي نشرت نتائجها في عدد شهر مايو (أيار) 2015 من «المجلة الطبية البريطانية The British Medical Journal» بوضوح تام، أن معظم الكسور كانت ناجمة عن السقوط أو بسبب حوادث صغيرة وليس بسبب ضعف العظام نتيجة مرض هشاشة العظام. وهكذا، فالأدوية المضادة لمرض هشاشة العظام ليست الوسيلة المناسبة والوحيدة لمنع حدوث مثل هذه الكسور. وعليه تم صرف النظر عن الاعتقاد الخاطئ في التأثير الوقائي لعقاقير هشاشة العظام لمنع حدوث كسور الورك دون الأخذ في الاعتبار الفئة العمرية التي تحمل عوامل خطر الإصابة بالمرض.
سرطان الرحم ونمط الغذاء
من الأخطاء الشائعة في كثير من مجتمعات العالم عدم الاهتمام بأنماط المعيشة التي يتبعونها في حياتهم وما قد ينتج عن ذلك من مشكلات صحية كثيرة تصل في بعض الأحيان إلى زيادة نسبة خطر الإصابة بالسرطان. والصواب أن لأسلوب الحياة لكل شخص منا تأثيرا قويا على صحته بشكل عام، خصوصا أنواع الطعام التي نتناولها في وجباتنا اليومية.
ووفقا لدراسة إيطالية نشرت نتائجها في العدد الأخير من «المجلة البريطانية للسرطانBritish Journal of Cancer»، فإن تناول طعام البحر الأبيض المتوسط يقلل من خطر الإصابة بسرطان الرحم بنسبة تزيد على النصف.
وقد أجرى باحثون من معهد أبحاث الأدوية «IRCCS) Istituto di Ricerche Farmacologiche)» في ميلانو تحليلا لبيانات أكثر من 5 آلاف امرأة إيطالية. وتم تجميع البيانات من 3 دراسات واستمر هذا البحث بين عامي 1983 و2006 في المناطق الإيطالية المختلفة وفي «كانتون فو» Vaud السويسري. وأجريت الدراسة على 1411 امرأة مصابة بسرطان بطانة الرحم، وكان عدد أفراد المجموعة الضابطة للمقارنة 3668 مريضة من مستشفى للأمراض الحادة. تم قياس التمسك بغذاء البحر الأبيض المتوسط، استنادا إلى تسع مجموعات من هذا النظام الغذائي، التي كانت غنية بالخضراوات والفواكه/ المكسرات، والحبوب والبقول والأسماك، ومنخفضة في نسبة تناول منتجات الألبان واللحوم، ومرتفعة في نسبة الأحماض الدهنية غير المشبعة الأحادية إلى الأحماض الدهنية المشبعة، وكان تناول الكحول معتدلا. طلب من النساء الإبلاغ عن كيفية إقبالهن على تناول غذاء منطقة البحر الأبيض المتوسط، ثم تمت متابعتهن حتى عام 2006 متعقبين حدوث سرطان الرحم.
وجد أن النساء اللاتي كن ملتزمات بهذا النظام الغذائي المتوسطي، وأكلن بين سبعة وتسعة أصناف من مجموعات النظام الغذائي التسع، انخفض لديهن احتمال الإصابة بسرطان الرحم بنسبة 57 في المائة. أما اللاتي تناولن ستا من المجموعات التسعة فقد انخفض لديهن الخطر بنسبة 46 في المائة، ولكن اللاتي تناولن أقل من خمس مجموعات فلم يقل لديهن خطر الإصابة بسرطان الرحم بالشكل المتوقع.
وعلقت رئيسة فريق الدراسة الدكتورة كريستينا بوسيتي Cristina Bosetti بأن هذه الدراسة أثبتت مدى تأثير اتباع النظام الغذائي الصحي المتوازن على خطر إصابة المرأة بسرطان الرحم. وهذا يضيف المزيد من الوزن لضرورة أن نتفهم أهمية الخيارات في حياتنا اليومية، مثل خيارات أنواع وأصناف المأكولات التي نتناولها، ومستوى النشاط البدني الذي يجب علينا أن نقوم به كل يوم، وغير ذلك مما يؤثر على مخاطر الإصابة بالسرطان. ونستخلص من هذه الدراسة التأثير الإيجابي لمزيج الأطعمة الغنية بالمواد المضادة للأكسدة والألياف، والمواد الكيميائية النباتية، والأحماض الدهنية غير المشبعة.