مارك غونغلوف
TT

ماذا تتوقع عندما تُقبل على حرب باردة جديدة؟

ربما لأن الأشخاص في سن معينة في مثل عمرى تقريباً يبتكرون الكثير من وسائل الترفيه، فلا يبدو أننا سنتوقف عن إعادة إحياء حقبة الثمانينات. لا بأس في ذلك، فـ«كوبرا كاي» هي «آنا كارنينا» العصر الحالي، والعديد من البرامج التلفزيونية السبعة والأربعين الأخرى التي تحمل موضوعات الثمانينات ليست سيئة.
فإحياء حقبة الثمانينات بمثابة حرب باردة جديدة، هذه المرة مع الصين. وعندما بدأت وكالة أنباء «بلومبرغ» في التحذير منذ سنوات، بدا الأمر تكراراً للسيناريو ذاته. وفي هذا الإطار، كتب هال براندز يقول إن نتيجة الحرب الباردة الثانية ستكون هي ذاتها نتيجة الحرب الباردة الأولى، وشأن كثير من الحروب الأخرى الأكثر دفئاً، جميعها ستتحدد نتائجها وفق نوعية وعدد التحالفات التي ينجح كل طرف في حشدها إلى جواره.
فقد صمدت الولايات المتحدة أكثر من الاتحاد السوفياتي نسبياً بسبب وجود كثير من الديمقراطيات المستقرة والصحية اقتصادياً إلى جانبها. لكنّ حسابات التفاضل والتكامل أكثر تعقيداً هذه المرة، إذ إن بعض حلفاء أميركا القدامى ليسوا مستعدين للالتزام بالصراع أمام خصم يتمتع بنفوذ اقتصادي وثقافي أكبر من تأثير السوفيات في أي وقت مضى.
في هذا الصدد، كتب جيمس ستافريديس يقول إنه على الرغم من أن الرئيس بايدن أنهى نهج سلفه تجاه «ناتو»، فإن التوترات في هذا التحالف لم تتبدد، فلا تزال المجموعة تعاني من المشكلات مثل التمويل والوجود اللانهائي على ما يبدو في أفغانستان.
شيء واحد يمكننا أن نأمل ألا تتسبب الحرب الباردة الجديدة في إحيائه هو التهديد المستمر بالإبادة النووية. فقد كانت إدارة ترمب وضعت خططاً لإنفاق 500 مليار دولار لإحلال جميع الصواريخ الـ400 ذات الرؤوس النووية التي تمتلكها الولايات المتحدة على الأرض والتي باتت قديمة. لكن «بلومبرغ» تشير إلى أن الاستخدام الأكثر حكمةً للأموال سيكون لتحديث المنصات النووية الأكثر حداثة، مع العمل مع الروس للتخلص من الصواريخ الأرضية القديمة.
وحسب الكاتب فرانك ويلكنسون، فإن ما يزيد الأمور تعقيداً هو أن أميركا لديها حرب أهلية باردة تجري في الداخل، حيث تعتقد قطاعات كبيرة أن بايدن سرق الرئاسة من ترمب بمساعدة الصينيين وشبح هوغو شافيز.
لطالما انغمس الجمهوريون الكبار في هذه الأوهام لتحقيق ميزة انتخابية، لكنهم يعرفون الآن أنه يجب عليهم الانفصال عن ترمب أو مواجهة الإبادة في نهاية المطاف. وتقترح «بلومبرغ» أن الديمقراطيين يمكنهم مساعدة منافسيهم على العودة إلى الواقع من خلال تقديم تنازلات لصالح البلاد.
وحسب الكاتب تيم أوبراينن، فإنه كان بإمكان الجمهوريين الانضمام إلى الديمقراطيين في إدانة ترمب، لكنهم بدلاً من ذلك اختاروا تجاوز هذا الأمر على أمل أن يقوم نظام العدالة الجنائية بالمهمة نيابةً عنهم. وقد تلقوا بعض الأخبار السارة تمثلت في حكم المحكمة العليا بأن الرئيس السابق يجب أن يعرض إقراراته الضريبية على محامي مقاطعة مانهاتن.
بالطبع، رغم رحيل ترمب فإنه سيترك بقاياه في الحكومة لفترة طويلة. ويقترح الكاتب كارل سميث أن بإمكان بايدن استخدام هذا لصالحه، مع الأخذ بأفكار ترمب الاقتصادية البنّاءة، بدءاً من السياسة الصناعية لينسبها لنفسه. سيحظى بايدن بدعم حزبه أكثر مما فعل ترمب، ويمكنه حتى التأثير على بعض الجمهوريين للانضمام إليه.
وكتب جوناثان بيرنشتاين يقول: «لتحقيق النجاح، سيحتاج بايدن والديمقراطيون إلى إظهار المزيد من الصخب. وقد يكون حصول الكونغرس على إجازة لمدة أسبوع في أوج كثير من حالات الطوارئ الوطنية قد يسبب في وضع تيد كروز (رئيس اللجنة الفرعية على الرقابة على العمل والمحاكم الاتحادية واللجنة القضائية بمجلس الشيوخ) في حرج، وإضاعة وقت ثمين».
إلا أن مثل هذا التفاؤل في غير محله، ويحذر من أن كل الحوافز القادمة ستؤدي إلى سوء تخصيص للموارد وستجعل الاقتصاد العالمي أقل استدامة في المستقبل.
* بالاتفاق مع «بلومبرغ»