خالد القشطيني
صحافي وكاتب ومؤلّف عراقيّ
TT

المسرح وظريفات النساء

انتشر الظرف النسائي بصورة خاصة بين الممثلات والمطربات والعاملات في المسارح كما ورد في مقالتي السابقة. وهذا أمر مفهوم، ففي المسرح تقوم الممثلات بأدوار فكاهية والمشاركة في الكوميديات، فيتعلمن ويعتدن على ظريف الكلام. فضلا عن ذلك يتعلمن الجرأة ومواجهة الرجل والجمهور، وهو ما تتطلبه ممارسة الفكاهة والسخرية. هكذا اشتهرت الكثيرات منهن بالفكاهة كألين تيري في بريطانيا، وسارة برنارد في فرنسا.
ولا ننسى كانت منهن أيضا الممثلة الفرنسية صوفي آرنو. شكت إليها ممثلة أخرى عرفت بجمالها الساحر، ولكن في عين الوقت بالسخف والسماجة. اشتكت من كثرة المعجبين بها ومضايقاتهم دون أن تعرف كيف تتخلص منهم. فقالت لها آرنو ما عليك غير أن تفتحي فمك وتتكلمي.
هام بها أحد كبار الأغنياء وسعى للزواج بها وهو في سن الثمانين. وحاولت أمها إقناعها بالزواج به وهي في سن العشرين. قالت لها: «تصوري أن دخله السنوي يبلغ أربعين ألف ليرة ذهب. ألا تعرفين معنى ذلك؟»، فأجابتها: «نعم يا أماه، لكنني أعرف أيضا معنى الثمانين عاما!».
جواب شريف وحكيم، ومع ذلك فقد اعتاد الناس في الزمن الغابر النظر إلى العاملات في المسرح نظرة دونية. وهو ما عبرت عنه إحدى السيدات يوما فقالت لها: «أنت ومثيلاتك جميعا نسوة ساقطات»، فأجابتها قائلة: «هذا من حسن حظك وحظ أمثالك. فلولانا لما تحمل أزواجكن الحياة معكن».
تغيرت هذه النظرة في الزمن الحاضر. جرت مراسلات طويلة بين برنارد شو والممثلة الإنجليزية ألين تيري. خطر لها يوما أن تفكر في الزواج به. فكتبت إليه واقترحت ذلك، وقالت: «كم سيكون ذلك الزواج رائعا فننجب أولادا يرثون عقلهم منك وجمالهم مني»، فكتب إليها يقول: «معقول.. لكنني أخشى أن يحدث العكس فيرثون وجههم مني وعقلهم منك»!
جرى مثل ذلك لصوفي آرنو عندما كتبت لفولتير تقترح تناول العشاء معها. وقالت: «يا سيدي، من المحتمل ألا تتمتع كثيرا بلقائي، فأنا لست ذكية مثلك. لكن لي ذاكرة قوية وسأستطيع كسب الكثير في اليوم التالي مما سأسمع منك». وتقول إنها ليست ذكية!
عاصرت صوفي آرنو الثورة الفرنسية، وأحيلت إلى لجنة الخلاص العامة المكلفة باجتثاث أصحاب المبادئ السيئة والأخلاق المشينة. دافعت عن نفسها قائلة: «اسألوا كل عشاقي. كم كنت مواطنة نشيطة تماما وأراعي حقوق الإنسان»، فأطلقوا سراحها.
الغيرة والمنافسة والمخاصمة بين الممثلات والمطربات شيء معروف. كانت بين منافساتها ممثلة نحيفة جدا في زمن كانت السمنة فيه هي الموضة. رأت صورة تلك الممثلة النحيفة والهزيلة الجسم وبجانبها كلبها الخاص. فقالت: «يا لها من صورة لكلب يحرس عظمة»!



عاجل نتنياهو: الجيش الإسرائيلي سيدخل رفح بصفقة أو بدون صفقة الشرطة الإسرائيلية تقتل مواطناً تركياً طعن شرطياً في القدس