طارق الشناوي
ناقد سينمائي، وكاتب صحافي، وأستاذ مادة النقد بكلية الإعلام في جامعة القاهرة. أصدر نحو 30 كتاباً في السينما والغناء، ورأس وشارك في لجان تحكيم العديد من المهرجانات السينمائية الدولية. حصل على العديد من التكريمات، وقدم أكثر من برنامج في الفضائيات.
TT

لماذا لم يقتنص العرب «اللؤلؤة السوداء»؟

تتعدد أقسام مهرجان «أبوظبي» السينمائي. تحرص إدارته دائما على أن تضع السينما العربية في مواجهة مع السينما العالمية، إلا أنها وحتى لا تخرج، أقصد العربية، خالية الوفاض من الجوائز، فإن هناك دائما مسابقتين ينبغي أن تصلا في نهاية المطاف للفيلم والمخرج العربي، لأنهما ببساطة تحملان أسم أفضل فيلم ومخرج عربي.
غالبا ما تتصارع أفلامنا العربية في تلك المساحة وغالبا أيضا، إلا في ما ندر، نخرج من مولد الجوائز العامة بلا حتى حُمص.
لو تأملت النتائج التي أعلنت مساء الجمعة الماضية ستكتشف أن فيلم «لافاياثان» الروسي للمخرج أندريه زفيا نكتسف، انتزع اللؤلؤة السوداء باعتباره الأفضل، كما أن بطل الفيلم الكسيه سيريبر كوف آلت له جائزة أفضل ممثل، وجائزة لجنة التحكيم الخاصة ذهبت للفيلم الروسي «تجربة»، وأفضل ممثلة كانت من نصيب الدنماركية ماريا بونفي عن فيلم «فرصة ثانية». لو ألقيت نظرة على قسم «آفاق جديدة» ستجد «العجائب» الإيطالي للمخرج أليتشه رورواتشر استحوذ على اللؤلؤة، وجائزة لجنة التحكيم الخاصة للفيلم الألماني «دروب الصليب» لديتريتش بروغمان، والتمثيل النسائي والرجالي نالها في المرتين ممثلان أجنبيان، وهو ما تكرر أيضا في مسابقة الفيلم الوثائقي. أين العرب من كل ذلك؟
بداية يجب أن نذكر أنه يحسب للمهرجان عدم تدخله نهائيا في توجيه الجوائز سواء لدولة بعينها أو لفنان عربي، كما أن هناك حرصا من مدير المهرجان علي الجابري على أن يختار لجنة تحكيم بعناية وبلا انحياز إلى توجه، لا سينمائي، ولا حتى قومي أو وطني، لكن للسينما الأجمل، تلك هي شريعة لجان التحكيم في العالم، والدليل أن فيلم الافتتاح الإماراتي «من ألف إلى باء» للمخرج على مصطفي شارك في أكثر من مسابقة وخرج بلا جائزة.
ليس جديدا ألا نكسب «اللؤلؤة السوداء»، ولكن كان لنا نصيب من جوائز التمثيل خلال عدد من الدورات السابقة فقدناها أيضا هذه المرة. شاهدت بالطبع كل الأفلام العربية روائية ووثائقية، هناك قسط وافر منها نافس بقوة على الجوائز، ولكن يجب أن نعترف بأن الجائزة في النهاية ذهبت لمن يستحقها.
هل يعني ذلك أن ننسحب من المشاركة العالمية ونترك الساحة للفيلم الأجنبي؟ في الحقيقة أن المهرجان ومنذ انطلاقه عام 2007 لم يغفل مبدأ الحرص على أن يضمن للسينما العربية استقلالها وجوائزها المضمونة، ولكنه لم يلغ أبدا التنافس العالمي. ويجب أن نضع في المعادلة أننا نشارك كعرب في كل المهرجانات والمسابقات الدولية ولدينا مثلا هذا العام لأول مرة في مسابقة الأوسكار لأفضل فيلم أجنبي، المقصود غير ناطق بالإنجليزية، ستة أفلام من فلسطين، ومصر، والمغرب، ولبنان، وموريتانيا، والعراق. صحيح أننا منذ انطلاق تلك المسابقة في منتصف الخمسينات لم نحصل على الأوسكار، إلا أننا وصلنا عدة مرات للقائمة القصيرة والتي تعني خمسة أفلام مرشحة.
في المهرجانات الكبرى مثل «كان»، و«فينيسيا»، و«برلين» نصيبنا طوال تاريخها عدد قليل جدا من الجوائز الذهبية أو الفضية، ولكن هذا لا يعني أن نكف عن المحاولة مهما واجهنا من خسائر.
السينما بدأت قبل نحو 120 عاما كفن عالمي لا يعترف بحدود الجغرافيا، ينطلق الفيلم من «هوليوود» أو «بوليوود» أو حتى «نوليوود» لتتلقفه العديد من الدول والمهرجانات، وإذا كنا لم نحصل حتى الآن على «اللؤلؤة السوداء» في «أبوظبي» في طبعته الثامنة، فلا بأس من أن نحلم بها في الدورة التاسعة.. فلا أحد يستطيع مصادرة الأحلام!!