الاهتمام بالصحة النفسية للأطفال الناجين من الاعتداء

ضغوط المجتمع والعزلة قد تؤدي إلى تأخر تعافيهم

الاهتمام بالصحة النفسية للأطفال الناجين من الاعتداء
TT

الاهتمام بالصحة النفسية للأطفال الناجين من الاعتداء

الاهتمام بالصحة النفسية للأطفال الناجين من الاعتداء

أحدث الدراسات التي تناولت الآثار النفسية لحوادث الاعتداء Abuse بأنواعها المختلفة، سواء البدني أو النفسي أو الجنسي، على الأطفال، على المدى البعيد، حملت خبرين أحدهما جيد والآخر مثبط للآمال.
الخبر الجيد يشير إلى أن معظم الناجين من هذه التجارب من هؤلاء الأطفال الضحايا يستطيعون العيش بشكل طبيعي لاحقاً كبالغين ويمكن أن يتمتعوا بصحة نفسية جيدة رغم التجربة المدمرة نفسياً التي تعرضوا لها في طفولتهم والتي تعتبر من أسوأ التجارب التي تترك أثراً عميقاً في حياة الأطفال. أما الخبر السيء فهو أن الضغوط المجتمعية والعزلة وإدمان المواد المخدرة والآلام الجسدية المزمنة ربما تلعب دوراً في تأخر العلاج والتعافي.

- معيار الصحة النفسية
وكانت الدراسة التي قام بها باحثون من جامعة تورونتو بكندا ونشرت في النسخة الإلكترونية من مجلة الطب النفسي الاجتماعي وعلم الأمراض النفسية Social Psychiatry and Psychiatric Epidemiology في النصف الثاني من شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي قد تتبعت 651 من الأشخاص الناجين من الاعتداءات المختلفة، للتعرف على مدى سلامة صحتهم النفسية تبعاً لعوامل معينة لما أسموه الصحة العقلية الكاملة complete mental health ( في الأغلب يكون المقصود من الصحة العقلية هو المرض النفسي وليس المرض العقلي). وكانت النتيجة المدهشة بالنسبة للباحثين أن نسبة بلغت 65 في المائة من هؤلاء الأطفال الناجين من الاعتداء الجنسي كانت مطابقة للمعايير الموضوعة للسلامة النفسية والصحة العقلية.
وشملت المعايير التي وضع الخبراء تقييمهم على أساسها عدة نقاط منها شعور الطفل بالسعادة معظم أيام الأسبوع أو على الأقل الرضا والاقتناع بالحياة التي يحياها، وذلك خلال الشهر السابق للدراسة مباشرة. وكذلك تم تقييم مدى التفاعل الاجتماعي والإحساس بعدم اعتلال المزاج خلال نفس الشهر. وكان من ضمن أهم المعايير مراعاة الاستمرارية في الحالة المزاجية الجيدة بمعنى أنه تم السؤال عن تفاصيل العام السابق للدراسة بالكامل من خلال التأكد من عدم مراودة أفكار الانتحار لأي مراهق من الذين شملتهم الدراسة ولو مرة واحدة. وأيضاً إذا كان أحدهم قد عانى من المشاعر السلبية سواء الإحباط أو الدونية أو الشعور بالذنب والرغبة في الانتقام أو إيذاء الآخرين لفترات طويلة أو الاضطرار إلى اللجوء إلى أي مادة للإدمان سواء كانت الأدوية أو المخدرات أو حتى التدخين بشكل مبالغ فيه.
وأوضح الباحثون أنه رغم أن نسبة الصحة النفسية في المراهقين ضحايا الانتهاكات الجنسية تعتبر جيدة وفاقت توقعهم فإنها ما زالت أقل بكثير من المعدل الطبيعي وهو 77 في المائة في المراهقين العاديين الذين لم يتعرضوا لتلك الاعتداءات، وهو الأمر الذي يوضح مدى الأذى والتشويه النفسي الذي تحدثه تلك الاعتداءات خاصة الجنسية للأطفال. ويكفي أن نعرف أن هناك فتاة من كل 9 فتيات تتعرض للاعتداء الجنسي. وبالنسبة للذكور تبلغ النسبة طفلاً لكل 50 كما أن 34 في المائة من ضحايا الاعتداءات الجنسية كانوا بعمر أقل من 12 عاماً. وأيضاً تكون الفتيات في الفئة العمرية من عمر 16 وحتى 19 عاماً أكثر عرضة للتعرض للاغتصاب الكامل والاعتداءات الجنسية المختلفة، أي 4 أضعاف عموم البشر الآخرين.

- علاج مبكر
وأشار الباحثون إلى أن الناجين الذين حدثت لديهم أعراض الاكتئاب في أي مرحلة من مراحل حياتهم كانوا أقل قدرة في الوصول إلى حالة الصحة العقلية والنفسية الكاملة، ولذلك من الضروري توفير العلاج النفسي المبكر لهؤلاء الناجين من الأطفال والمراهقين وليس مجرد حمايتهم من عدم تكراره فقط حتى يمكنهم أن يتمتعوا بصحة نفسية جيدة.
وأكد الباحثون أن من ضمن أهم معايير التعافي والذي كان يعتبر بمفرده من مؤشرات نجاح المراهق في اجتياز الأزمة هو وجود شخص محل ثقة يمكن أن يعتبره المراهق صديقاً حميماً، وذلك لأن فقدان الثقة يعتبر من أهم الآثار السلبية المترتبة على الاعتداء الجنسي، خاصة أنه في كثير من الأحيان يكون الاعتداء من أشخاص مقربين من الطفل أو حتى أفراد من عائلته، وهو الأمر الذي يفقده الثقة في الآخرين تماماً.
وأوضح الباحثون أن الاعتداء الجنسي يمكن أن يترك آثاراً عضوية تسبب ألماً للطفل مثل الكسور أو الجروح خاصة في الأطفال الأكبر عمراً والمراهقين. وهذه الآثار العضوية فضلاً عن الآلام الجسدية تسبب أيضاً آلاماً نفسية تقلل من فرص التعافي.
وكانت نسبة الأطفال الذين يعانون من هذه الآلام أقل من أقرانهم الآخرين بنسبة 50 في المائة لتحقيق معايير السلامة النفسية ولذلك يجب على الأطباء في طوارئ المستشفيات أو العيادات الخاصة أن يقوموا بسؤال المراهق أو الطفل بشكل مفصل عن الآثار العضوية الموجودة على الجسم خاصة في حالة تكرار الأمر عدة مرات ومعرفة إذا كانت هذه الاعتداءات مصحوبة بانتهاكات جنسية من عدمه.
وفي النهاية أوصت الدراسة بضرورة نشر الوعي لخطورة الاعتداءات الجنسية وأثرها الممتد والتعامل بجدية مع عدم ارتياح الأطفال لشخص أو مكان معين، وعمل دورات تعليمية للأطفال والمراهقين وتعريف مفاهيم التحرش والانتهاك خاصة الفتيات الصغار وتشجيعهم على الحديث عن تعرضهم لاعتداء وعدم الخجل أو الشعور بالذنب من ذلك. وأيضاً توفير الحماية والدعم النفسي لهم في حالات الاعتداءات من شخص في دائرة الطفل المقربة، وأيضاً ضرورة وضع قوانين صارمة تعاقب وتجرم الاعتداء الجنسي على الأطفال في جميع صوره، وفي حالة حدوث الاعتداءات يجب البدء بشكل فوري في العلاج سواء العضوي أو النفسي للحفاظ على الصحة النفسية للطفل.

- استشاري طب الأطفال


مقالات ذات صلة

الإفراط في تناول الدهون والسكر قد يدمر الكبد

يوميات الشرق سرطان الكبد من بين السرطانات الأكثر شيوعاً في العالم (جامعة ييل)

الإفراط في تناول الدهون والسكر قد يدمر الكبد

حذّرت دراسة أميركية من أن الإفراط في تناول الدهون والسكريات يمكن أن يزيد من خطر الإصابة بسرطان الكبد، وذلك من خلال تدمير الحمض النووي في خلايا الكبد.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق شاي الكركديه يحتوي على نسبة عالية من مادة «البوليفينول» (غيتي)

مواد طبيعية قد تمنحك خصراً نحيفاً وقلباً صحياً وضغط دم منخفضاً

ثمة كلمة جديدة رائجة في مجال الصحة هي «البوليفينولات»، فبينما ظل العلماء يدرسون المركبات النباتية لسنوات، فقد جذب المصطلح الآن خيال الجمهور لسبب وجيه.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق جانب من تمرين عالي الطاقة في صالة ألعاب رياضية في نيويورك (أرشيفية - رويترز)

«هارد 75»... تحدٍّ جديد يجتاح «تيك توك» مع بداية العام

مع بداية العام الجديد، انتشر تحدٍّ جديد عبر تطبيق «تيك توك» باسم «هارد 75».

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك ليست جميع المشروبات قادرة بالفعل على علاجك من نزلات البرد والإنفلونزا (رويترز)

مشروب منزلي يساعد في التخلص من نزلات البرد

تحدثت اختصاصية التغذية كيلي كونيك لشبكة «فوكس نيوز» الأميركية عن المشروب المنزلي الأمثل لعلاج نزلات البرد والإنفلونزا.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك الفواكه والخضراوات مليئة بمضادات الأكسدة والفيتامينات والمعادن (رويترز)

تناول الفواكه والخضراوات يقلل خطر إصابتك بالاكتئاب

أكدت دراسة جديدة أن زيادة كمية الفواكه والخضراوات في نظامك الغذائي يمكن أن تقلل من خطر الإصابة بالاكتئاب بمرور الوقت.

«الشرق الأوسط» (سيدني)

مشروب منزلي يساعد في التخلص من نزلات البرد

ليست جميع المشروبات قادرة بالفعل على علاجك من نزلات البرد والإنفلونزا (رويترز)
ليست جميع المشروبات قادرة بالفعل على علاجك من نزلات البرد والإنفلونزا (رويترز)
TT

مشروب منزلي يساعد في التخلص من نزلات البرد

ليست جميع المشروبات قادرة بالفعل على علاجك من نزلات البرد والإنفلونزا (رويترز)
ليست جميع المشروبات قادرة بالفعل على علاجك من نزلات البرد والإنفلونزا (رويترز)

مع الانخفاض الشديد في درجات الحرارة واشتداد موسم البرد والإنفلونزا، يلجأ كثير من الأشخاص إلى المشروبات الساخنة لتخفيف أعراض مشكلات الجهاز التنفسي.

إلا أنه في الحقيقة، ليست جميع المشروبات قادرة بالفعل على علاجك من نزلات البرد والإنفلونزا.

وفي هذا السياق، تحدثت اختصاصية التغذية كيلي كونيك لشبكة «فوكس نيوز» الأميركية، عن المشروب المنزلي الأمثل في هذا الشأن، مؤكدة تأثيره العميق على صحة الجهاز التنفسي.

وقالت كونيك: «هذه واحدة من وصفاتي المفضلة للمساعدة في مكافحة نزلات البرد الشتوية، وتسكين التهاب الحلق. وتتكون الوصفة من مزيج العسل والشاي الأخضر وشاي النعناع».

وأشارت إلى أن الشاي الأخضر «مليء بمضادات الأكسدة الطبيعية لدعم نظام المناعة الصحي»، ويمكن أن تساعد إضافة شاي النعناع إليه في تهدئة الجيوب الأنفية.

وأضافت أن «العسل يعمل أيضاً كمثبط طبيعي للسعال ومهدئ للحلق».

ويبحث كثير من الأشخاص بشكل مستمر عن علاجات طبيعية لنزلات البرد والإنفلونزا.

ووفقاً لما أكدته الدراسات، فإن أفضل هذه العلاجات: الشاي، والحساء، والزنجبيل، والكركم، والعسل، والتوت الأسود، وفيتامين «سي» الذي يوجد في الليمون، والبرتقال، والطماطم، والفلفل، والكرنب، والبروكلي، والسبانخ، والأناناس، والزنك الذي يوجد في اللحوم والبيض والمكسرات والبقوليات والمحار بشكل أساسي.