زاهي حواس
عالم آثار مصري وخبير متخصص بها، له اكتشافات أثرية كثيرة. شغل منصب وزير دولة لشؤون الآثار. متحصل على دبلوم في علم المصريات من جامعة القاهرة. نال درجة الماجستير في علم المصريات والآثار السورية الفلسطينية عام 1983، والدكتوراه في علم المصريات عام 1987. يكتب عموداً أسبوعياً في «الشرق الأوسط» حول الآثار في المنطقة.
TT

الأوبرا المصرية في سوق عكاظ

قابلت الدكتورة إيناس عبد الدايم وزيرة الثقافة المصرية في الطائرة وأنا متوجه إلى الطائف وعرفت منها أن مصر هي ضيف السوق، ولذلك تساهم وزارة الثقافة والسياحة في كثير من الفعاليات، وهناك إشارات إلى أنها سوف تحضر ليالي الأوبرا المصرية على مسرح السوق العظيم، وكنت سعيداً جداً لأنني سوف أسمع أغاني الأوبرا خارج البلاد. وفعلا وصلنا إلى مدينة الطائف وبعد ذلك في المساء توجهنا إلى المسرح الكبير داخل سوق عكاظ. وقد وجدت أن المسرح ممتلئ تماما بالسعوديين والسعوديات، وعرفت من الدكتورة إيناس أن الأوبرا سوف تعرض مقطوعات موسيقية ولكن من دون وجود النساء في العرض، ورغم ذلك فقد عرضوا بالرياض وجدة حفلات موسيقية من المطربين والمطربات ولا أعرف السبب في عدم وجود فتيات في عروض سوق عكاظ.
ودخلت الفرقة الموسيقية لدار الأوبرا ومعهم بعض الموسيقيين من المملكة العربية السعودية وأثناء دخولهم وجدت الفرح والفخر على وجه الدكتورة إيناس عبد الدايم؛ وقد يكون السبب هو أنهم يمثلون مصر وهي وزيرة ثقافة الدولة المصرية، ولكني أعتقد أن هؤلاء الشباب عملوا تحت قيادتها للأوبرا مدة طويلة، بالإضافة إلى أنها فنانة عظيمة تعتبر من أهم من لعبوا على الفلوت.
وقدم الحفل الإعلامية خديجة الوعل، وهي سيدة سعودية مثقفة تتحدث بلغة قوية وجميلة، وهي تقدم الموسيقى العربية، وأول ما غنوا كان «صافيني مرة» وغنينا جميعا معهم. كان هواء الطائف رائعاً وجميلاً وكانت السهرة فعلا ممتعة وأنا أسمع «دقوا الشماسي»، وبعد ذلك جاء مطرب شاب سعودي صوته جميل جدا غنى أغنية أم كلثوم «ثورة الشك» وهي كلمات الأمير عبد الله الفيصل وألحان رياض السنباطي، وهنا قالت لي الدكتورة إيناس إن المفاجأة أن هناك موسيقارا بالفرقة، وهو حازم القصبجي، حفيد الموسيقار الرائع محمد القصبجي، وقالت لي مفاجأة أخرى، وهي أن مايسترو الفرقة هو محمد الموجي ابن شقيق الموسيقار العظيم محمد الموجي.
وغنى المطرب أحمد عفت أغنية «الهوى هوايا» وكل الحاضرين غنوا معه، وغنى حمادة النجار «صولو حليم» و«قارئة الفنجان»، وقد سعدت جداً بأن أشاهد الدكتورة إيناس وهي تقف وتصفق بعد الانتهاء من كل أغنية وكنت أرى تقدير الفنان وفخره وهو يرى وزيرة الثقافة تقف وتصفق ويعلو وجهها ابتسامة طوال الحفل.
أما الفنان الذي بهرني فهو ياسر سليمان ويغني أغاني محمد رشدي، وكان فعلا مفاجأة بصوته القوي جدا، بل أقول، وبلا أي مجاملة، إن صوته أجمل من صوت محمد رشدي، وسألت الوزيرة عن سبب عدم شهرة هذا الفنان، وقالت فعلا إنها تحس بأنها أمام شاب فنان واعد، وأرجو من برامج {التوك شو} أن تقدمه للجماهير وأعتقد أنه مشروع فنان كبير واعد إذا ما وجد البيئة المناسبة للشهرة، التي يمكن أن تقدمه مطربا شعبيا جميلا لكل المصريين.
وفى النهاية وجدت الدكتورة إيناس وأنا وكل الحاضرين نغني مع المطربين والحاضرين على المسرح أغنية جماعية وهي في حب مصر: «أحلف بسماها وبترابها». وفعلا قدمت دار الأوبرا وفرقة الموسيقى العربية عروضا جميلة في المملكة في سوق عكاظ جعلت السعوديين يصفقون طرباً لجمال صوت المطربين والموسيقى الرائعة...
شكرا للسعودية لأنها سمحت للفن أن ينتشر بهذا الجمال في ربوع المملكة.