أصبح الاكتئاب واحدا من الأمور الصحية شديدة الخطورة التي يعانى منها المراهقون على كل المستويات، حيث يتسبب في إصابة المراهق بمتاعب نفسية وعضوية، وفى بعض الأحيان يمكن أن يدفع المراهق إلى التخلص من الحياة نفسها والإقدام على الانتحار.
وقدا حدا هذا بالأكاديمية الأميركية لطب الأطفال (AAP) لإصدار توصيات حديثة للأطباء بشأن الاكتئاب تساعدهم في التعامل السليم مع المشكلة من خلال التشخيص المبكر وطريق العلاج حيث إن المراهق يتم تشخيصه في الأغلب في مرحلة متأخرة نظرا لأن طبيعة فترة المراهقة والتقلبات النفسية العنيفة التي تحدث بها تجعل الآباء لا يتعاملون مع الاكتئاب بالاهتمام الكافي بل يتم التعامل معه كحادث عارض يمر به الجميع.
- رصد الأعراض
والحقيقة أن الاكتئاب depression بالنسبة للمراهقين في تزايد مستمر في الولايات المتحدة خاصة الفتيات وحسب إحصائيات الأكاديمية الأميركية فإن هناك مراهق من كل 5 سوف يصاب بالاكتئاب في مرحلة معينة من حياته. ونسبة تبلغ الثلث فقط من هؤلاء هم الذين يتم تشخيصهم وعلاجهم. ولذلك في هذه التوصيات الحديثة وجهت الأكاديمية بضرورة أن يتم عمل مسح screening لأعراض الاكتئاب على جميع الأطفال البالغين 12 عاما أو أكثر بغض النظر عن شكواهم. وتبعا لهذه التوصيات أصبح لزاما على كل طبيب أن يقيم الحالة النفسية للطفل في هذه السن المبكرة في الكشف الدوري السنوي على الطفل وهذا التحديث فيما يخص الصحة النفسية للأطفال يعتبر الأول منذ 10 سنوات كاملة الذي تقوم به الأكاديمية.
وأوضحت الأكاديمية أنه خلال عام 2016 فقط كان هناك 3.1 مليون مراهق تتراوح أعمارهم بين الثانية عشر والسابعة عشر عانوا من الاكتئاب وعلى وجه التقريب خضع نصفهم فقط للعلاج قبل وصوله مرحلة البلوغ، وان أطباء الأطفال وأطباء الرعاية الأولية يجب أن يعملوا كخط دفاع أولي يقوم بحماية المراهق من خلال تشخيصه وتوجيهه وعلاجه Adolescent Depression in Primary Care. وسوف تصدر هذه التوصيات في النسخة الإلكترونية من مجلة طب الأطفال على جزأين: الجزء الأول يتناول كيفية التعرف على المرض وأعراضه، والجزء الثاني سوف يشمل طريقة التعامل والعلاج وأيضا.
ولا تغفل هذه التوصيات الدور الذي يجب أن يقوم به الآباء ومساعدتهم في التعرف على التغييرات التي يمكن أن تحدث للمراهق وأشارت إلى أن الآباء يسرعون في الذهاب إلى طبيب الأطفال في إصابة الطفل بمرض عضوي مهما كان بسيطا مثل التهاب الحلق ولكن لا يتعاملون مع التقلبات العاطفية والنفسية للمراهق بنفس الدرجة من الأهمية. وهذه التوصيات امتدت إلى عمر 21 عاما (من 12 وحتى 21). وأوضح الأطباء في الأكاديمية أنه على الرغم من أن هذا العمر يتخطى مرحلة الطفولة إلا أن الآثار النفسية في الأغلب تكون قد حدثت قبل هذا العمر بالفعل في مرحلة الطفولة وتركت آثارها السلبية على المراهق حتى البلوغ وهو ما يساعد شابا في العلاج في بداية حياته والتخلص من أثر الاكتئاب.
- تقييم عائلي
وقد شملت التوصيات بجانب عملية المسح ضرورة أن يتم بحث حالة المراهق بشكل فردى وجماعي بمعنى أن التقييم يجب أن يشمل أفراد العائلة ومعرفة إذا كانت هناك ضغوط نفسية تمارسها الأسرة على المراهق من عدمه ومحاولة توجيه أفراد الأسرة إلى الطبيب النفسي في حالة وجود ما يستدعي التدخل الطبي. وأيضا شملت التوصيات ضرورة إمداد الأطباء بالوسائل التي تساعدهم في عملية المسح والقيام بتعليم طاقم طبي قادر على إجراء المسح واكتشاف الحالات كما تضمنت التوصيات ضرورة أن تشمل خطة العلاج أسلوب الحياة في المدرسة والمنزل ومع الأقران وتفاعله معهم وفى النادي بحيث تغطي الحياة بالكامل.
كما أوصت أيضا بضرورة توفير بيئة آمنة safe environment بمعنى ضرورة التخلص من الأشياء التي يمكن أن تساعد المراهق في حالة تفكيره في الإقدام على الانتحار مثل الأسلحة النارية أو آلات الحادة أو الأدوية المخدرة وأنه في الحالات التي تستلزم وجود هذه الأشياء بالمنزل يجب أن تكون في مكان مغلق ولا يستطيع المراهق الوصول إليها. كما يجب أيضا أن تكون هناك آلية يمكن للآباء معها أن يتواصلوا بها مع الطبيب في حالة الطوارئ.
وشددت التوصيات على أن الأطباء يجب أن يهتموا بشكل خاص بالمراهقين الذين لديهم تاريخ عائلي لأحد أفراد الأسرة للإصابة بأحد الأمراض النفسية أو الذين سبق لهم تناول الحبوب المخدرة أو تعاطي المواد الكحولية والمخدرات أو تعرضوا للعنف البدني أو الجنسي ومروا بتجربة فقدان شخص عزيز لديهم كما أن الأكاديمية أشارت إلى أن أطباء الأطفال يجب أن يقوموا بتحويل الحالات التي لا يستطيعون التعامل معها إلى الطبيب النفسي.
وأشارت الأكاديمية إلى أنها تأمل أن تؤدي هذه التوصيات إلى تقليل أعداد الأطفال الذين يعانون من الاكتئاب خاصة وأن الطفل في الأغلب لا يستطيع التعبير عن مشكلاته النفسية بوضوح بعكس البالغ وأن دور الطبيب تشجيعه على الحديث عن نفسه خاصة بمفرده حيث إن معظم المراهقين لا يتكلمون بشكل صريح أمام ذويهم فيما يتعلق بمشكلاتهم النفسية.
ويجب على الآباء اليقظة التامة للتحولات الحادة في مزاج المراهق ورصد أي تغير يطرأ عليه خاصة إذا استمر هذا التغير فترة طويلة عدة شهور على سبيل المثال. ويشمل هذا التغير النوم والشهية والتفاعل الاجتماعي بل وحتى الإصابة المتكررة بأعراض عضوية التي تكون مجرد انعكاس للاعتلال النفسي.
- استشاري طب الأطفال