منى المري: قضية المصداقية على رأس أجندة {منتدى الإعلام العربي}

رئيسة «نادي دبي للصحافة»: لـ «الشرق الأوسط» سنتصدى لتحديات المجال بالحوار

منى المري لدى إلقائها الكلمة الترحيبية في افتتاح دورة العام الماضي
منى المري لدى إلقائها الكلمة الترحيبية في افتتاح دورة العام الماضي
TT

منى المري: قضية المصداقية على رأس أجندة {منتدى الإعلام العربي}

منى المري لدى إلقائها الكلمة الترحيبية في افتتاح دورة العام الماضي
منى المري لدى إلقائها الكلمة الترحيبية في افتتاح دورة العام الماضي

تضع دبي اللمسات الأخيرة استعداداً لانطلاق الدورة السابعة عشر من منتدى الإعلام العربي غداً، في الوقت الذي تؤكد فيه منى المرّي، رئيسة نادي دبي للصحافة، الجهة المنظمة لمنتدى الإعلام العربي لـ«الشرق الأوسط» أن المنتدى سيناقش انعكاسات التحديات المحيطة بالإعلام، وغيرها من الموضوعات التي أخذت من واقع القطاع خلال الفترة الحالية. قالت المري إن التجمع سينظر في مستقبل القطاع، وآفاق التطوير القائمة على توظيف التقنيات المتقدمة من أبرزها «الذكاء الاصطناعي»، لا سيما في مجال الصحافة، ودور منصات التواصل الاجتماعي وتأثيرها وكيفية التعاطي معها، في الوقت الذي سيتم استعراض بعض التجارب الرائدة في مجال التحوّل الرقمي، وكيفية الاستفادة منها في العالم العربي.
وتحدثت رئيسة «نادي دبي للصحافة»، حول مشاركة وزير الخارجية البحريني في المنتدى، وتحديات الإعلام العربي الحالية، إضافة إلى جائزة الصحافة العربية التي تقام سنوياً على هامش المنتدى. وفيما يلي تفاصيل الحوار:
> ما المختلف في دورة المنتدى هذا العام؟
- حرصنا هذا العام على أن نواصل ما بدأناه قبل 16 عاماً؛ فكل دورة تميزت عن نظيرتها السابقة. أعتقد أن هذا التنويع الذي يتم تنفيذه بدقة وعناية كبيرة أحد أهم أسباب حفاظ المنتدى على مكانته طوال تلك الفترة كأبرز لقاء يجمع سنوياً رموز العمل الإعلامي في المنطقة والعالم وأهم الشخصيات المؤثرة في ساحته ضمن حوار يهدف إلى الوصول بإعلامنا العربي إلى أفضل صوره ليكون عوناً للمجتمعات العربية على تحقيق طموحاتها والتغلب على ما يواجهها من تحديات. يناقش المنتدى هذا العام علاقة التأثير والتأثر بين الإعلام والمجتمع في منطقتنا، ليكون الإعلام كما يتوقع منه شريكاً في عملية البناء للنهوض بأمتنا العربية وتمكينها من اللحاق بركب التقدم العالمي وتمكين شعوبها من تجاوز ما يعترض طريقها من معوقات وعراقيل. ومن الناحية التنظيمية، سيلاحظ المشاركون أن عدد جلسات «العشرين دقيقة»، التي استحدثناها في أجندة المنتدى قبل سنوات، قد زاد بشكل لافت هذا العام، وذلك نظراً لما تتيحه هذه النوعية من الجلسات من توسيع دائرة النقاش لاستعراض طيف أرحب من الموضوعات التي يتناولها متخصصون وخبراء من مختلف القطاعات الإعلامية وبمشاركة عالمية نهدف منها الوقوف على أفضل الممارسات الإعلامية وأهم التجارب التطويرية التي خاضها الإعلام العالمي. سيكون هناك كذلك مشاركة كبيرة من خبراء أهم المؤسسات الإعلامية العالمية وكذلك من مسؤولي شبكات التواصل الاجتماعي، وذلك لما للإعلام العالمي ولمنصات التواصل من تأثير مباشر وغير مباشر على إعلامنا العربي.
> اختار المنتدى شعار «تحولات إعلامية مؤثرة» ما الأسباب؟
- لا يخفى على أحد أن الإعلام من أكثر القطاعات تأثيراً في المجتمع وتأثَّراً بما يجري فيه من تطورات، ومن المؤكد أن تلك العلاقة الحية تمر بمراحل مختلفة يتأرجح فيها هذا التأثير وذاك التأثر بين الإيجابية والسلبية، على خلفية كثير من الأسباب، التي تعود في الأساس إلى المتغيرات السريعة والمتلاحقة، لا سيما خلال السنوات العشر الأخيرة سواء على مستوى التحولات السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية المحيطة بالإعلام، أو على صعيد التطور التكنولوجي الهائل الذي كان سبباً في تبديل كثير من المفاهيم والممارسات الإعلامية خلال تلك الفترة وما صاحبها من انتشار ظواهر جديدة عميقة التأثير مثل منصات التواصل الاجتماعي بما حملته من تحديات وفرص. ورأينا في هذه الدورة أهمية التوقف عند تلك التحولات والنظر فيها بشيء من التحليل للتوصل إلى تصورات واضحة لما يمكن القيام به لتأكيد المسار الصحيح لإعلامنا العربي، فهو يحمل مسؤولية كبيرة في اتجاه تفعيل حوار جاد وهادف يفتح المجال أمام تقديم تحليل شامل وأفكار ورؤى جديدة.
> ماذا ستضيف مشاركة الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة وزير الخارجية البحريني؟
- اليوم منطقة الخليج العربي أصبحت تشغل حيزاً كبيراً من الاهتمام الإعلامي بكل ما يجري فيها من تطورات وأحداث متعاقبة، وقد لا يختلف اثنان على حقيقة أن الإعلام كان دائماً حاضراً ومؤثراً في المشهد الخليجي خلال الفترة الماضية. وقد وجهنا الدعوة لوزير الخارجية البحريني للمشاركة في هذه الدورة من المنتدى على خلفية الدور الحيوي والنشط الذي تضطلع به البحرين بقيادة الملك حمد بن عيسى آل خليفة. كما كان لوزارة خارجية المملكة وعلى رأسها الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة الإسهام الأكبر في تأكيد الدور البحريني المؤثر عربياً وعالمياً. وفي ضوء تلك المعطيات، وجدنا أن مشاركته سيكون لها بالغ الأثر في إلقاء مزيد من الضوء على الأوضاع التي تمر بها المنطقة، وعلاقة الإعلام بها وكيف أثر فيها، والتأثير السلبي الذي أفرزته قلة من وسائل الإعلام التي تخلت عن القيم المهنية، ودور الإعلام النزيه في التصدي لتلك الانحرافات، حيث نتطلع للاستماع إلى آراء مسؤول خليجي رفيع موجود في قلب الأحداث ومشارك في صنعها حول كيفية تأكيد مساهمة الإعلام في التغلب على التحديات الراهنة وتعظيم الفرص المتاحة.
> ما أبرز التحديات التي تواجه الإعلام العربي؟
- هناك كثير من التحديات وحصرها مهمة صعبة سنتصدى لها بالحوار من خلال المنتدى، ولكن يمكنني أن أشير إلى أبرز تلك التحديات صاحبت التطورات الكثيرة والمتشعبة في المنطقة، وربما يأتي في مقدمتها تحدي «المصداقية» التي باتت اليوم على المحك بسبب كثير من العوامل، أبرزها تنافس وسائل الإعلام على تحقيق السبق دون التأكد بصورة كاملة من مصادر الأخبار. وهو ما يقودنا إلى تحدٍّ آخر وهو الأخبار الكاذبة والحقائق المغلوطة والوقائع المزيفة التي أضحت اليوم الآفة الأساسية التي تهدد الإعلام بصورة عامة، بما تلقيه على مؤسساته من مسؤولية ضخمة في اتجاه ضرورة التحقق من مصادر الأخبار والتدقيق فيها من أكثر من جهة، لكي لا يكون الإعلام شريكاً في نشر الزيف. ولكي يكون دائماً حائط الصد الذي تتداعى في مواجهته الأكاذيب حفاظاً على رسالة الإعلام ودوره في نقل الحقائق والتعريف بمجريات الأمور كما هي دون تجميل أو تشويه. وربما أسهمت في مفاقمة ذلك التحدي الانتشار الواسع لمنصات التواصل الاجتماعي، التي أصبحت اليوم تمثل المصدر الأول للأخبار لكثيرين لا سيما قطاع الشباب، بما يستدعيه ذلك من وضع الأسس والضوابط التي من شأنها إيجاد صيغ واضحة تسهم في تحجيم الانعكاسات السلبية المرتبطة بتناقل الأخبار والمعلومات.
> كيف استطاع المنتدى خلال السنوات الماضية إثراء الإعلام العربي؟
- وفَّر المنتدى منذ انطلاقه مظلةً جامعةً للإعلاميين العرب للحوار والنقاش حول أهم القضايا والموضوعات المتعلقة بمجالهم وصناعتهم، التي كانت دائماً مطروحة على طاولته. نعتز بكون المنتدى التجمع الأكبر لجميع رموز وقيادات المجتمع الإعلامي من الخليج إلى المحيط، ونتشرف باستضافة الأشقاء من مختلف ربوع عالمنا العربي في هذا التجمع الذي تتاح عبره الفرصة للوقوف على تطورات حال الإعلام والتعرض بطرح متوازنٍ وموضوعي لأهم التحديات وأبرز الفرص من أجل إيجاد صيغ واضحة للتعاطي معها بالأسلوب الأمثل.
حيث يشكل الحوار الخطوة الأولى في مسيرة التطوير، بينما تبقى مسؤولية وضع الأفكار المطروحة موضع التنفيذ العملي على الأرض على عاتق المؤسسات الإعلامية ذاتها. ولا شك أن هناك كثيراً من المؤسسات في مختلف ربوع عالمنا العربي قد استفادت بصورة كبيرة من هذا الحوار الشامل واسع النطاق ومتعدد المحاور، بينما لم تقتصر المنفعة على الحوار فحسب، بل قدّم المنتدى بمبادرة منه مرجعاً إعلاميّاً علمياً مهماً وهو «تقرير نظرة على الإعلام العربي» الذي خرجت منه إصدارات عدة موثّقة بالأرقام والحقائق ليكون بذلك المرجع العلمي الأول من نوعه في مجال الإعلام مُقدماً عوناً كبيراً لكل المعنيين بالشأن الإعلامي سواء من أصحاب المهنة أو الأكاديميين أو الدارسين، وكذلك من الخبراء المعنيين بالإعلام من خارجه.
> ما أبرز محاور المنتدى وما الأسس التي تم وضعها عند اختيارها؟
- حرصنا على أن تكون الموضوعات والمحاور مرتبطة بالأحداث والتطورات المحيطة على الساحتين العربية والدولية، وهذا العام سنسلط الضوء على التحولات الإعلامية التي تواكب الأوضاع الاستثنائية التي تمر بها المنطقة، بهدف تقديم تحليل شامل لمختلف جوانب المشهد الإعلامي العربي، وطريقة تعامله مع تلك التحديات، كما سنحاول رسم ملامح مستقبل الإعلام من خلال أفكار وإسهامات مجموعة من أبرز المفكرين والإعلاميين والأكاديميين وصُنّاع القرار الإعلامي على مستوى المنطقة والعالم. سيناقش المنتدى انعكاسات التحديات المحيطة على الإعلام، وكذلك تأثير الإعلام فيها، كذلك سننظر في مستقبل القطاع، وآفاق التطوير القائمة على توظيف التقنيات المتقدمة من أبرزها «الذكاء الاصطناعي»، لا سيما في مجال الصحافة على وجه الخصوص. منصات التواصل الاجتماعي وتأثيرها وكيفية التعاطي معها موضوعات ستكون أيضاً حاضرة في هذه الدورة، في حين سنستعرض كذلك بعض التجارب الرائدة في مجال التحوّل الرقمي، وكيفية الاستفادة منها في عالمنا العربي. ولم نغفل في هذه الدورة التأكيد على المعايير المهنية لمهنة الصحافة والإعلام بشكل عام، وما تتعرض له من ضغوط كبيرة تؤثر على حيادية الطرح ونزاهة المضمون، حيث ستتناول بعض الجلسات القيم الأساسية لمهنة الصحافة، والتصدي لصناعة التحريض والتضليل الذي يخدم مصالح بعينها.
> تُقام جائزة الصحافة العربية تزامناً مع ختام المنتدى، كيف تقيمين المشاركات هذا العام؟
- جائزة الصحافة العربية ومنذ انطلاقها في عام 2001 تمكَّنَت من إيجاد مكانة مميزة لها كأهم منصة للاحتفاء بالتميز الصحافي، ونجحت في تحقيق الرسالة التي انطلقت من أجلها والرؤية التي كانت وراء تأسيسها، وهي رؤية الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم إمارة دبي، حيث رأى ضرورة إيجاد حافز يشجع أهل الصحافة على اكتشاف مكامن جديدة في قدرتهم على الإبداع ودفع حدود التميز في الإنتاج الصحافي بمختلف أشكاله وقوالبه إلى حدود مستويات أعلى، وهو ما يتضح من خلال المشاركات السنوية، ليس فقط من منطلق الكمِّ الذي هو في ازدياد مطرد، ولكن أيضاً من ناحية الجودة، ولا أخفي سراً عندماً أقول إن عمليات تحكيم الجائزة أصبحت اليوم أكثر صعوبة، ليس فقط بسبب الأعداد التي وصلت في هذه الدورة إلى قرابة 6 آلاف عمل في جميع فئات الجائزة، ولكن أيضاً بسبب ارتفاع مستوى تلك الأعمال وهو ما يبرهن على اتساع دائرة التأثير الإيجابي لجائزة الصحافة العربية وهو أمر يسعدنا ويدفعنا لمزيد من التطوير لتأكيد مكانتها وترسيخ الثقة التي كونتها لدى مجتمع الصحافة العربية بمداد من النزاهة والموضوعية والحياد.


مقالات ذات صلة

تونس والسنغال تتراجعان في تقرير «مراسلون بلا حدود» السنوي لحرية الصحافة

العالم العربي تونس والسنغال تتراجعان في تقرير «مراسلون بلا حدود» السنوي لحرية الصحافة

تونس والسنغال تتراجعان في تقرير «مراسلون بلا حدود» السنوي لحرية الصحافة

أظهر التقرير السنوي لحرية الصحافة لمنظمة «مراسلون بلا حدود»، اليوم الأربعاء، أن تونس والسنغال كانتا من بين الدول التي تراجعت في الترتيب، في حين بقيت النرويج في الصدارة، وحلّت كوريا الشمالية في المركز الأخير. وتقدّمت فرنسا من المركز 26 إلى المركز 24.

«الشرق الأوسط» (باريس)
العالم غوتيريش يندد باستهداف الصحافيين والهجوم على حرية الصحافة

غوتيريش يندد باستهداف الصحافيين والهجوم على حرية الصحافة

ندّد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش اليوم (الثلاثاء)، باستهداف الصحافيين، مشيراً إلى أنّ «حرية الصحافة تتعرّض للهجوم في جميع أنحاء العالم». وقال في رسالة عبر الفيديو بُثّت عشية الذكرى الثلاثين لـ«اليوم العالمي لحرية الصحافة»، إن «كلّ حرياتنا تعتمد على حرية الصحافة... حرية الصحافة هي شريان الحياة لحقوق الإنسان»، وفقاً لما ذكرته وكالة الصحافة الفرنسية. وأضاف أن «حرية الصحافة تتعرّض للهجوم في جميع أنحاء العالم»، مشيراً إلى أنّه «يتمّ استهداف الصحافيين والعاملين في الإعلام بشكل مباشر عبر الإنترنت وخارجه، خلال قيامهم بعملهم الحيوي.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
العالم صحافي ليبرالي في الصين يواجه تهمة «التجسس»

صحافي ليبرالي في الصين يواجه تهمة «التجسس»

ذكرت جمعية تعنى بالدفاع عن وسائل الإعلام أن تهمة التجسس وجهت رسمياً لصحافي صيني ليبرالي معتقل منذ عام 2022، في أحدث مثال على تراجع حرية الصحافة في الصين في السنوات الأخيرة، حسبما أفادت «وكالة الصحافة الفرنسية». كان دونغ يويو، البالغ 61 عاماً والمعروف بصراحته، يكتب افتتاحيات في صحيفة «كلارتي» المحافظة (غوانغمينغ ريباو) التي يملكها الحزب الشيوعي الحاكم. وقد أوقف في فبراير (شباط) 2022 أثناء تناوله الغداء في بكين مع دبلوماسي ياباني، وفق بيان نشرته عائلته الاثنين، اطلعت عليه لجنة حماية الصحافيين ومقرها في الولايات المتحدة. وقالت وزارة الخارجية اليابانية العام الماضي إنه أفرج عن الدبلوماسي بعد استجو

«الشرق الأوسط» (بكين)
العالم العربي المغرب: أربعة من وزراء الإعلام السابقين يرفضون لجنة مؤقتة لمجلس الصحافة

المغرب: أربعة من وزراء الإعلام السابقين يرفضون لجنة مؤقتة لمجلس الصحافة

بدا لافتاً خروج أربعة وزراء اتصال (إعلام) مغاربة سابقين ينتمون إلى أحزاب سياسية مختلفة عن صمتهم، معبرين عن رفضهم مشروع قانون صادقت عليه الحكومة المغربية الأسبوع الماضي، لإنشاء لجنة مؤقتة لمدة سنتين لتسيير «المجلس الوطني للصحافة» وممارسة اختصاصاته بعد انتهاء ولاية المجلس وتعذر إجراء انتخابات لاختيار أعضاء جدد فيه. الوزراء الأربعة الذين سبق لهم أن تولوا حقيبة الاتصال هم: محمد نبيل بن عبد الله، الأمين العام لحزب «التقدم والاشتراكية» المعارض، ومصطفى الخلفي، عضو الأمانة العامة لحزب «العدالة والتنمية» المعارض أيضاً، والحسن عبيابة، المنتمي لحزب «الاتحاد الدستوري» (معارضة برلمانية)، ومحمد الأعرج، عضو

«الشرق الأوسط» (الرباط)
المشرق العربي «الجامعة العربية» تنتقد «التضييق» على الإعلام الفلسطيني

«الجامعة العربية» تنتقد «التضييق» على الإعلام الفلسطيني

انتقدت جامعة الدول العربية ما وصفته بـ«التضييق» على الإعلام الفلسطيني. وقالت في إفادة رسمية اليوم (الأربعاء)، احتفالاً بـ«يوم الإعلام العربي»، إن هذه الممارسات من شأنها أن «تشوّه وتحجب الحقائق». تأتي هذه التصريحات في ظل شكوى متكررة من «تقييد» المنشورات الخاصة بالأحداث في فلسطين على مواقع التواصل الاجتماعي، لا سيما في فترات الاشتباكات مع القوات الإسرائيلية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

استنفار الإعلام المرئي اللبناني على مدى 24 ساعة يُحدث الفرق

إدمون ساسين (إنستغرام)
إدمون ساسين (إنستغرام)
TT

استنفار الإعلام المرئي اللبناني على مدى 24 ساعة يُحدث الفرق

إدمون ساسين (إنستغرام)
إدمون ساسين (إنستغرام)

تلعب وسائل الإعلام المرئية المحلية دورها في تغطية الحرب الدائرة اليوم على لبنان.

نوع من «التجنيد الإجباري» فرضته هذه الحالة على المحطات التلفزيونية وموظفيها ومراسليها، فغالبيتهم يمضون نحو 20 ساعة من يومهم في ممارسة مهامهم. وبعضهم يَصِلون ليلهم بنهارهم في نقل مباشر وموضوعي، وآخرون يضعون دمهم على كفّ يدهم وهم يتنقلون بين مناطق وطرقات تتعرّض للقصف. أما رؤساء التحرير ومقدِّمو البرامج الحوارية اليومية، فهم عندما يحوزون على ساعات راحة قليلة، أو يوم إجازة، فإنهم يشعرون كما السمك خارج المياه. ومن باب مواقعهم ومسؤولياتهم الإعلامية، تراهم يفضلون البقاء في قلب الحرب، وفي مراكز عملهم؛ كي يرووا عطشهم وشهيّتهم للقيام بمهامهم.

المشهدية الإعلامية برمّتها اختلفت هذه عن سابقاتها. فهي محفوفة بالمخاطر ومليئة بالصدمات والمفاجآت من أحداث سياسية وميدانية، وبالتالي، تحقن العاملين تلقائياً بما يشبه بهرمون «الأدرينالين». فكيف تماهت تلك المحطات مع الحدث الأبرز اليوم في الشرق الأوسط؟

الدكتورة سهير هاشم (إنستغرام)

لم نتفاجأ بالحرب

يصف وليد عبود، رئيس تحرير الأخبار في تلفزيون «إم تي في» المحلي، لـ«الشرق الأوسط»، حالة الإعلام اللبناني اليوم بـ«الاستثنائية». ويضيف: «إنها كذلك لأننا في لبنان وليس عندنا محطات إخبارية. وهي، بالتالي، غير مهيأة بالمطلق للانخراط ببث مباشر يستغرق ما بين 18 و20 ساعة في اليوم. بيد أن خبراتنا المتراكمة في المجال الإعلامي أسهمت في تكيّفنا مع الحدث. وما شهدناه في حراك 17 أكتوبر (تشرين الأول) الشعبي، وفي انفجار مرفأ بيروت، يندرج تحت (الاستنفار الإعلامي) ذاته الذي نعيشه اليوم».

هذا «المراس» - كما يسميه عبود - «زوّد الفريق الإخباري بالخبرة، فدخل المواكبة الإعلامية للحرب براحة أكبر، وصار يعرف الأدوات اللازمة لهذا النوع من المراحل». وتابع: «لم نتفاجأ باندلاع الحرب بعد 11 شهراً من المناوشات والقتال في جنوب لبنان، ضمن ما عرف بحرب المساندة. لقد توقعنا توسعها كما غيرنا من محللين سياسيين. ومن كان يتابع إعلام إسرائيل لا بد أن يستشفّ منه هذا الأمر».

جورج صليبي (إنستغرام)

المشهد سوريالي

«يختلف تماماً مشهد الحرب الدائرة في لبنان اليوم عن سابقاته». بهذه الكلمات استهل الإعلامي جورج صليبي، مقدّم البرامج السياسية ونشرات الأخبار في محطة «الجديد» كلامه لـ«الشرق الأوسط». وأردف من ثم: «ما نشهده اليوم يشبه ما يحصل في الأفلام العلمية. كنا عندما نشاهدها في الصالات السينمائية نقول إنها نوع من الخيال، ولا يمكنها أن تتحقق. الحقيقة أن المشهد سوريالي بامتياز حتى إننا لم نستوعب بسرعة ما يحصل على الأرض... انفجارات متتالية وعمليات اغتيال ودمار شامل... أحداث متسارعة تفوق التصور، وجميعها وضعتنا للحظات بحالة صدمة. ومن هناك انطلقنا بمشوار إعلامي مرهق وصعب».

وليد عبود (إنستغرام)

المحطات وضغوط تنظيم المهام

وبالفعل، منذ توسع الحرب الحالية، يتابع اللبنانيون أخبارها أولاً بأول عبر محطات التلفزيون... فيتسمّرون أمام الشاشة الصغيرة، يقلّبون بين القنوات للتزوّد بكل جديد.

وصحيحٌ أن غالبية اللبنانيين يفضّلون محطة على أخرى، لكن هذه القناعة عندهم تتبدّل في ظروف الحرب. وهذا الأمر ولّد تنافساً بين تلك المحطات؛ كي تحقق أكبر نسبة متابعة، فراحت تستضيف محللين سياسيين ورؤساء أحزاب وإعلاميين وغيرهم؛ كي تخرج بأفكار عن آرائهم حول هذه الحرب والنتيجة التي يتوقعونها منها. وفي الوقت نفسه، وضعت المحطات جميع إمكاناتها بمراسلين يتابعون المستجدات على مدار الساعات، فيُطلعون المشاهد على آخر الأخبار؛ من خرق الطيران الحربي المعادي جدار الصوت، إلى الانفجارات وجرائم الاغتيال لحظة بلحظة. وفي المقابل، يُمسك المتفرجون بالـ«ريموت كونترول»، وكأنه سلاحهم الوحيد في هذه المعركة التنافسية، ويتوقفون عند خبر عاجل أو صورة ومقطع فيديو تمرره محطة تلفزيونية قبل غيرها.

كثيرون تساءلوا: كيف استطاعت تلك المحطات تأمين هذا الكمّ من المراسلين على جميع الأراضي اللبنانية بين ليلة وضحاها؟

يقول وليد عبود: «هؤلاء المراسلون لطالما أطلوا عبر الشاشة في الأزمنة العادية. ولكن المشاهد عادة لا يعيرهم الاهتمام الكبير. ولكن في زمن الحرب تبدّلت هذه المعادلة وتكرار إطلالاتهم وضعهم أكثر أمام الضوء».

ولكن، ما المبدأ العام الذي تُلزم به المحطات مراسليها؟ هنا يوضح عبود في سياق حديثه أن «سلامة المراسل والمصور تبقى المبدأ الأساسي في هذه المعادلة. نحن نوصيهم بضرورة تقديم سلامتهم على أي أمر آخر، كما أن جميعهم خضعوا لتدريبات وتوجيهات وتعليمات في هذا الشأن... وينبغي عليهم الالتزام بها».

من ناحيته، يشير صليبي إلى أن المراسلين يبذلون الجهد الأكبر في هذه الحرب. ويوضح: «عملهم مرهق ومتعب ومحفوف بالمخاطر. لذلك نخاف على سلامتهم بشكل كبير».

محمد فرحات (إنستغرام)

«إنها مرحلة التحديات»

وبمناسبة الكلام عن المراسلين، يُعد إدمون ساسين، مراسل قناة «إل بي سي آي»، من الأقدم والأشهر في هذه المحطة. وهو لا يتوانى عن التنقل خلال يوم واحد بين جنوب لبنان وشماله. ويصف مهمّته خلال المرحلة الراهنة بـ«الأكثر خطراً». ويشرح من ثم قائلاً: «لم تعُد هناك خطوط حمراء أو نقاط قتال محددة في هذه الحرب. لذا تحمل مهمتنا التحدّي بشكل عام. وهي محفوفة بخطر كبير، لا سيما أن العدو الإسرائيلي لا يفرّق بين طريق ومبنى ومركز حزب وغيره، ويمكنه بين لحظة وأخرى أن يختار أهدافه ويفاجئ الجميع... وهذا ما وضع الفرق الصحافية في خطر دائم، ونحن علينا بالتالي تأمين المعلومة من قلب الحدث بدقة».

وفق ساسين، فإن أصعب المعلومات هي تلك المتعلقة بالتوغّل البرّي للجيش الإسرائيلي، «فحينها لا يمكن للمراسل معرفة ما يجري بشكل سليم وصحيح على الأرض... ولذا نتّكل أحياناً على مصادر لبنانية من جهة (حزب الله)، و(اليونيفيل) (القوات الدولية العاملة بجنوب لبنان) والجيش اللبناني والدفاع المدني، أو أشخاص عاشوا اللحظة. ومع هذا، يبقى نقل الخبر الدقيق مهمة صعبة جداً. ويشمل ما أقوله أخبار الكمائن والأسر، بينما نحن في المقابل نفتقر إلى القدرة على معرفة هذه الأخبار، ولذا نتوخى الحذر بنقلها».

«لبنان يستأهل التضحية»

في هذه الأثناء، يتكلم مراسل تلفزيون «الجديد» محمد فرحات «بصلابة»، عندما يُسأل عن مهمّته الخطرة اليوم.

محمد كان من بين الفريق الإعلامي الذي تعرّض لقصف مباشر في مركز إقامته في بلدة حاصبيا، وخسر يومذاك زملاء له ولامس الموت عن قرب لولا العناية الإلهية، كما يقول. ويتابع: «لقد أُصبت بحالة إنكار للمخاطر التي أتعرّض لها. في تلك اللحظة عشت كابوساً لم أستوعبه في البداية. وعندما فتحت عيني سألت نفسي لبرهة: أين أنا؟»، ويضيف فرحات: «تجربتي الإعلامية ككل في هذه الحرب كانت مفيدة جداً لي على الصعيدين: الشخصي والمهني. من الصعب أن أُشفى من جروح هذه الحرب، ولكني لم أستسلم أو أفكر يوماً بمغادرة الساحة. فلبنان يستأهل منا التضحية».

العلاج النفسي الجماعي ضرورة

أخيراً، في هذه الحرب لا إجازات ولا أيام عطل وراحة. كل الإعلاميين في مراكز عملهم بحالة استنفار. ولكن ماذا بعد انتهاء الحرب؟ وهل سيحملون منها جراحاً لا تُشفى؟

تردّ الاختصاصية النفسية الدكتورة سهير هاشم بالقول: «الإعلاميون يتعرضون لضغوط جمّة، وفي الطليعة منهم المراسلون. هؤلاء قد لا يستطيعون اليوم كشف تأثيرها السلبي على صحتهم النفسية، ولكن عند انتهاء الحرب قد يكون الأمر فادحاً. وهو ما يستوجب الدعم والمساندة بصورة مستمرة من مالكي المحطات التي يعملون بها». وأضافت الدكتورة هاشم: «ثمة ضرورة لإخضاعهم لجلسات علاج نفسية، والأفضل أن تكون جماعية؛ لأن العلاج الموسمي غير كافٍ في حالات مماثلة، خلالها يستطيعون أن يساندوا ويتفهموا بعضهم البعض بشكل أفضل».