حسين شبكشي
رجل أعمال سعودي، ومستشار اقتصادي لعدد من الشركات الخليجية الكبرى، وعضو مجلس إدارة ورئيس مجلس إدارة في عدد من الشركات السعودية والأجنبية. نشر العديد من المقالات في مجالات مختصة، وفي صحف ومجلات عامة في العالم العربي. اختير عام 1995 «أحد قادة الغد» من قبل «المنتدى الاقتصادي العالمي» في دافوس. أول رجل أعمال سعودي وخليجي ينضم إلى «منتدى أمير ويلز لقادة الأعمال».
TT

وزير وكتاب ومستقبل!

الوزراء العرب مقلون جداً في إصدار الكتب، والسعوديون منهم الذين قاموا بذلك قلة معدودة. وعادة ما تكون الكتب عبارة عن سيرة ذاتية أو مذكرات شخصية لأهم المحطات العملية والدروس والعبر المستفادة من رحلة عمر طويلة غنية بالمواقف المؤلمة والمفرحة.
هذه هي مجمل تجارب إصدار الوزراء من كتب. ولذلك كما كانت مفاجأة سارة عندما اطلعت وقرأت كتاب «المستقبل» للوزير السعودي المخضرم نزار عبيد مدني.
والكتاب بحسب وصفه يقدم تأملات استشرافية في التطورات والتغيرات العلمية والتقنية والأوضاع السياسية المتوقعة في القرن الحادي والعشرين. الدكتور نزار مدني هو وزير الدولة للشؤون الخارجية في السعودية، وهو رجل دولة من طراز نادر، وله خبرة غير قليلة في العمل الرسمي ولذلك يؤخذ كتابه بالجدية والاحترام. كل من يعرفني يدرك تماما أن لدي شغفا عظيما بكل ما له شأن بالرؤى المستقبلية، وأن أي دراسة أو كتاب أو جهد محترم لخوض تلك المسألة يلقى مني التقدير الكبير والاحترام الهائل، لأنه مسار لا يختاره كثيرون ونحن في أمس الحاجة إليه.
ويمنح الكاتب مساحة كبيرة ومستحقة لأثر التقنية على الحياة العامة مستقبلا، ويحدد القطاعات التي ستشهد أكبر التغيرات ولا يكتفي بذلك بل يتعرض لـ«شكل» الرأسمالية المتوقعة في المستقبل جراء هذه التغيرات العظيمة في التقنية الحديثة والسريعة، وكيف أن الرأسمالية ستتغير لتصبح أكثر شعبوية ومتاحة للعامة بدلا من أن كانت محصورة لدى النخبة. والكتاب الذي أعد بشكل جيد، وكان غنيا بالمراجع والمصادر والتوثيق المهني والمحترف توغل في الأثر المستقبلي مع التغيرات الهائلة التي يتحدث عنها على قطاعات الإعلام والطب والتعليم.
ويدخل أيضا مع القارئ إلى منطقة اختصاصه وخبرته الكبيرة، وتحديدا المجال السياسي الدبلوماسي والعلاقات الدولية، ويتوقع أن التقنية ستؤثر بالسلب والإيجاب على مكانات دول بعينها ومناطق وقارات حول العالم، ويتوقع تغيرا في النظام العالمي التقليدي، ويتوغل بعمق أكبر ليظهر الأثر المتوقع لكل ذلك على العالم العربي ومنطقة الخليج العربي أيضا.
الكتاب يعتمد على قراءة نزار مدني الشخصية لما هو قادم ومتوقع بحكم دراسته وخبرته، ولكنه أيضا يعتمد في الطرح على مراجع علمية وكتب وأوراق بحثية ذات مصداقية مهمة ومكانة محترمة جدا، مما يعطي الكتاب المكانة اللائقة، ويمنحه القدر الكافي المستحق للقراءة والتعليق.
من اللافت جدا والمهم جدا الإشارة إلى أن هذا الكتاب المهم يجيء في بلد مشغول بالحديث والعمل تحت خطة مستقبلية بامتياز وهي «رؤية 2030»، وبالتالي الإحساس بأهمية المستقبل مطلب جوهري وأساسي لإنجاح هذه الرؤية بعد سنوات من الانغماس في الماضي بشكل حصري.
استمتعت بكتاب مهم وفي توقيت لافت، وأهم ما يميز الكتاب مرة أخرى هو فكرة الحديث عن المستقبل نفسها، وخصوصاً من مسؤول مخضرم ومحترم قضى عمرا في خدمة الدولة بامتياز وجدارة، كم هي مفاجأة سارة أن أختار الحديث عن الغد بدلا من التركيز على الأمس.