جوناثان برنستين
TT

4 يوليو جعل أميركا استثنائية؟

الاحتفال بيوم 4 يوليو (تموز)، ذكرى يوم الاستقلال، بات وشيكاً. فهو أحد أيام العطلة المفضلة بالنسبة لي لكثير من الأسباب، أهمها انتشار الأعلام في كل مكان، وسماع الأغاني الوطنية، ومشاهدة الألعاب النارية. غير أنني لا أشعر بالراحة من وضع القوة العسكرية الأميركية في بؤرة تلك المناسبة.
ومن دون تحفظات، فأنا كلياً مع الاتفاق الذي توصلنا إليه عقب الحرب في فيتنام بأننا جميعاً مع الجيش بصرف النظر عن رأينا في الحرب التي خاضها. نحن لدينا مناسبتان قوميتان نحتفل فيهما بهؤلاء المحاربين، وهذا ما نراه مناسباً وكافياً.
يوم 4 يوليو يجب أن يكون احتفالاً بالشيء الذي جعل من الولايات المتحدة الأميركية دولة استثنائية، وتلك هي السياسة.
فالولايات المتحدة بدأت كتجربة سياسية بوثيقة تأسيسية، لا تعلن عن كياننا كشعب يحيا فوق قطعة أرض، يدين بديانة ما أو يتحدر من عرق ما، أو من ثقافة ما، بل وثيقة تقول إن «جميع الناس متساوون». فقد اكتملت الثورة بصياغة دستور سن سياسة البلاد، وثورة بمشاركة عامة الناس. وليس من باب المبالغة القول إنه بالنسبة للمزارعين، كانت القدرة على المشاركة السياسية هي الغرض الأساسي الذي تأسست من أجله البلاد.
لكننا نشعر بالخجل من هذه الفكرة الآن لكثير من الأسباب غير المفهومة، جملة وتفصيلاً. فبالنسبة للكثيرين، باتت «السياسة» مرتبطة بأسوأ ما في ثقافة شعبنا، لا بقدرتنا الأساسية على اتخاذ قرار جمعي بشأن طريقة تنظيم حياتنا كأميركيين. ربما أصبحنا أفضل في تخليد جيل الثورة، لكننا بتنا أسوأ في تحقيق ذلك مع أبطال القرن العشرين.
ومع ذلك، ما زلنا نشارك في السياسة، سواء كمحافظين أو كليبراليين، جيلاً بعد جيل، سواء كان في «حزب الشاي» أو «المقاومة» أو في المسيرات التي تنظم لغرض محدد، مثل الدعاية لتطبيق حديث، أو وسط مسيرة لمجموعة منظمة موجودة من قبل اختراع التليفون والتلغراف. ورغم أنه من المنطقي أن تقلق بشأن تأثيرات «الهواية» - عكس الاحترافية - والاندفاع للمشاركة، وأن تفعل شيئاً ما حيال ما يعتقد الإنسان أنه خطأ، فإن هذا هو بالضبط ما تأقلم عليه الناس.
ولذلك، خذ وقتك هذا العام في الرابع من يوليو للاحتفال بالمشاركة السياسية، سواء بدافع شخصي أو لمشاركة جموع الناس. كرموا كل من انضم إلى عضوية جماعات المصالح، واكسبوا ود مجالس المدينة ومشرعي الدولة وأعضاء البرلمان.
خذ وقتك في التعبير عن تقديرك للمواطنين الذين ستنهمر مكالماتهم الهاتفية على البرلمان عند مناقشة مشروع قانون مهم، وخذ وقتك في التعبير عن المشاركين في التجمعات الجماهيرية بقبعاتهم السخيفة (سواء كانوا من حزب الشاي أو من المناوئين لترمب)، الذين يصطفون لحضور الاجتماعات التي تعقد في قاعة المدينة الرئيسية، خصوصاً عندما يتطلع الساسة إلى الظهور بمناطقهم. احتفلوا بشجاعة كل من يقف للحديث في اجتماع للمرة الأولى، سواء كان عمره 15 عاماً أو 85 عاماً.
تلك المناسبة هي أيضاً فرصة لتتذكر أن الديمقراطية لن تنجح من دون العاملين في الأحزاب، ممن يضعون الورق داخل الأظرف، ويعلقون اللافتات على الأبواب، والذين يجلسون على الطاولات في اللجان الانتخابية، والذين ما زالوا يجوبون اللجان الانتخابية في كثير من الأماكن للتعرف على الناخبين في الضواحي.
لن يعمل النظام السياسي الأميركي من دون الساسة، لكن ليست هناك فائدة من ورائها، إن عملت من دون المواطنين المستفيدين من طريقة إدارة البلاد والمشاركة السياسية فيما هو أبعد من مجرد التصويت كل عامين أو ثلاثة. يجب أن تكون المشاركة السياسية متاحة للجميع، ومن ضمن فضائل النظام الديمقراطي هو أنه يتعين عليها حماية حقوق حتى غير المشاركين في العملية السياسية. لكن الديمقراطية، خصوصاً الأميركية، تعني أيضاً منح الفرصة لأي فرد في المشاركة المجدية في اتخاذ القرار الجمعي.
* بالاتفاق مع «بلومبيرغ»