حسين شبكشي
رجل أعمال سعودي، ومستشار اقتصادي لعدد من الشركات الخليجية الكبرى، وعضو مجلس إدارة ورئيس مجلس إدارة في عدد من الشركات السعودية والأجنبية. نشر العديد من المقالات في مجالات مختصة، وفي صحف ومجلات عامة في العالم العربي. اختير عام 1995 «أحد قادة الغد» من قبل «المنتدى الاقتصادي العالمي» في دافوس. أول رجل أعمال سعودي وخليجي ينضم إلى «منتدى أمير ويلز لقادة الأعمال».
TT

الحرب الإلكترونية العالمية!

أصبحت الهجمات الإلكترونية الكبرى أكثر تكراراً وأكثر قوة وضراوة حتى باتت تحتل عناوين الأخبار. ويتناول الخبر عادة الموضوع وتفاصيل الهجمة وأضرارها، ولكن دائما يغيب الفاعل والمتسبب في الموضوع نفسه. ومن الواضح أن الهجمات زادت حدتها وباتت تختار أهدافاً أهم وأكثر تأثيراً. إلى الآن الموضوع يصنف وكأنه هجمات عابرة، ضربات سريعة توجع ولكن سرعان ما يتم معالجة الآثار الناتجة عنها.
ويبقى السؤال المنتظر وهو الذي ربما يخشى الجميع طرحه على الملأ، متى ستنطلق الحرب العالمية الإلكترونية؟ فهذه الهجمات بمثابة اختبارات لقوى الدفاع الموجودة لدى الأطراف الأخرى، كل هذا ما هو إلا تمهيد لحراك أكبر وأعظم يصفه المراقبون والمختصون بأنه سيكون بمثابة حرب عالمية، ولكنها إلكترونية، في هذه الحالة وعواقبها أقل ما يمكن أن توصف به هي الكارثية.
حجم الاعتماد على الشبكة الإلكترونية اليوم بات خطيراً، فالسيارات والطيارات والمطارات ومحطات الكهرباء وشبكات الاتصال والبنوك وغيرها كلها تعتمد على الشبكة الإلكترونية، وهي مسألة تجعلها عرضة لخطر الاختراق المدمر، وهذا متى ما يحدث فستكون النتيجة شللاً كاملاً يعطل كل شيء بمعنى كل شيء.
هناك مثال دوماً ما يتم الاستشهاد به لإجراء المقارنة وهو حالة الذعر التي انتشرت مع حلول عام 2000 والتحذير من توقعات وسيناريوهات كارثية بسبب تغير التاريخ الآلي وتبعات ذلك المخيفة، حسب ما كان يقال وقتها، ولكن اليوم الوضع تغير.
حكومات كثيرة تضع اليوم في اعتباراتها وسائل حماية حدودها الإلكترونية جزءاً من منظومة أمنها الوطني وتخصص لها ميزانيات وأفراداً ومعدات. هناك من الهجمات ما يعلن عنه وهناك ما لا يعلن عنه.
اليوم الإنترنت والشبكة الإلكترونية عالم افتراضي شبيه بالحياة نفسها فيها الصالحون، ولكن فيها أيضا المجرمون والأشقياء والإرهابيون. وما كان يروج له في أفلام الخيال العلمي وأفلام الجاسوس البريطاني الأشهر جيمس بوند عن محاربته مجرمين لديهم طموح بحكم العالم من خلال الاختراق الإلكتروني لم يعد من صنع الخيال، ولكنه واقع تعيشه كثير من الدول، تتعرض شركات الشحن والطيران والمصارف وشركات الاتصالات إلى هجمات شبه يومية، مختلفة في أحجامها، وبالتالي في تأثيرها، ولكنها تبقى في أقل تقدير شديدة الخطورة والإزعاج وتشكل تهديداً.
الحروب الذكية هي حروب المرحلة القادمة التي سيتم الاعتماد فيها على إحداث أكبر قدر من الأضرار لدى «العدو» وشل وتعطيل قدراته بأقل قدر ممكن من التكلفة والخسائر من قبل من قام بالهجوم.
هناك ضربه هائلة يجري التسخين والإعداد لها، ضربة موجعة جدا وما المناوشات بين الروس وكوريا الشمالية والولايات المتحدة وغيرها من الدول سوى تجارب استعدادات لتقييم الضربة الكبرى، التي ستكون ليست بأقل من إعلان حرب متكاملة، ولكن في الفضاء الإلكتروني، وكلما زاد الاعتماد على الشبكة الإلكترونية، كانت التكلفة أشد وأوقع وأكثر وجعا وإيلاما.
الحرب الإلكترونية قادمة لا محالة وما نراه اليوم ما هو إلا إرهاصات لما هو آت وقادم.